لولا شوية المراهقين ممن خرجوا فى 25 يناير، وتحولهم الخطير من دعوتهم لإسقاط نظام إلى إسقاط بلد وجيش، لكانت البلاد ستحتفل بهذه المناسبة دون أى غضاضة، ولكن هؤلاء المراهقين حاولوا تشويه جيش مصر وتشويه سمعة مصر من خلال محاولة فرض أجندتهم الشاذة، وأجندة من يمولهم بالدولار واليورو والشيكل، لهذا كرهنا أفعال هؤلاء الصبية والمراهقين، ولكن كنت دائمًا ما أكتب عن أهمية ماحدث فى يناير رغم ركوب الإخوان لها وتحويلها من مظاهرات ضد طاغية إلى ثورة وثوار وشهداء وغيرها من المصطلحات «المجعلصة» و«البراقة» وللأسف سار وراء الإخوان الآلاف الذين تورطوا فى مؤامرة إسقاط مصر، وعمومًا فإننا ومهما اختلفنا حول ما حدث فى 25 يناير 2011، ومهما خرجت التوصيفات بأنه «ثورة» أو «مؤامرة» أو «انتفاضة» أو «هوجة» أو «انقلاب» فإننا جميعا اتفقنا على شىء واحد، وهو أن هذا الشهر شهد سقوط الرئيس المخلوع مبارك وعائلته ونظامه وحاشيته من على «ضهر» المصريين الذين ظلوا لأكثر من 30 عامًا يخططون لأن تكون مصر وراثية، بالرغم من الرفض الشعبى والعسكرى لهذا السيناريو، إلا أن الجميع كان يشعر بأن مصيره هو استمرار أسرة مبارك فى «ركوب» المصريين لمدة 30 عامًا أخرى، وأن آل مبارك هم قدر مصر رغم أن أغلب الأجهزة السيادية، وعلى رأسها الجيش، كانت رافضة لتوريث حكم مصر، باعتبار أن الجيش هو من قضى على حكم الأسر عندما فجر أعظم ثورة فى التاريخ الحديث، وهى ثورة 23 يوليو 1952.
والحقيقة أنه ومنذ عام 2005، كنا جميعًا على يقين أن دولة فساد عصر مبارك قد انتهت، ولم تعد تصلح لأن تستمر، وكان لدينا ألف سبب لانهيار دولة هذا الرئيس الذى أعطاه الله فرصة تاريخية فى هذا التاريخ أن يكفر عن سيئاته التى ارتكبها ضد شعبه، ولكن عناده وحاشية السوء جعلته يرفض هذه الفرصة التاريخية، ويبدو أن الله أراد أن يؤجل انهيار دولة مبارك إلى يوم 11 فبراير 2011، لتكون نكبة حقيقية ليس لمبارك فقط، بل لكل رموز حكمه والذى أجبر على التنحى، والحقيقة أن حياة مبارك قبل شهر يناير 2011 لم يكن بها أى دراما حقيقية.. فحياته هادئة، وربما تصل إلى حد الملل، فالرجل دخل الكلية العسكرية وأصبح طيارًا وحارب الحروب الثلاثة الأخيرة لمصر مع العدو الصهيونى، وآخرها حرب أكتوبر 1973، ثم اختير نائبًا لرئيس الجمهورية الرئيس الراحل أنور السادات، ثم رئيسًا لمصر لمدة 30 عامًا، وهى فترة الجمود لكل شىء فى مصر، ولكن ومنذ 11 فبراير وتنحى مبارك عن حكم مصر، تغيرت وجهة نظرى، والسبب أن كل يوم منذ 25 يناير وحتى الآن يصلح فيلمًا سينمائيًا مأساويًا، بعنوان «نكبة آل مبارك»، فمبارك الذى كان يعيش مثل ملوك ألف ليلة وليلة، بدأ ينهار كل شىء من حوله بسبب عناده، وتسلط زوجته، وأحلام ابنه بأن يرث أرض مصر وما عليها، كل هذه المشاهد يمكن أن تكون فيلمًا سينمائيًا ينتهى بسجن مبارك أو براءته.
وإذا كان مبارك وأسرته، هم أبطال هذه المأساة، فإن مرسى وجماعته لن يكونوا سوى كومبارس فى هذا الفيلم، لأنهم بعد أن ورثوا حكم مصر من آل مبارك، تحولت مصر فى عهدهم إلى كومبارس فى كل القضايا، ولم يعد لمصر كلمة على أى دولة، وفقدنا نفوذنا فى كل الملفات، وهو ما سيجعل أى مؤلف للفيلم يبدأ ببيان نائب رئيس الجمهورية، الراحل اللواء عمر سليمان، والذى خلع بموجبه مبارك من على عرش مصر، ويتخلله مأساة مبارك وأسرته فى سجون مصر، هذا السيناريو لو تم تصويره فى فيلم، فسيكون فيلم الموسم بلا منازع، لأنه سيحكى مأساة مصر كلها فى شهر واحد فقط تبدأ من 25 يناير 2011 وتنتهى فى 11 فبراير 2011. هذه هى حكاية رئيس ظلم شعبه فعزله شعبه لينهى أسطورة تأليه الرئيس لتبدأ دولة الرئيس الموظف فى مصر.