أثار قرار إدانة الجندى الإسرائيلى "اليؤور أزاريا" قاتل الجريح الفلسطينى عبد الفتاح الشريف، بعد إصابته وسقوطه على الأرض دون أن يشكل أى تهديد، عاصفة غضب كبيرة فى إسرائيل، سواء على مستوى الشارع الإسرائيلى اليمينى المتطرف، أو على المستوى السياسى ليس اليمينى فقط ولكن اليسارى أيضًا.
وبعد الحكم بإدانة الجندى القاتل، مؤخرا، سارع أقطاب اليمين المتطرف وعلى رأسهم رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، ووزيرة الثقافة والرياضة من حزب "الليكود" ميرى ريجيف، ووزير التعليم من حزب "البيت اليهودى" المتشدد نفتالى بينت، إلى المطالبة بالعفو التام عن الجندى القاتل، حتى قبل صدور الحكم النهائى وتحديد العقوبة.
عملية القتل للفلسطينى على يد الجندى القاتل اليؤور أزاريا
وركزت جميع وسائل الإعلام والصحف الإسرائيلية على مدار اليومين الماضيين عناوينها الرئيسية وعشرات الصفحات الداخلية لتغطية هذا الحدث، سواء من داخل قاعة المحكمة العسكرية، وقرأت رئيسة الهيئة القضائية قرار الحكم، حيث تظاهر المئات من أنصار اليمين المتطرف ضد المحاكمة وقادة الجيش والحكومة.
قبل جلسة الحكم على الجندى القاتل اليؤور أزاريا
الكنيست والحكومة يهاجمان القضاء
وفى الكنيست لم يتردد بعض المسئولين الكبار فى الحكومة والائتلاف الحكومى بالتشكيك فى إجراءات المحاكمة إلى حد اعتبارها "صورية ذات نتائج معروفة مسبقا".
وتناولت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية قرار المحكمة العسكرية بالإجماع، يوم الأربعاء الماضى إدانة الجندى العريف اليؤور أزاريا بالقتل، موضحة أن القرار جاء بعد 9 أشهر من قتله للمواطن الفلسطينى الجريح فى مدينة "الخليل".
وقالت الصحيفة العبرية إنه على مدار 3 ساعات تقريبا، علل القضاة رفضهم لادعاءات أزاريا ومحاميه، وحددوا بأنه لم يطلق النار من خلال الشعور بالخطر، وإنما لأنه قرر "بأن الفلسطينى يستحق الموت"، وانتقد القضاة أزاريا وقالوا إنه عرض رواية "متطورة وملتوية"، وأدانوه، أيضا بالسلوك غير الملائم، فيما أعلن محامو أزاريا أنهم سيستأنفون على القرار.
قاعة المحكمة والجندى القاتل اليؤور ازاريا
وحدد القضاة أنه لا يوجد خلاف على أن الجندى المتهم لم يشخص وجود عبوة على جسد الفلسطينى، ولذلك فإنه لا يوجد مبرر لإطلاق النار عليه، كما رفض القضاة ادعاءات الدفاع وحددوا بأن الشريف توفى جراء العيار الذى اطلقه أزاريا على رأسه.
كما حدد القضاة أن الرواية التى تدعى تخوف أزاريا من وجود عبوة جاءت بعد مشاوراته مع محاميه فقط، وفى هذا الشأن قالت رئيسة الهيئة القضائية العقيد "مايا هيلر" إن قاعدة الأدلة تدل على أنه بعد قيام أزاريا بالحديث مع محاميه قام بطرح الادعاء بشأن العبوة المتخيلة، هذه هى الرواية التى أدلى بها أمام الشرطة العسكرية، لكنه قبل محادثته مع محاميه لم يذكر بتاتا تخوفه من عبوة.
رئيسة القضاة فى إسرائيل ميريام ناور
رفض كل ادعاءات أزاريا
قرار الحكم على أزاريا والذى امتد على 97 صفحة، لا يترك أى ادعاءات من ادعاءات المحامين إلا ويرد عليه، وعلى مدار حوالى 3 ساعات، قرأت القاضية "هيلر" الرد على كل رواية من الروايات التى طرحها أزاريا، وكل ادعاء عرضه طاقم المحامين، وكان قرارها قاطعا فى النهاية، وبموافقة كل القضاة، بأنه تم إثبات أسس ارتكاب جريمة القتل بشكل يفوق أى شكل من الشك المعقول.
والادعاء الأساسى الذى حاول أزاريا من خلاله تبرير إطلاق النار كان الخوف من وجود عبوة على جسد "عبد الفتاح الشريف"، وقال إنه سمع صراخا وشاهده يرتدى معطفا أسود ومنفوخا، فتخوف على حياته وحياة المتواجدين من حوله، لكن تحليل قرار الحكم يبين أن القضاة أثبتوا عدم اتفاق ادعاءات أزاريا مع الحقائق والأدلة.
الجندى القاتل أزاريا
وفى السياق نفسه، أبرزت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية رفض القضاة لوجهة النظر التى قدمها البروفيسور يهودا هيس، المدير السابق لمعهد الطب الشرعى، الذى فصل من عمله فى 2012 على خلفية "قضية الخلايا"، حيث ادعى هيس، الذى حضر بطلب من الدفاع، أن "الشريف" كان ميتا عندما أطلق عليه أزاريا النار، وحدد فى وجهة نظره بأن موته نجم عن فشل حاد فى الجهاز التنفسى، إلى جانب دخول الهواء الى القلب والدماغ بعد إصابته فى الرئة اليمنى بعيارين، ولا يمكن نفى إمكانية أن إصابة العيار لرأس الميت جاءت بعد وفاته.
فى المقابل استمعت المحكمة إلى شهادة الدكتور هداس جيبس، من معهد الطب الشرعى، والتى قامت بتشريح جثة الفلسطينى الشهيد، واستنتجت أن العيار الذى أطلقه أزاريا هو الذى قتل "الشريف".
قرار الحكم بعد أسبوعين والعائلة تدرس الاستئناف
وقد أوضح محامو الجندى القاتل بعد سماع قرار الإدانة بأنهم يستعدون لتقديم استئناف ضد إدانة أزاريا بالقتل.
الجندى القاتل اليؤور أزاريا بعد الحكم عليه
وأعلن شارون جال، المقرب من العائلة، أن المحامى يورام شفطل سينضم إلى طاقم المحامين، وإلى أن يتم ذلك يجب أن يصدر قرار الحكم على أزاريا والعقوبة التى ستفرض عليه، من قبل القضاة الثلاثة العقيد هيلر، العقيد وهبى، والمقدم سيطبون. ومن المنتظر أن يتم ذلك خلال الأسبوعين القريبين.
بينما قالت صحيفة "يسرائيل هيوم" إنه قبل دخولهم إلى قاعة المحكمة كان أبناء عائلة أزاريا متوترين، وانفجرت أمه بالبكاء فيما تم استقبال اليؤور بالتصفيق والاحتضان مع دخوله إلى القاعة، حيث جلس بين والدته وصديقته.
أثناء محاكمة الجندى القاتل اليؤور أزاريا
وخلال قراءة قرار المحكمة ساد شعور صعب بين أفراد أسرته ورفاقه فى القاعة، وقامت إحدى المتواجدات فى القاعة بالصراخ "يساريون مقرفون" وخرجت من القاعة، وتم إخراج أخرى بعد أن صرخت: "ابنى فى موديعين لن يذهب إلى الجيش غدا". وصرخت والدة أزاريا: "هذه لعبة مبيوعة".
تهديد بقتل رئيس الأركان
عقب إعلان الحكم على الجندى القاتل اندلعت مظاهرات من جانب نشطاء اليمين اليهودى المتطرف، ورافقت المظاهرة التى جرت أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية "الكرياه" فى تل أبيب، خلال وبعد قرار الحكم على أزاريا، ورددت هتافات وصلت إلى حد تهديد رئيس الأركان الإسرائيلى الجنرال جادى ايزنكوت بالقتل، وقد رفع المتظاهرون لافتات ورددوا هتافات ضد القضاة ورئيس الحكومة ورئيس الأركان ورجال الإعلام البارزين.
وصرخت مجموعة من المتظاهرين المتطرفين قائلين: "جادى.. جادى.. احذر، رابين يبحث عن صديق" - فى إشارة لتهديد رئيس الأركان جادى ايزنكوت بمصير مشابه لرئيس الحكومة الأسبق يتسحاق رابين الذى قتله يمينى متطرف بعد توقيع اتفاقية أوسلو.
مظاهرات مؤيدة للجندى القاتل اليؤور أزاريا
وخلال قراءة قرار المحكمة، وقبل إعلان إدانة أزاريا، اندفع المتظاهرون إلى شارع كابلان وسدوه طوال عدة دقائق، ودخلوا فى مواجهة مع الشرطة الإسرائيلية، وحاول بعضهم الاعتداء على أفرادها. وكان بين المتظاهرين نشطاء من تنظيمات اليمين المتطرف "لهباه" و"لافاميليا"، وتم اعتقال 4 متظاهرين بتهمة تهديد رئيس الأركان بالقتل، وبعد عودة المتظاهرين إلى الرصيف انضم إليهم النائب نافا بوكير من حزب "الليكود".
وقرر الجيش تعزيز الحماية حول طاقم القضاة فى محاكمة أزاريا، مايا هيلر وكرمل وهبى ويارون سيطبون، وكذلك المدعى العسكرى نداف فايسمان.
حملة للإفراج عن الجندى القاتل اليؤور أزاريا
اشتعال مواقع التواصل الاجتماعى
وقالت "يسرائيل هيوم" إن مواقع التواصل الاجتماعى فى إسرائيل اشتعلت بعد صدور الحكم على الجندى أزاريا، حيث أعربت بعض المنشورات عن دعم الجندى وأسرته، بينما كانت هناك منشورات حرضت على رفض الخدمة فى الجيش الإسرائيلى.
وفى بعض المنشورات التى كتبت فى موقع "فيس بوك" وردت تصريحات بالغة وصلت حد الدعوة إلى تمرد عسكرى، ومن بينها: "اليؤور دخل السجن؟ كلنا سندخل السجن" و"لن نخدم فى جيش كهذا".
مظاهرات اليمين اليهودى المتطرف ضد رئيس الأركان
وتوافقت هذه المنشورات مع هتافات مشابهة سمعت خلال المظاهرة فى منطقة "الكرياه" فور صدور قرار الإدانة، ففى إحدى الصور التى نشرت على فيس بوك ظهرت الدماء تسيل من أيدى الجنود، بينما كتب على بطاقة مرافقة: "الجهاز القضائى أنت تقتلنا من الداخل".
ووفق شركة "vigo" المتخصصة فى تحليل الحوار على مواقع التواصل الاجتماعى فإن قضية أزاريا كانت أكثر موضوعا تم تداوله على الشبكات الاجتماعية فى 2016، حيث بلغ عدد المنشورات 400 ألف، كما رصدت تصريحات متطرفة، شملت الشتائم والتهديد بـ4000 شتيمة ودعوة إلى ممارسة العنف ضد القاضية هيلر بـ2500 شتيمة ودعوة لممارسة العنف ضد رئيس الأركان بـ1000 شتيمة ضد المحكمة، وكذلك تصريحات ضد الرئيس الإسرائيلى رؤوفين ريفلين الذى لم يصرح حتى الآن فى موضوع العفو.
صورة الجندى القاتل اليؤور أزاريا
نتنياهو على رأس المطالبين بالعفو
وقالت "هاآرتس" إن نتنياهو نشر مؤخرا بيانا يعلن فيه دعمه للعفو عن الجندى اليؤور أزاريا، وجاء فى البيان المقتضب الذى نشره على صفحته فى فيس بوك: "إن هذا يوم صعب ومؤلم لنا جميعا، أولا للجندى اليؤور أزاريا وعائلته، ولعائلات جنودنا وأنا من بينهم". داعيا إلى التصرف بمسئولية تجاه الجيش وقادته ورئيس الأركان.
وقبل ذلك قال وزير الدفاع السابق، موشيه يعالون، فى شريط مصور نشره على صفحته فى فيس بوك: "إن سبب استمرار المحكمة لفترة طويلة هو الاستغلال الساخر للحادث من قبل سياسيين أصحاب مصلحة، لمصلحتهم الشخصية، بدل قيامهم بالقيادة استغلوا اليؤور وعائلته من أجل تحقيق عدة مقاعد، لقد كذبوا عليكم. أنا أخجل بهؤلاء السياسيين".
الجندى القاتل اليؤور أزاريا ونتنياهو
فيما قال وزير الدفاع الحالى أفيجادور ليبرمان: "إن قرار الحكم صعب"، مطالبا الجميع أن يحترموا قرار المحكمة ويحافظوا على الانضباط، قائلا: "سنعمل من أجل التخفيف عن أزاريا وعائلته". ودعا اليمين إلى التوقف عن مهاجمة رئيس الأركان، قائلا: "يجب الحفاظ على الجيش فوق وخارج كل نقاش سياسى".
المعارضة الإسرائيلية ترحب بالحكم
فيما قال رئيس المعارضة الإسرائيلية النائب بالكنيست يتسحاق هرتسوج: "يجب احترام قرار المحكمة"، مضيفا أنه "يجب عدم تجاهل كون أزاريا هو ضحية للحالة، لكن القرار يعزز الجيش، لأنه لا يمكن تجاهل ظروف الحادث الذى يعكس واقعا غير محتمل فى منطقة معقدة تواجه الجنود يوميا".
محاكمة الجندى القاتل اليؤور أزاريا
بينما قال رئيس القائمة العربية المشتركة أيمن عودة: "من الواضح أن الجندى يتحمل المسئولية عن أعماله، لكن المسؤولين الحقيقيين هم حكومات إسرائيل التى تختار منذ 50 عاما تحويل الشباب والشابات إلى جنود مهمتهم صيانة الحكم العسكرى المفروض على جمهور مدنى مسلوب الحقوق".
70% من الإسرائيليين يدعمون العفو
وقالت "يسرائيل هيوم" إن قضية اليؤور أزاريا ستواصل العصف بالدولة حتى فرض العقوبة عليه، ومع ذلك يبدو أن الغالبية الساحقة من الجمهور الإسرائيلى، تملك رأيا راسخا يؤيد العفو عن الجندى.
المدعى العام العسكرى الإسرائيلى
وحسب استطلاع للرأى أجرته الصحيفة، بالتعاون مع شركة "هجال هحداش"، قال 70% من المشاركين فى الاستطلاع إنهم يؤيدون العفو عن أزاريا، وقال 19% فقط إنهم يعارضون ذلك، فيما قال 11% إنهم لا يملكون جوابا.
عائلة الشهيد الفلسطينى تهدد بالتوجه إلى لاهاى
وفى السياق نفسه، قالت الصحيفة العبرية إن عائلة الشهيد الفلسطينى الذى قتله أزاريا تخشى أن يقود الضغط فى إسرائيل إلى العفو عن الجندى رغم إدانته. وقالت العائلة خلال مؤتمر صحفى عقدته فى الخليل إنها ستدرس التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية فى لاهاى للمطالبة بمحاكمة أزاريا، بدعم من السلطة الفلسطينية.
سلاح الجندى القاتل ازاريا
وقال فتحى الشريف، والد الشهيد عبد الفتاح الشريف، للصحيفة الإسرائيلية إنه عرف عن إدانة أزاريا حين كان يشاهد البث المباشر على القنوات الإسرائيلية، مضيفا: "نتخوف من أن يؤدى الضغط إلى العفو عن الجندى أو فرض حكم مخفف عليه. ليس نحن فقط يجب أن نطالب بالعدالة وإنما الجمهور الإسرائيلى يجب أن يفعل ذلك أيضا".
الجيش يحترم قرار المحكمة وسيدرس أبعاده
فى السياق نفسه، قالت "يسرائيل هيوم" إنه يصعب القول إن الكثير من القياديين الكبار فى الجيش الإسرائيلى فوجئوا أو صدمهم قرار المحكمة العسكرية بإدانة أزاريا، وأن هذا صحيح بشكل خاص، بالنسبة للقادة الذين قرأوا التحقيق العسكرى، الذى تم توزيعه فى الجيش، ويحدد بشكل قاطع بأن إطلاق النار على الفلسطينى كان خاطئا، ولا يتلاءم مع نظم فتح النيران، بل تم وصفه ببالغ الخطورة. ونشر المتحدث العسكرى بيانا رسميا جاء فيه: "إن الجيش يحترم قرار المحكمة وسيدرسه مع أبعاده بشكل أساسى".
محامى الجندى القاتل اليؤور أزاريا قبل محاكمته
الجندى القاتل اليؤور أزاريا ووالدته خلال محاكمته
الجندى القاتل اليؤور أزاريا
قاعة المحكمة والجندى القاتل اليؤور أزاريا
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة