على بعد خطوات قليلة، من محطة مترو "محمد نجيب"، توجد عيادة الدكتور عبد العزيز حامد وفا، هو طيب أطفال، ولكنه مواطن بدرجة إنسان، فهو اختار أن يكون طبيبًا مختلفًا، أن يحمل ما تبقى من رسالة الطبيب الإنسانية، التى تاهت فى ظل الأوضاع الاقتصادية.
على ما يقرب من خمسين عامًا، اشتهر الدكتور عبد العزيز وفا، بإصراره على مراعاة البعد الإنسانى لمهنته، ورفض رفع قيمة الكشف الخاص به، واكتفى بخمسة جنيهات فقط، لكل من يرغب فى إجراء الكشف الطبى.
ويقول الدكتور عبد العزيز حامد، إنه اشتغل بحى عابدين منذ عام 1968، وبدأ عمله بمستوصف عابدين، وبعدها قرر أن يقدم خدمة أكبر من شغله فى هذا المستوصف، لأن المستوصف محدد بلوائحه ومواعيده وأسعاره، فكرر الاستقلال عن المستوصف وفتح عيادة بالمنطقة، فتحكم فى وقت الكشف على المرضى والطريقة التى يتم الكشف بها، وكان يعمل أيضًا فى أيام العطلات الرسمية والأعياد، حتى أخذ هذه الشهرة بين أبناء حى عابدين، وكان أول من عرفه هم أهالى النوبة وأسوان، لأنهم كانوا يسكنون منطقة عابدين.
وأضاف الدكتور عبد العزيز، أنه كان يذهب للزيارات المنزلية، فكان يجد أهل القرية متواجدين عند المريض حتى يتم الكشف عليهم أيضًا، وجد الطريقة التى تسعد المريض وتريحه فكان يفعلها.
وعن سعر الكشف الضئيل الذى يكشف به للمرضى، فقال "أنا الحمد لله متيسر، ولو إن الأول كنت فى حياتى حالتى المادية مش مية مية، إنما الحمد لله لما تخرجت واشتغلت بقيت متيسر والحمد لله، حاولت أعمل زى عمل تطوعى، وقلت أعمل الكشف بالمجان، جربت كده بس لقتها بتبقى فيها جرح للمريض، أكتر منها خدمة له، فحطيت الرقم الرمزى ده اللى هو خمسة جنيه، واستمريت عليه وقلت مش هتزيد، تزيد الأسعار أو ما تزيدش أنا ثابت فى هذا الرقم، والحمد لله لقيت قبول وفى استجابة للناس، وخليت الرقم البسيط ده بقى عشان عملية التنظيم، والشخص اللى بلاقيه بردوا محتاج أو مش قادر، بديله فلوسه تانى بس بينى وبينه، مش قدام الجمهور عشان ميبقاش فى جرح".
وأضاف الدكتور عبد العزيز، أن فى البداية كان من يأتى له هم البسطاء ومحدودو الدخل أو من هم لا يقدرون على دفع تذكرة الكشف باهظة الثمن فى العيادات الأخرى، ثم بعدها بدأ الناس المقتدرين أن يأتوا للكشف، ولكنهم فى البداية كانوا يستغربون أن هناك طبيبًا فى هذا المكان وكشفه فى العيادة بسعر ضئيل، حتى وجدوا أن الموضوع حقيقى ليس بخيال.
واستكمل الدكتور عبد العزيز: "بدأوا الناس المقتدرين يسألونى إزاى نقدر نساعد الناس البسطاء، فأنا استفدت بردوا من الناس القادرين أو اللى يقدروا يدفعوا أكتر، أنهم يساعدوا زمايلهم، بمعنى ساعات الاقى واحد من الناس المقتدرين يدفع للناس اللى فى العيادة كلهم، وبعدين لما يخشلى يكشف يقولى أساعد الناس إزاى، أقوله الناس قدامك أنا مبخدش فلوس من حد، شوف الناس دى تقدر تساعدها بأية، أنا هقولك على بعض الناس الغلابة من غير ما تجرحهم كده، بعد ما يخلص كشف أمشى معاهم كده، وهاتله العلاج، أو أنا ببقى كاتب بعض الناس مش قادرين يجيبوا العلاج بحاول أقابلهم فى أيام العطلات بتاعتى، وببقى وسطة خير بينهم، يعنى بين المقتدر والمريض وربنا يجازينا خير".
وعن المقابل الذى استفاده الدكتور عبد العزيز يقول: "أنا استفدت والحمد لله كنز، والكنز بتاعى هو محبة الناس، ودى طبعًا صعبة جدًا، وفى الوقت نفسه شىء جميل، لما تبقى ماشى وعارف الناس كلها بتحبك، وبعدين بتدعيلك من قلبها، ده بردوا شىء بيفرع الإنسان، وبعدين ده اللى هيبقى باقى، الفلوس بتروح وبتيجى إنما دعوات الناس الطيبة البسطاء دى أكيد بتفيد الواحد فى حياته".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة