كشفت دراسة لمعهد التخطيط القومى، أن الدعم الحكومى بصورته الحالية يمثل عقبة فى طريق إصلاح العجز المزمن فى الموازنة العامة للدولة، نظرا لاستحواذه على حوالى 25% من الإنفاق الحكومى، وهو ما يضعف قدرة الدولة الخاصة بالإنفاق على الاستثمار اللازم لدعم التنمية.
وأضافت الدراسة التى أعدتها سهير أبو العينين، أستاذ الاقتصاد المتفرغ بمركز السياسات الاقتصادية الكلية بالمعهد القومى للتخطيط، وتم نشرها فى سلسلة "أراء فى قضايا التخطيط والتنمية" التى يصدرها المعهد، أن دعم المواد الغذائية التموينية والمواد البترولية، يستحوذان على النسبة الأكبر من قيمة الدعم، بنسبة وصلت لـ 67 % من إجمالى الدعم فى الحساب الختامى المبدئى لعام 2015/2016، فيما يبلغ عدد المستفيدين من البطاقات التموينية 70 مليون مواطن.
وأشارت الدراسة إلى أنه يوجد أنظمة مختلفة للدعم، على رأسها الدعم العينى المفتوح، وهو توفير الدولة للسلع المدعومة بأسعار تقل عن سعرها السوقى الذى يعكس تكلفة إنتاجها، وهذا النوع من الدعم غير موجه لفئات مستهدفة وإنما يستفيد منه كل من يستهلك هذه السلع، مثل دعم المواد البترولية، والدعم العينى الموجه لفئات معينة من خلال بطاقات التموين، التى تمنح لفئات محددة من متوسطى ومحدودى الدخل، مثل دعم السلع التموينية.
أما النوع الثاث من الدعم، هو الدعم النقدى الذى يتم تقديمه في شكل تحويلات نقدية توجه لفئات محددة مستهدفة من الفقراء، عند مستوى دخل معين يتم الاتفاق عليه، وهذا النوع من الدعم يعد، وفقا للدراسة، أقل استنزافا للموارد المالية للدولة، بجانب عدم تسببه فى تشويه هيكل الأسعار فى السوق، كما أنه يمكن أن يحقق نجاحا، عند ربط التحويلات النقدية للفئات المستهدفة بشروط تضمن الانتظام فى تعليم الأطفال وفى ترددهم على العيادات الصحية، وهو النظام الذى اتبعه عدد من الدول، والذى يعتبر أيضا النظام الأكثر ملائمة لاتباعه فى مصر.
وشددت الدراسة على أهمية الانتقال تدريجيا من نظام الدعم العينى إلى الدعم النقدى، ويتطلب هذا النظام توفير قاعدة بيانات شاملة يتم على أساسها تحديد الفئات المستحقة للدعم النقدى، وهو ما بدأت الحكومة تطبيقه بالفعل عن طريق تنقية بطاقات التموين للسلع الغذائية، كذلك تحريك أسعار بعض منتجات الطاقة والاتجاه لاستخدام البطاقات الذكية لتوزيع البنزين، واعتماد نظام شرائح دخلية فى تسعير استهلاك الكهرباء، وهو توجه مقبول مع ضرورة مراعاة الدقة فى تحديد المستحقين للدعم واتباع معايير واقعية ومرنة تراعى تكلفة المعيشة فى ضوء حركة الأسعار، واحتياجات توفير مستوى معيشة يضمن توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية والصحية والتعليمية والطاقة، ويضمن فى نفس الوقت ترشيد استخدام الموارد.
وفيما يتعلق بتأثير الزيادة السكانية على الدعم، أوضحت الدراسة أن المشكلة السكانية تمثل واحدة من أخطر التحديات التى تزيد من تعقيد مشكلة الدعم وبرامج الحماية الاجتماعية، خاصة وأن ارتفاع معدلات المواليد يتركز فى الطبقات المتوسطة والفقيرة، لذلك يجب أن تقترن برامج الحماية الاجتماعية بشروط وحوافز إيجابية للأسر التى تلتزم بتنظيم النسل، بجانب وحوافز سلبية بالامتناع عن تقديم دعم نقدى للأسر بعد عدد من الأولاد يزيد عن ثلاثة أطفال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة