المدهش أن الجماعة الإرهابية نجحت فى إثارة البلبلة وسار خلفها الذين قرروا إيقاف عمل «عقولهم» وتجميدها
تناقض مخيف تعيشه مصر حاليًا، وطوال السنوات الست الماضية، ففى الوقت الذى ينادى فيه أصحاب الحناجر الصوتية من نشطاء وثوريين ونخب ودراويشهم، بمطاردة الفساد، وقطع دابر المفسدين، ثم تتحرك الأجهزة المعنية للتنفيذ، تجد نفس الحناجر الصوتية، تثير حالة من الجدل العبثى الكارثى، وتدشن لثورة تشكيك غير مبررة، وتفتقد لكل أدوات المنطق حول المقبوض عليهم المتورطين فى قضايا الحصول على رشاوى، ما يؤدى إلى حالة ارتباك وبلبلة شديدة فى الشارع، والسؤال الجوهرى، «أنتم عايزين القضاء على الفساد ولا الإبقاء عليه؟».
رد الفعل حول القبض على المستشار وائل شلبى، ثم انتحاره، فاق سقف الخيال، وتقاطع مع كل أدوات المنطق، وأصاب العقل بالشلل، وكشف عن انحراف فكرى مزرٍ، ومن المعلوم بالضرورة أن الانحراف الفكرى مفجر ينبوع الفساد، والمسؤول الأول عن نشر الضلال وإلصاق الأباطيل بالعقائد الدينية، ومن ثم دفع الناس نحو التدمير والتخريب، والتشويه.
وبتفسير الحالة التشكيكية فى قضية إلقاء القبض على المستشار وائل شلبى، أمين عام مجلس الدولة، فى قضية الرشوة الكبرى، ثم انتحاره فى محبسه، تكتشف أن جماعة الإخوان الإرهابية تتبنى حالة من الحزن والمظلومية وقلب الحقائق على مواقع التواصل الاجتماعى، وفى الشارع، وهو أمر لافت وغريب، خاصة أن الجماعة الإرهابية تحمل للقضاء المصرى من الكراهية ما تنوء عن حمله الجبال.
جماعة الإخوان الإرهابية، التى تضع على رأس قائمة أولوياتها تصفية القضاة، بدءًا من المستشار أحمد الخازندار، الذى اغتالته الجماعة الإرهابية فى 22 مارس 1948، ونهاية باغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، ومحاولة اغتيال عدد كبير من القضاة خلال الفترة الماضية، منهم زكريا عبدالعزيز، النائب العام المساعد، تجدها تعلن تعاطفها مع وفاة المستشار وائل شلبى، وكأن ينبوع الحنان انفجر فجأة فى قلوبهم، والحقيقة أن الجماعة الإرهابية لا يهمها سوى نشر الأكاذيب والتشكيك فى كل شىء، تحقيقًا لأهدافها بتأجيج الأوضاع فى الشارع والمؤسسات.
جماعة الإخوان فجأة تعاطفت مع المستشار وائل شلبى، وأقامت حفلات المراثى ولطم الخدود حزنًا عليه، وتناست جرائمها فى حق القضاة من اغتيالات ومحاصرة المحاكم، ولكم فيما حدث من محاصرة المحكمة الدستورية، أسوة تكشف بجلاء حجم الكراهية المفرطة التى يحملها أعضاء وقيادات وأتباع الجماعة الإرهابية للقضاء بشكل عام.
أبواق الجماعة الإرهابية من قنوات فضائية وصحف وصفحات لا تعد ولا تحصى على مواقع التواصل الاجتماعى، تحولت جميعها للدفاع عن المستشار وائل شلبى، وأول من سربت شائعة قتله فى محبسه والتشكيك بكل قوة فى حقيقة انتحاره، والادعاء بأن هناك من أراد التخلص منه ليدفن سرًا مهمًا عن تورط شخصيات كبيرة فى القضية، وهى روايات بلهاء وساذجة، ومردود عليها بأنه لو بالفعل شخصيات كبرى متورطة فإنه يصبح أمين عام مجلس الدولة كنزًا معلوماتيًا وصيدًا ثمينًا يجب الحفاظ عليه بكل قوة، وليس التخلص منه؟!
المدهش أن الجماعة الإرهابية نجحت فى إثارة البلبلة وسار خلفها الذين قرروا إيقاف عمل «عقولهم» وتجميدها، وتحول المستشار وائل شلبى، من متهم فى قضية رشوة كبرى، إلى شهيد وبرىء، ومجنى عليه، بالرغم من الوثائق والمستندات والمكالمات المسجلة واعترافات جمال اللبان بمشاركته فى الحصول على الرشاوى.
فعلا.. «إللى ارتشوا ماتوا».. ولك الله يا مصر...!!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة