مع مرور الذكرى الخامسة لرحيل الكاتب الكبير إبراهيم أصلان، يتبادر إلى أذهان العديد من الأدباء والمثقفين الكبار والشباب سؤال هو: لماذا لم يقم ابنه الكاتب هشام أصلان بإصدار كتاب يروى فيه الجوانب الإنسانية والاجتماعية وما يتذكره من أحداث يومية، مثلما يقوم فى بعض الأحيان بالإشارة إلى بعضها على صفحته فى موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"؟
5 سنوات ليست بالفترة الطويلة ولكنها كافية لأن يتأمل الابن العديد من المعانى الناتجة عنها، وليمعن النظر داخل العديد من الأحداث اليومية وما تحتويها من تفاصيل، ليتشكل لديه وعى وفهم وصورة جديدة لم يرها أحد إلا هو، خاصة إذا كان هذا الابن هو فى الأساس كاتب.
هذا الأمر بالفعل شغل هشام أصلان، وفى كل مرة كان يضع أمام الأصدقاء ورقة من شجرة الذكريات يتلقى الاتصالات والاقتراحات بأن يجمع هذه الأيام والرؤى والحكايات والمواقف فى كتاب واحد، حتى أعلن عما يشغله ويفكر فيه.
تحت عنوان "أنا وقتل الأب" أوضح هشام أصلان أسباب عدم إقدامه على هذه الخطوة حتى الآن، حيث قال: منذ أن بدأت فى ممارسة الكتابة، وأنا كمن "ينحت فى الصخر" بهدف الاستقلال عن اسم إبراهيم أصلان، حتى لا تكون أعمالى تقليدًا أو شبيهةً بما كان يقدمه، وربما أكون قد وفقت فى هذا أو لا، ولكن المؤكد هو أننى مررت بتجربة صعبة أشبه بـ"الانسلاخ".
وأضاف هشام أصلام: تجربة "الانسلاخ" تكمن صعوبتها فى حجم ما حققه من مجد أدبى وحضور إنسانى، ومن هنا كانت محاولاتى لتحقيق فكرة "قتل الأب"، والتى تمثلت فى عدة مواقف منها: أن يمر وقت بدون الاقتراب من أعماله، والبحث عن أعمال أخرى بعيدة تماماً عما قدمه لتغيير مزاجى ورؤيتى للعالم، على الرغم من شدة محبتى لأعماله، وكان الأصعب هو أننى لم أقم بإهداء مجموعاتى القصصية الأولى له "مع إن كان نفسى أعمل كد".
وتابع هشام أصلان: توصلت مؤخرًا إلى ما يجعلنى أشعر ببعض الاطمئنان، مثل صدور كتابى الأول والذى أعتقد أنه كان موفقًا هكذا أتصور، ومرور فترة على رحيل أبى جعلت انفعالاتى العاطفية غير طاغية على الحكايات أو الكتابة، والأهم هو أننى حينما أسرد بعض الحكايات أتصور أنى أعبر احتقاناتى أنا وانفعالاتى أنا بحكايات معينة، وأنه بالصدفة أن الأب فى هذه الحكاية هو إبراهيم أصلان، وأنه لو تم وضع اسم آخر بدلاً من إبراهيم أصلان فسوف تكون الحكاية كما هى، لأنه لم يكن قائمًا بالدور الأساسى فيها، لكن وجوده كـ"أب" كان السبب فى أنها حدثت لى.
وتساءل هشام أصلان: لا أعلم إذا كانت هذه الحكايات والتفاعل الذى حدث معها ترك هذا الانطباع أم لا؟، ولكن حينما تقليت العديد من الاقتراحات باستكمالها وجمعها فى كتاب من باب "إن الناس عايزة تعرف أكتر فيما يخص إبراهيم أصلان" شعرت بقلق على كل ما بذلته من جهد فة محاولات الاستقلال والانسلاخ بأننى أعود لنقطة الصفر، مع وضعى فى الاعتبار طبعًا أن قلقى جاء من منطقة هى دى دليل على محبة إبراهيم أصلان، ولكن الحقيقة أن إبراهيم أصلان "قال كل اللى عايز يقوله من حكاياته هو، ومش محتاج إنى أكملها له، وبالمناسبة حكاياته هو كنت أنا، أحيانا، طرف فيها بشكل أو بآخر، أنا وآخرين، حتى لو كنت مجرد طفل محدش يعرفنى، والطبيعى إن حكاياتى، أحيانًا، يكون هو طرف فيها، ومش بوصفه الكاتب إبراهيم أصلان".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة