بعد يومين من انعقاد لجنة الاستماع التى عقدها الكونجرس الأمريكى حول عمليات القرصنة التى استهدفت الحزب الديمقراطى خلال الانتخابات الرئاسية والتى أكدت وكالات الاستخبارات الأمريكية وقوف روسيا وراءها، أطلق الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب سلسلة من "التويتات" التى تدعو لإصلاح العلاقات مع روسيا.
وأبدى الرئيس المنتخب تحديا ، مصرا على السعى للتقارب مع روسيا. فى موقف لا يعارض فقط تقارير استخباراتية تحدثت عن نشاط الهجمات الإلكترونية الروسية، وإنما هو تحدى طال الأجهزة نفسها التى من المفترض أنه سيعمل معها عن قرب لحماية الأمن الوطنى الأمريكى، فضلا عن تحديه لأكبر مؤسسة لصنع القرار الأمريكى وهى الكونجرس الذى أعرب أعضاؤه سواء كانوا من الجمهوريين أو الديمقراطيين عن انتقادهم للأفعال الروسية التى تهدد أمن بلادهم.
وبعد أقل من 24 ساعة من نشر الاستخبارات الأمريكية تقريرا يتهم الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بتوجيه حمله من الهجمات الإلكترونية التى تهدف إلى التدخل فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية لمساعدة ترامب أمام منافسته الديمقراطية هيلارى كلينتون، أطلق ترامب 3 تويتات تدعو مجددا إلى التعاون مع الكرملين.
وفى التويتات الثلاث كتب ترامب "إن وجود علاقة جيدة مع روسيا هو أمر طيب، فالأغبياء فقط أو الحمقى هم من يظنون أنه أمر سئ". وذهب إلى القول بأن "روسيا سوف تحترم الولايات المتحدة أكثر عندما يكون هو رئيسها وأن البلدين يمكنهما العمل معا على صعيد العديد من القضايا".
الجمهوريون والديمقراطيون يطالبون ترامب بموقف صارم من روسيا
وجاءت هذه التغريدات فى الوقت الذى حث فيه كثير من الجمهوريين ترامب على اتخاذ موقف أكثر صرامة مع روسيا فى أعقاب تقرير الاستخبارات الأمريكية الذى تم عرض ملخص منه فى جلسة الخميس الماضى، وهو يمثل تحديا من الرئيس الأمريكى للمشرعين الأمريكيين.
موقف ترامب من روسيا، الذى يزداد تعقيدا مع تلك التقارير الاستخباراتية، يشير لصدام قادم بين ترامب والكونجرس، فضلا عن صدام واقع بينه وبين وكالات الاستخبارات الأمريكية، حيث أمضى الرئيس الجديد، الذى سيتولى السلطة رسميا فى 20 يناير الجارى، أسابيع مشككا فى دوافع مسئولى الاستخبارات الذين كانوا يحققون فى عملية القرصنة، متهما الأجهزة الأمنية بالتسيس وأنهم كانوا يحاولون مساعدة الديمقراطيين وأنهم لم يكن لديهم معلومات حاسمة بما يكفى لإلقاء اللوم على أى دولة أو ممثل آخر.
موقف ترامب قوبل بتوبيخ من قبل مدير الاستخبارات الوطنية السابق جيمس كلابر، الذى قال خلال الجلسة الاستماع "هناك فرق بين الشك والاستخفاف"، مضيفا "إن تقييمنا الآن أكثر تأكيدا بأن الروس نفذوا الهجمات الإلكترونية على الانتخابات".
صدع بين الإدارة الإدارة الأمريكية القادمة وأجهزة الاستخبارات
كما أعربت جبهة موحدة تضم كبار مسئولى المخابرات الأمريكية وأعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهورى والديمقراطى، خلال جلسة الاستماع، عن رفضها المباشر لتشكيك ترامب فى دور موسكو فى أنشطة القرصنة التى استهدفت التأثير على الإنتخابات الرئاسية، وقالوا إن الشكوك التى أعرب عنها ترامب على تويتر حول كفاءة ونزاهة وكالات الاستخبارات الأمريكية، تقوض معنوياتهم.
وعلقت صحيفة نيويورك تايمز قائلة إنه على الرغم من أن كلابر ومعظم أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى كانوا حريصين على تجنب استعداء الرئيس الجديد، بشكل مباشر، فإن جلسة الاستماع أشارت إلى الصدع الذى خلقه ترامب بين الإدارة القادمة ومسئولى الاستخبارات.
ورغم كل هذه التجاذبات فإن ترامب وفى اختيار متناقض مع اتجاهاته، قام بتعيين السيناتور دان كوتس مديرا للاستخبارات الوطنية الأمريكية، وكوتس كان واحدا من أشد المنتقدين لسلوك روسيا فى الآونة الآخيرة، لاسيما خطوتها عام 2014، لضم شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، لكن الاختيار ربما يحمل رسالة للمنتقدين أو محاولة لطمأنتهم بشأن موقف ترامب من روسيا.