لو سمحنا بعرض هذا المسلسل العنصرى فغداً نشاهد مسلسل عن الإرهابى ديان.
البعض يرى أننى بالغت عندما طالبت من قناه «الحياة» بوقف عرض المسلسل الفضيحة، الذى يحكى قصة الملكة الشريرة والعنصرية إيزابيل، وحجتهم فى ذلك أنه عمل درامى، ولكن نسى هؤلاء أن هذا العمل يخالف الحقيقة ويقدم صورة مزيفة لملكة تسببت فى قتل أكثر من مليون نسمة من العرب الأندلسيين، وتسببت أيضًا فى أول عملية استئصال شعب من على أرضه التى ولد فيها وعاش أكثر من 800 عام قدم فيها أعظم الحضارات وعلم الغرب الذى كان يعيش أجداد إيزابيل فى ظلام من الجهل والمرض والفقر بشهادة علماء ومؤرخى الغرب أنفسهم، كما أن بهذا المنطق تستطيع أى قناة فضائية أخرى أن تعرض مسلسل غربى أو إسرائيلى للإرهابى بيجن، أو الإرهابية جولدمائير، أو غيرهم من زعماء العصابات الصهيونية، وإظهار هؤلاء بأنهم أبطال بالنسبة لمنطقهم، وهم سفاحون من وجهة نظرنا نحن، فهل سيخرج البعض ممن اتهمنى بالمبالغة ويقول ده عمل درامى.
عمومًا إذا كان المسؤولون فى قناة الحياة مصرين على عرض هذا المسلسل الفضيحة، فأنا أطالب المصريين والعرب مقاطعة هذا العمل العنصرى وعدم مشاهدته بل أطالب بعمل حملة على «فيس بوك»، للتضامن مع حملة مقاطعة هذا العمل، أن التاريخ لن يغفر لنا عرض مسلسل إيزابيل الشريرة ملكة إسبانيا التى ارتكبت فى حق الأندلسيين كثيرًا من الأعمال الوحشية: دمرت المنازل وهُجرت، وتحولت المساجد إلى كنائس، وأبعدت الأمهات عن أطفالهن، وسلبت ثروات الناس وتم إذلالهم، وتحول الثائرون المسلحون إلى عبيد. وبحلول القرن السادس عشر أصبح العرب «مسلمون ويهود. ومسيحيون عرب» عبيد فى مملكة إيزابيل الشريرة، وكانوا جميعًا ضحايا سياسة هذه الملكة الشريرة، والتى كانت مبنية على النزاعات العنصرية الدينية، والتى كانت يدعمها المجلس الملكى والكنيسة، حيث كان طرد اليهود عام 1492م يمثل حادثة مماثلة شرعية فى ذلك الوقت. وحسب بنود المعاهدة التى أبرمت عام 1492م، والتى نصت على السماح لرعايا الملك على الاحتفاظ بمساجدهم ومعاهدهم الدينية، ولهم حق استخدام لغتهم والاستمرار بالالتزام بقوانينهم وعاداتهم، إلا أن بنود تلك المعاهدة قد نقضت خلال السنوات السبع التالية. وهو ما أكدته دراسة قدمها روجر بواس الباحث والحاصل على الزمالة الفخرية فى البحوث فى كلية الملكة «مارى» فى جامعة لندن،حيث ذكر فى مؤلفه الذى حمل عنوان «كيف طرد المسلمون من الأندلس» كيفية انقلاب الملكة إيزابيل الشريرة والعنصرية من فكرة التبشير المعتدل إلى الإرهاب المباشر ضد كل ماهو عربى أندلسى، خاصة بعد وصول أحد أتباعها الدمويين وهو الكردينال «سيزيزوس» «1518م - 1436م» الذى قام بتنظيم اعتناقات جماعية للدين المسيحى، وقام بحرق جميع الكتب الدينية باللغة العربية، وفى عام 1499م أجبر قادة الدين الإسلاميين فى غرناطة على تسليم أكثر من 5000 كتاب تتميز بتجليدات زخرفية لا تقدر بثمن، فقد تمّ حرقها وبقى منها بعض الكتب الطبية فقط. وبعد عام 1502م، تم تخيير كل من ينتمى للعرب يهود أو مسلمين أو حتى قبائل عربية مسيحية فى جنوب الأندلس، وبلنسية، وكاتالونيا، وأراغون بعد عام 1526م بين التعميد والاعتراف السياسى بالدولة الجديدة، وتسبب ذلك فى هروب الآلاف أو تحول الألف الأخرى إلى الكاثوليكية، ولكن ظل هذا الاعتناق ظاهرى حيث استمروا فى تطبيق الدين الإسلامى سرًّا، فمثلًا بعد أن يتم تعميد الطفل، كان يؤخذ إلى البيت ويتم تغسيله بالماء الحار لإبطال قدسية التعميد. كان المسلمون الأوائل قادرين على أن يحيوا حياة مزدوجة بضمير حى، نظرًا لوجود بعض الأحكام الدينية الإسلامية التى تجيز للمسلمين الرازحين تحت وطأة الإكراه أو من كانت حياتهم فى خطر، التظاهر بالتقية حفاظًا على حياتهم. واستجابة لطلب من المسلمين الإسبان، أصدر المفتى الأكبر لمدينة وهران أحمد بن أبوجمعة حكمًا بجواز احتساء المسلمين الخمر، وتناول لحم الخنزير، أو القيام بأى فعل محرم إذا أجبروا على القيام بذلك، ولم يكن فى نيتهم فعل هذا العمل الآثم. كما أفتى أيضًا بجواز إنكار الرسول محمد بألسنتهم شريطة أن يكنوا له فى الوقت نفسه المحبة فى قلوبهم، إلا أنه لم يوافق جميع العلماء المسلمين على هذا الإفتاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة