إذا كنت قرأت رواية مولانا لإبراهيم عيسى أو لم تقرأها فالأمر سيان، لأنك إذا ذهبت لمشاهدة الفيلم المأخوذ عن الرواية فأنت أمام وسيط جديد مختلف تماماً عن الوسيط المنشور، لذا فلا معنى لأن نشير للرواية ونقارنها بالفيلم على الإطلاق، حتى لو كان كاتب الرواية إبراهيم عيسى هو نفسه كاتب الحوار، بينما المخرج مجدى أحمد على هو كاتب السيناريو.
أفيش فيلم مولانا
نحن أمام قصة شيخ شاب يعمل إمام مسجد تابع للأوقاف، ويرتدى رداء الأزهر وهو شيخ مفوه تضعه الظروف أمام كاميرات التليفزيون، فيتحول إلى نجم ويمر الفيلم على تفاصيل حياته الخاصة من زواج وإنجاب سريعا وهو فى رحلة صعود للنجومية، ثم تحدث حادثة لطفله الوحيد فيضطر لإيداعه مصحة فى الخارج، وهنا تبدأ أحداث الفيلم فى إهمال متعمد لحياته الخاصة مقابل حياته المهنية التى تتقاطع مع رجالات السياسة فى مصر، وعلى رأسهم ابن الرئيس وزوجته وعائلتها وعلاقته برجال أمن الدولة، وعلاقته بالمسيحيين والصوفيين، وعلاقة هؤلاء بالدولة والداخلية حتى يصل لحادثة تفجير كنيسة على يد متطرف وحين تتداخل الأحداث، ويبدو أن الكلام لم يعد له جدوى كما قال الشيخ البطل، فيقرر الفيلم أن يعود لحياة الشيخ الخاصة، حيث يعود الابن الغائب تصطحبه الزوجة التى كانت هجرته كنهاية مريحة بعد أحداث موترة كثير منها تتشابه مع أحداث عشناها جميعا قبل وبعد يناير 2011 كحادثة كنيسة القديسين، وحرق منازل من تم اتهامهم بالتشيع، وابن الرئيس وزوجته وغيرها، فتجد نفسك كمشاهد وكأنك تسترجع ما فات مخلوطاً ربما بخيال الكاتب أو الحقيقة التى لم تُعلن حتى الآن وربما لن نعرفها أبداً بشكل قاطع.
مشهد من فيلم مولانا
خلط الفيلم بين الخطاب الدينى ورجال الدين على اختلافهم وبين السياسة والإعلام، فبدا وكأنهم وجوه لعملة واحدة، وقد كتب السيناريو كما سبق وذكرت المخرج العائد بعد غياب سنوات مجدى أحمد على، ورغم أن هذا ليس السيناريو الأول الذى يكتبه المخرج الكبير إلا إنه أضعف عناصر الفيلم، فظهرت شخصيات لم يرسم لها السيناريو قيمة فى الحدث فبدت وكأنها سد خانة مثل زوجة الشيخ، التى بدت شخصية غير ذى جدوى للأحداث بل تحمل كثيرا من التناقض غير المبرر، كما لم يسمح السيناريو بالاهتمام بشخصية الشيخ وكيل وزارة الأوقاف التى قدمها الراحل أحمد راتب، وهو النقيض من الشيخ بطل الفيلم، وقد يأتى صوت يتهم الفيلم بالمباشرة فى طرح قضية تجديد الخطاب الدينى ولكننى سأكون من بين المدافعين عن المباشرة تلك، فبعض القضايا تحتاج أحياناً إلى المباشرة دون مواربة، وبالتأكيد التباس الخطاب الدينى بالتطرف والسياسة قضية حياتنا تحتاج المباشرة دفعة واحدة، وذكاء وخفة ظل الحوار وخاصة على لسان مولانا بطل الفيلم بالتأكيد لها مردود فى تقبل المشاهد للحدث.
هل يستحق مولانا أن تذهب لتشاهده؟ نعم يستحق المشاهدة والاهتمام، وأظنه سينجح فى جذب نظر كثير من المتابعين فهو فيلم يحمل تسلية وفكرة وقضية.
عمرو سعد أو مولانا ممثل موهوب ذو روح مرحة حتى لو كان يؤدى شخصية شديدة الجدية لهذا نجح فى تقمص مولانا الأزهرى صاحب القفشة وصاحب القضية، واستطاع أن يملأ الشاشة مهما خلت من آخرين، أحمد مجدى فى دور حسن فرصة لوجه جديد لم يضيعها، درة لم ينصفها السيناريو، فتحى عبد الوهاب فى دور القس لحظات ولكنها كافية ليقول إنه موجود، أما الكبار أحمد راتب ولطفى لبيب وبيومى فؤاد فهم كبار مهما صغرت أدوارهم.
مولانا.. ما أحوجنا له فى الحياة وحتى رغم بعض نقائصه كفيلم، إلا أننا نحتاج للعشرات مثله ربما يفهم من يفهم، أو يشعر من لا يشعر أن الخطر محدق بنا إن لم نجد مولانا.