الإسراع فى الإصلاح السياسى والقانونى مطلوب للوصول للمواطنة وحينذاك سيسقط التطرف
يحتفل المسيحيون الشرقيون بعيد ميلاد السيد المسيح، فى السابع من يناير الموافق التاسع والعشرينو من الشهر القبطى كيهك، والحقيقة كان ميلاد المسيح أكبر إصلاح للديانة اليهودية، وحينما فشلت دعوة المسيح لإصلاح الفريسية والفريسيين، تحول الإصلاح إلى ثورة أدت إلى صلب المسيح، ومن ثم قيامته من بين الأموات وبدء انتشار الديانة الجديدة كثورة على الرؤية اليهودية القديمة.
فى بداية الرسالة، قال المسيح لتلاميذه: «لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة» «مرقص 7، ومتى 15»، لكن الدعوة للإصلاح فشلت، فذهب إلى الأمم، وقدم نموذجًا للمرأة الكنعانية، والتى طلبت منه شفاء ابنتها فقال لها: «لم أرسل إلا إلى الخراف الضالة من بنى إسرائيل» ولكنة شفى ابنتها، وهكذا أحدث إيمان هذه السيدة تحولًا من الإصلاح إلى الثورة ومن الحدود الضيقة للبشارة لليهود إلى كل الأمم. ومن هذا المنطلق شن «الفريسيين السلفيين اليهود» حملة على المسيح، ورغم أنه قال: «ما جئت لأنقض بل لأكمل»- يقصد الشريعة اليهودية، إلا أنه أيضا قال: «السبت- أى الشريعة- من أجل الإنسان» أى أن الشريعة من أجل الإنسان وليس الإنسان من أجل الشريعة.
هذه الرؤية لازمتنى وأنا فى طريقى كضيف فى برنامج «مثير للجدل» الذى تقدمة الإعلامية المثقفة بسنت حسن، ويعده مصطفى مندور ويخرجه حسام مندور. لأنه لا يجب أن نجدد الفرع إذا كان الجذع بالى، بمعنى لايمكن تجديد الخطاب الدينى دون إصلاح للفكر الدينى، ولا يمكن إصلاح الفكر الدينى دون الإصلاح السياسى والديمقراطى، لأننا دائمًا نعالج الأعراض ولا ندخل إلى جوهر المرض، لقد بدأت الأزمة منذ مصالحة الرئيس الراحل السادات مع جماعة الإخوان الإرهابية، واستعان بهم لضرب اليسار، وعدل لهم المادة الثانية فى دستور 1971، وبعده جاء الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ومن خلال صفقة «العادلى عاكف» تم إدماجهم فى الحياة السياسية والاقتصادية، 88 نائبا فى البرلمان و%55 من شركات الصرافة، و%19 من المؤسسات الأهلية، وعلاقات دولية اكتشفنا بعد 30 يونيو مدى توغلها شرقًا وغربًا، وأخيرًا بعد زحف الإخوان على الحكم فى 2012، تم شرعنة الأحزاب الدينية، حتى وصل الأمر إلى أن يكون للسلفيين حزب، رغم أن نواب حزب النور فى مجلس النواب لايقفون للسلام الجمهورى ولا يعترفون بالشهداء المسيحيين! هكذا يجب حل الأحزاب الدينية وإعمال المواطنة وتطبيق الدستور، وهكذا يجب أن نبدأ بالإصلاح السياسى والديمقراطى قبل الحديث عن الإصلاح الدينى، أما موضوع تجديد الخطاب الدينى فهو مجرد جزء من كل وفرع وليس الجذع.
امتلكت بسنت حسن شجاعة أن تعلن أن حبارة الإرهابى هو تلميذ للشيخ الحوينى، واستطردت مؤكدًا على أن الشيخ برهامى له العديد من الفتاوى المسجلة والموثقة التى يزدرى فيها المسيحية والمسيحيين ولا أحد يسأله، ومن ثم فالمحرضون على تطبيق تكفير المسيحيين وقتلهم لا يحاسبون ولكن من اعتنق هذا الفكر وطبقه وذبح أحد الأقباط بالإسكندرية هو الذى يعاقب؟!!
المؤكد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، قد استلم وطنًا يعانى من فيروس التكفير الوهابى، وأنه يقوم بكل قوة بالمطالبة بـ«تجديد الخطاب الدينى»، ويعطى أوامره بإعادة بناء ما خرب وحرق من كنائس، ولكن صغار المسؤوليين الأمنيين لايوافقون على فتح كنائس مغلقة لأسباب أمنية منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضى!
أعان الله الرئيس السيسى، على تلك التركة المثقلة، ولكن لابد من الإسراع بسن قانون المفوضية الخاصة بعدم التمييز، وأن نشرع فى الإصلاح السياسى والقانونى حتى نصل إلى المواطنة، وحينذاك سوف يسقط التطرف مع تطبيق القانون.
تم ترميم وإعادة بناء أغلب الكنائس التى حرقت وهدمت من الإرهابيين بعد فض الاعتصامات الإرهابية فى النهضة ورابعة، وأعيدت البطرسية لسابق عهدها ولكن لازالت عشرات الكنائس مغلقة لأسباب أمنية، وكل عيد ميلاد وأنتم طيبين ومصر بخير وسلام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة