ياليت الدكتور محمد البرادعى يوفر آراءه لنفسه، ولا يرتدى ثوب الناصح الأمين، ولا يتحدث بلسان العقل والرصانة، ولا يركب فوق شعارات لا يدرك معناها، فلم يكن يوما ناصحا ولا أمينا ولا متحدثا متوازنا، علاوة على أنه يفتقد الكاريزما والقبول، ولا يجيد مخارج الألفاظ.. وبعيدًا عن الشكليات فليست له أى أيادٍ بيضاء أو حتى رمادية على بلده، بل مواقف سوداء بلغت ذروتها فى الهروب من الميدان، فى وقت عصيب اشتدت فيه جرائم الإخوان.
قال البرادعى فى حديث لقناة «العربى» التى تنافس الجزيرة فى الغل: «لن ينصلح حالنا فى مصر والعالم العربى، نحن نعيش فى حالة «شيطنة الآخر»، ولم يشعر بتأنيب الضمير، لأنه كان كابتن فريق الشيطنة، حين قفز على مصر بالبراشوت قبل 25 يناير بأيام قليلة، ليتسلم من المندوب السامى الأمريكى مفاتيح حكمها، دون أن تكون له سابقة خبرة واحدة فى شؤون السياسة والحكم، فلم يعش يوما فى بلده، ولا يدرك أبعاد الأزمات والتحديات التى يواجهها، ويعنيه، مثل الإخوان، أن يحكم مصر أو يحرقها.
حرق الأوطان لا يكون فقط بالمولوتوف والسيارات المفخخة، وإنما أيضا بالأفكار المسمومة والديناميت العقلى، مثلما يفعل البرادعى الذى هرب من الميدان وقت القتال، ثم التزم الصمت، ثم صور له خياله أن الإخوان عائدون فى «مظاهرات الفقر»، فمد معهم حبال الود والغرام، وأبدى الأسف وذرف دموع الندم، على استخدام العنف فى فض اعتصام رابعة، وابتدع روايات لم تحدث عن مبادراته السلمية لعدم إراقة الدماء.
لم يضبط البرادعى يوما متلبسًا بنداء أو تصريح، من أجل لم الشمل والاصطفاف واللحمة بين أبناء الوطن، ولم تُعرف عنه الحنكة السياسية أو الخبرات العملية، وكل ما يعنيه أن يركب عربة الرئاسة وتسير أمامه الموتوسيكلات والسرينات، وينظر من زجاج سيارته ويقول «والله وبقيت رئيس»، لأنه فاهم الحكاية غلط، ومتصور أن الرئاسة سلطة ومتعة ونزهة وبرستيج، وقد نعذره لأنه لم يعش يوما فى مصر، ويطمع فى عسلها دون لسعها.
«لو» كنت مكان البرادعى لالتزمت الصمت، وعشت وتمتعت بسحر فيينا التى هى روضة من الجنة، ولكن لأن «لو» تفتح عمل الشيطان، فلن يصمت البرادعى.. فخذوا كلامه على أنه تخاريف «جوع السلطة».