"تخوض مصر حربا شرسة ضد الإرهاب ونحرص على دعمها فى هذه الحرب".. ردد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب هذه العبارة منذ بدء حملته الانتخابية، وحرص على نقلها فى جميع مقابلاته مع الرئيس عبد الفتاح السيسى.
فخلال أربع مرات التقى الرئيسان خلالها كانت عبارات الدعم كافية لعقد الكثير من الآمال بشأن مرحلة جديدة من العلاقات القوية على جميع المستويات، متضمنة بالطبع زيادة حجم المساعدات المقدمة إلى مصر، إلا أن قرار تخفيض جزء من المساعدات العسكرية لمصر وتجميد جزء آخر لفترة غير محددة، جاء مغايرا للتوقعات سواء داخل مصر أو فى الدوائر الأمريكية التى كانت ترجح زيادة المساعدات الأمريكية فى العام الجديد، وأكد ذلك عدد من أعضاء الكونجرس الذين يؤمنون أن فى دعم مصر حفاظا على الأمن والاستقرار الأمريكى باعتبارها رمانة الميزان بالمنطقة، كيف اتخذ هذا القرار وما الأسباب والكواليس وراء اتخاذه وما تأثير ذلك على العلاقات المصرية الأمريكية؟
أجاب البروفيسور جاى هومنيك كبير الباحثين بمركز لندن للدراسات السياسية والاستراتيجية بواشنطن عن ذلك التساؤل، قائلاً: إن قرار استقطاع حوالى 95 مليون دولار من المساعدات المقدمة إلى مصر بحجة عدم إحرازها تقدما فى ملف حقوق الإنسان يأتى استكمالا للسياسات غير الحكيمة التى تتبعها الخارجية الأمريكية فى إدارة ترامب، مشيراً إلى أن وزارة الخارجية مازالت تتبع سياسات غير حكيمة، ونأمل جميعا أن يتخذ الرئيس ترامب خطوات للإصلاح ومزيدا من السيطرة على هذا الوضع.
فخ يحاك لمصر
وأضاف هومنيك، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": "إننا إذا نظرنا بدقة للوضع فى مصر سيظهر بوضوح "الفخ" الذى يحاك من الأعداء للحكومة المصرية، فى محاولة لإسقاط هذا البلد الذى يتمتع بدور بارز بالمنطقة بل والعالم كله، وما يزيد الأمر ضراوة أن الإخوان هم من كانوا فى سدة الحكم قبل أن يتولى السيسى، وهم حاولوا صياغة الدستور بشكل يمنح مرسى صلاحيات غير محدودة وهذا غير معقول وغير عادل أيضا، والمجتمع العالمى كان سعيدا بأن المصريين رفضوا ذلك، والنتيجة الوصول لحكومة منبثقة عن نظام ديمقراطى، ورغم أى حروب تتعرض لها السلطة المصرية إلا أننا نستطيع أن نقول إن السيسى هو الرجل المناسب فى المكان المناسب.
وأضاف: "أرى أن الحكومة المصرية تتخذ خطوات جيدة جدا ولاحظنا أداء جيدا لمصر على مستوى السياسات الخارجية، وشاهدنا لقاء مميزا مع أعضاء البرلمان المصرى مؤخرا فى واشنطن وأبهرتنا صراحتهم فى عرض كافة القضايا التى تشغل أذهان الساسة والباحثين و دوائر صنع القرار الأمريكى".
خطأ فادح
ومن جانب آخر أشار البروفيسور هومنيك إلى خطأ فادح تقع فيه بعض الأصوات فى مجتمع السياسة فى الولايات المتحدة، وهو الاستماع إلى بعض الأصوات فى مجتمع السياسة الأوروبية التى مازالت تنادى بدعم الإخوان، فهم يعتقدون خطأ أن جماعة الإخوان المسلمين ستكون قوة لتوحيد المسلمين المسالمين، وما زالوا يهاجمون الرئيس عبد الفتاح السيسى ، للأسف هم يتذكرون أن مرسى انتخب، ولكنهم ينسون أنه كان يريد تغيير الدستور المصرى لتحقيق مصالحه الشخصية و ليعطى نفسه سلطة مطلقة، وأؤكد أن هذا خطأ كبير جدا، وهو ما نسعى لتصحيحه كباحثين على دراية بالمجتمع السياسى وما حدث فى الشرق الأوسط وفى مصر تحديدا فى فترة الربيع العربى، نحن نكافح لتصحيح صورة السيسى وتوضيح حقيقة الجماعة الإرهابية التى مازالت بعض الأوساط السياسية فى أوروبا بشكل خاص مخدوعة بها.
دانيال بيبس
لماذا المساس بالمساعدات الآن؟
من جانبه ، أكد دانيل بيبيس مدير منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، أنه ما زال مستقبل هذه المساعدات الأمريكية لمصر مبهما أو بالأحرى غير مضمون، بإمكان الإدارة الأمريكية أن تخفف من الارتباك المفاجئ فى العلاقات المصرية الأمريكية من خلال وضع شروط أكثر وضوحاً للسماح لمصر بإنفاق المساعدة العسكرية البالغة قيمتها 195 مليون دولار والمؤجلة حالياً. ومع ذلك، فإن الطريقة التي اتخذت بموجبها واشنطن قرارها وكيفية إعلانها عنه قد قوّضت بشكل كبير من مصداقية إدارة ترامب مع القاهرة.
وتابع أن هذا القرار مثل مفاجأة لمصر وجاء مغايرا لمشهد العلاقات الدافئة التى بدأت منذ عهد ترامب، وهو ما أشار إليه البروفيسو إيرك تريجر كبير باحثى شئون الشرق الأوسط بمعهد واشنطن للدراسات السياسية والاستراتيجية فى تحليل له نشره على الموقع الخاص بالمعهد، وأن هناك سياسات معقدة وبيروقراطية تنطوى عليها السياسات الأمريكية تجاه مصر، وحتى الآن تعجز إدارة ترامب عن معالجتها، وهذا أفرز نتيجة تتعارض مع أولويات الإدارة الأمريكية.
واضاف أن هذا القرار يعكس الصراعات المؤسسية حول حزم منفصلة من المساعدات المقدمة لمصر، فالإدارة الأمريكية تعيد برمجة مساعدة عسكرية بقيمة 65.7 مليون دولار فى السنة المالية 2014 والتى أوقفها الكونجرس بموجب ما يسمى بقوانين "ليهى" على اسم السيناتور الأمريكى لولاية فيرمونت، وهى القوانين التى تحظر تقديم المساعدات لقوات أمن أجنبية ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان، هذا فى زعمهم، وفى أبريل 2016 أيّد تقرير "مكتب المحاسبة الحكومي" الأمريكي، والذى صدر بعنوان "على الحكومة الأمريكية تشديد مراقبة الاستخدام النهائي والتحقق من احترام حقوق الإنسان في مصر"، مخاوف الكونجرس بشأن ما قال إنه غياب التدقيق الكافي في مدى احترام مصر لحقوق الإنسان قبل منحها مساعدات عسكرية أمريكية، ولذلك قررت إدارة ترامب أنها لن تكون قادرة على معالجة هذه المخاوف قبل نهاية سبتمبر حين تنتهي عندئذ هذه المساعدات وتبدأ سنة جديدة.
محررة اليوم السابع مع البروفيسور إيرك تريجر
من جهة أخرى تعيد الإدارة الأمريكية توجيه مساعدة اقتصادية بقيمة 30 مليون دولار لمعالجة أولويات إقليمية أخرى غير محددة حتى الآن، وتعكس هذه الخطوة الحملة التى يتم الترويج لها ضد مصر، تحت مزاعم تراجع سجل القاهرة فى حقوق الإنسان حيث واجهت الإدارة الأمريكية ضغوطاً كبيرة من الكونجرس لوقف هذه المساعدات.
ولكن الإدارة الأمريكية وضعت شروطاً جديدة لاستخدام المساعدات، بحيث يتم إنفاذها من قبل "وكالة التعاون الأمني الدفاعي"، التي تدير المساعدات العسكرية الأمريكية، والتي يجب أن توافق على أي نفقات للمعونة إلى مصر.
وعن مستقبل العلاقات المشتركة أكد بيبس أنه فى عهد ترامب يصعب التكهن بأى شىء نأمل أن تكون العلاقات مدعومة وقوية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة