فى السنوات الماضية، برزت العديد من النماذج النسائية الناجحة فى المجتمع سواء بالقطاع العام أو الخاص، ودفع الانتشار اللافت للسيدات إلى تعالى بعض الأصوات للمطالبة بتحجيم دورهن، وفى اليوم العالمى للفتاة، يطرح "اليوم السابع" تساؤلا هل وصلت المرأة المصرية إلى نسبة التمكين الكافية والمرضية أم أنها مازالت تحتاج إلى الكثير من التشريعات والإجراءات لتنال حقوقها كاملة؟.
نماذج نسائية ناجحة
بشكل عام أحرزت المرأة المصرية العديد من الانتصارات منها على سبيل المثال ارتفاع نسبة تمثيلها فى البرلمان ووصولها إلى أعلى نسبة فى التاريخ بـ 89 نائبة، منهم 14 نائبة معينة و14 نائبة فازت من خلال المقاعد الفردية و56 عبر القوائم، أمّا بالنسبة للتواجد فى المناصب الهامة الحكومية فهناك أمثلة بارزة كغادة والى، وزير التضامن الاجتماعى وسحر نصر، وزير الاستثمار والتعاون الدولى، ونادية عبده، محافظ البحيرة كأول سيدة تتولى هذا المنصب فى تاريخ مصر، بالإضافة إلى فايزة أبو النجا، مستشارة الرئيس للأمن القومى، والدكتورة عبلة عبد اللطيف رئيس المجلس التخصصى الاقتصادى التابع لرئاسة الجمهورية.
وفى حركة نقل السفراء بالخارج الأخيرة التى تم الإعلان عنها فى 1 أغسطس 2017، ورد أسماء أربع سيدات من أصل 29 اسمًا تم اعتمادهم من قبل رئيس الجمهورية، وهن ليلى بهاء الدين، مساعد وزير الخارجية لقطاع حقوق الإنسان، سفيرة لمصر لدى تايلاند وندى دراز نائب مساعد الوزير لشئون الفرانكفونية، سفيرة مصر لدى مالطة وهالة البشلاوى نائب مساعد وزير الخارجية لشئون البحث العلمى، سفيرة لمصر لدى البوسنة والهرسك ومى خليل سفيرة مصر لدى أوغندا، سفيرة لمصر لدى قبرص.
أرقام وحقائق عن المرأة المصرية
ولتقييم وضع المرأة فى المجتمع المصرى بشكل دقيقة ينبغى اللجوء إلى الأرقام والإحصائيات لكشف الحقائق بشكل مجرد وحيادى، وفى تعداد مصر 2017 الذى تم إجراؤه بواسطة الجهاز المركزى للإحصاء والتعبئة تم الكشف عن أن نسبة الذكور من إجمالى عدد سكان مصر 51.6%، مقابل 48.4% نسبة الإناث، فيما بلغت نسبة النوع 106 ذكر لكل 100 أنثى، كما أظهرت النتائج ارتفاع نسبة الأمية بين السكان المصريين فى 10 سنوات فأكثر إلى 25.8%، بينما ارتفعت النسبة بين الإناث 30.8% بالمقارنة 21.2% لدى الذكور أى أنه هناك 10% زيادة بالنسبة للإناث.
وعلى صعيد الحياة العملية بلغت نسبة تمثيل المرأة فى القطاع العام 12% تقريبًا وفى القطاع الخاص 21.5%، وذلك وفقًا لنشرة التوظيف والأجور الصادرة عن جهاز التعبئة العامة والإحصاء لعام 2016.
الأرقام كشفت عن العديد من المؤشرات منها ارتفاع نسبة الأمية لدى الإناث بالمقارنة بالذكور، وكذلك سيطرة الرجال على المواقع فى القطاع العام، ومحاولات المرأة لمنافسته فى القطاع الخاص إلا أن هيمنة الذكور مازالت مستمرة.
كشف حساب
وفى ظل المعلومات السابقة، يجب التوقف قليلاً من أجل التأمل للتعرف على ما أحرزته وما ينبغى تحقيقه فى الفترة القامة، وفى هذا الإطار قالت دينا حسين، عضو المجلس القومى للمرأة: يوجد تقدم كبير نحو تمكين النساء فى المجتمع وهذا يتضح فى عديد من الأمور منها تدشين عام للمرأة وكذلك وجود سيدات على رأس حقائب وزارية هامة وفى مناصب حكومية رفيعة مثل الوزيرتين غادة والى وسحر نصر، ووجود مستشارات للرئيس عبد الفتاح السيسى، وكذلك وجود نسبة مشرفة بالسلك الدبلوماسى ووجود أكثر من سفيرة وأيضًا حصول المرأة على أعلى نسبة تمثيل فى البرلمان فى التاريخ بالانتخابات الماضية.
وقالت عضو المجلس القومى للمرأة إنه رغم وجود الكثير من الانتصارات الهامة للمرأة المصرية لكن لايزال هناك طريق طويل نحو منح المرأة الفرصة الكاملة لإثبات ذاتها، مؤكدة أن الهدف الأساسى من تدعيم السيدات فى المجتمع ليس فرضهن على المناصب بل الاختيار بناءً على الكفاءة فقط لا غير، مشيرة إلى أن هناك تحسن بالنسبة لرؤية المجتمع لفكرة عمل المرأة وتوليها المناصب الهامة إلى حد ما لكن مازال بعض الأصوات تخرج من وقت للآخر تقول :"هن عاوزين ايه تانى؟.. ومش كفاية عليهن كده" لكن العاملين بالمجلس القومى للمرأة يسيرون فى طريقهم من أجل تحقيق أهدافهم.
وحول وجود أصوات تنادى باكتفاء المرأة بما حققته خلال السنوات الأخيرة، قالت دينا حسين إنه ينبغى النظر إلى الأرقام الصادرة عن جهاز التعبئة العامة والإحصاء وسنجد أن الإحصائيات تؤكد أن المرأة المصرية مازال أمامها الكثير لتحققه وترد بشكل واضح على أصحاب نظرية أن المرأة هى السبب فى ارتفاع نسبة البطالة لدى الشباب، مشيرة إلى أن هناك مجالات لم تقتحمها المرأة بعد وتحتاج لإعادة ضبط المنظومة بشكل يسمح بتواجدها فيها مثل النيابة العامة كمثل بارز.
وتعليقًا على دور المجلس القومى إزاء القضايا الراهنة للمرأة سواء ارتفاع نسبة الأمية أو تحسين أوضاعها الاقتصادية، أكدت دينا حسين أن تعداد مصر 2017 كشف وجود مشكلتين رئيسيتين هما التسرب من التعليم وارتفاع نسبة الأمية لدى الإناث وذلك بخلاف الأمية التكنولوجية، وفى الوقت نفسه توجد بعض الموروثات مثل "لو ظروفك المادية صعبة طلع بنتك من المدرسة واترك الولد" أو "البنات مش مفروض يتعلموا إنما بيوتهن أولى بهن" وهكذا.
وأشارت دينا حسين إلى أن المجلس القومى لا يعمل بشكل منفصل إنما يتابع مع الجهات المعنية على سبيل المثال فى قضية الأمية مثلاً هناك أفكار بشأن الاستعانة بشباب الجامعات لإحياء مبادرة محو الأمية لكن بشكل مختلف عما مضى، بينما على المستوى الاقتصادى تم عقد العديد من البروتوكولات آخرها توقيع مذكرة تفاهم مع بنك الإسكندرية لتحسين أوضاع المرأة.
منظومة التشريعات والمرأة المصرية
نقطة أخرى يجب التطرق لها متعلقة بالتشريعات المنظمة لحياة المرأة المصرية، والتى يرى البعض أنها هناك قوانين أنصفتها وظلمت الرجل مثل قانون الخلع مثلاً إلا أن النائبة أنيسة حسونة ترى عدم صحة تلك الأقاويل تمامًا مؤكدة أن قانون الخلع تم تشريعه وفقا للشريعة الإسلامية التى تعطى الحق للمرأة إذا لم تستطع استكمال الحياة الزوجية.
وأوضحت البرلمانية وجهة نظرها قائلة :" المرأة المصرية تحتاج إلى قانون موحد للأسرة يشمل كل الموضوعات الخاصة بها يكون بمثابة مرجعية أمام القاضى للفضل فى أى قضية تخص المرأة المصرية، خاصة أننا لدينا العديد من القوانين المتعلقة بالمرأة مثل مكافحة التحرش والعنف ضد المرأة وقوانين الأحوال الشخصية المنظمة لأمور الزواج والطلاق والتى تحتاج إلى إعادة نظر فيها مثل مسائل الطلاق أو الحضانة ورعاية الطفل"، مضيفة :"عموما نأمل فى الفترة القادمة إعداد قانون موحد وشامل للأسرة يحد من مشاكل المرأة المصرية وأيضًا ينصف الآباء بكل تأكيد".
وعن رأيها فيما أحرزته المرأة المصرية مؤخرًا، قالت حسونة إن هناك العديد من الإنجازات على رأسها ارتفاع نسبة تمثيل النساء إلى 15% بالبرلمان الحالى كأعلى نسب فى تاريخ الأجهزة التشريعية المصرية، وأيضًا إعلان الرئيس 2017 عام للمرأة، وتعيين أول سيدة فى منصب المحافظ فى هذا العام.