وائل السمرى

فتنة المليون ونصف المليون جنيه

الخميس، 12 أكتوبر 2017 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اللهم أنى أعوذ بك من سماسرة الكآبة، ومحترفى إلقاء التراب على كعكة الفرح، وناثرى الملح فى عيون السعداء، وواضعى المرارة فى أفواه المنتشين، وكأنهم يستخسرون الفرح على قلوب المصريين، تركوا كل شىء إيجابى فى مسألة صعود مصر إلى كأس العالم، ولم يهتموا سوى بالمكافأة التى قررها الرئيس عبد الفتاح السيسى لأعضاء الفريق التى تقرر أن تكون مليون ونصف مليون جنيه «حوالى 85 ألف دولار» وهو رقم ربما يكون كبيرا بالنسبة لى ولك، لكنه فى الحقيقة فإنه غاية فى الضآلة إذا ما قارناه بما يتحصل عليه اللاعبون المحترفون، كما أن البعض ينظر إلى هذا المبلغ وكأنه مكافأة مباراة واحدة، وليست مكافأة عن إجمالى المباريات التى خاضها الفريق فى الداخل والخارج، متجاهلين أيضا الإنجاز الذى حققه هذا المنتخب وما تنفقه الدول الأخرى على منتخباتها.
 
أعرف تماما أن الملايين من أبناء الشعب المصرى يعانون من أجل لقمة العيش، لكن فى الحقيقة أيضا أنا أعرف أن الفوائد المنتظرة من تأهل مصر لكأس العالم أضعاف ما ستنفقه مصر عليه، فلم تعد كرة القدم لعبة ترفيهية مثلما كانت فى السابق، لكنها تحولت إلى رقم كبير فى المعادلة الاقتصادية والسياسية والوطنية أيضا، فمن مصلحة الجميع أن توضع مصر فى أى محفل دولى كبير، فما بالك بأهم المحافل الدولية وأكثرها شعبية، ومن مصلحة مصر أن تظل حاضرة فى الأذهان فما بالك بأن تكون محور اهتمام الجميع، فما أنفقته مصر على منتخب مصر منذ بداية التصفيات وحتى التأهل تنفق دولة مثل قطر عشر أضعافه فى حملة إعلانية واحدة، وقد أتى هذا التأهل الغالى فى وقته تماما بالنسبة لمصر، فقد بدأ قطاع السياحة فى استرداد عافيته من جديد، وأى ترويج لمصر فى المحافل الدولية هو تنشيط وتجميل لصورة مصر الذهنية فى العالم وهو ما ينعكس بالإيجاب على جميع الأنشطة الاقتصادية وأهمها النشاط السياحى.
 
لابد أن نتخلص من تلك العقد الاجتماعية المقيتة، فتلك المكافأة هى خصصت لأمهر وأشهر لاعبى كرة القدم فى مصر، أى أنهم صفوة الصفوة، ومن الطبيعى أن يتحصل «صفوة» أى مجال على مثل هذا المبلغ وأكثر، فصفوة الفنانين التشكيليين مثلا يتحصلون على مثل هذا المبلغ من لوحة واحدة، وصفوة الكتاب والمؤلفين يتحصلون على مثله فى رواية واحدة، وصفوة الممثلين يتحصلون على أضعافه فى فيلم واحد، وصفوة رجال الأعمال أو المهندسين أو الأطباء يتحصلون على مثله فى يوم واحد وأحيانا فى عملية واحدة، وما علينا إلا أن نبارك للفائزين مستمتعين بما حققوا أو نجتهد ونعمل لنصير مثلهم، دون هذا هو المرض بعينه.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة