يوم 27 يونيو الماضى، أى منذ ما يقرب من 4 أشهر، كتبت مقالا بعنوان «الفرق بين محمد صلاح وأبوتريكة.. كالفارق بين الأهرامات وقناة الجزيرة»، أكدت حينها أن هناك فارقا شاسعا بين محمد صلاح النجم الوطنى الذى يعلى من شأن بلاده، ولا يعرف للتحزب السياسى، أو الرياضى، طريقا، ولذلك التف حوله كل المصريين، وبين أبوتريكة الذى دشن للتحزب السياسى والرياضى، فارتضى أن يدافع عن جماعة إرهابية، ضد مؤسسات وطنه، ويكلل هذا الدفاع بالارتماء فى أحضان دولة ترعى الجماعات المتطرفة، بجانب أيضا أنه إهلاوى، ومن ثم يفتقد تعاطف ملايين من الزملكاوية!!
وبعد المطالب الساذجة والوقحة، خلال الساعات القليلة الماضية، بضرورة الاستعانة بأبوتريكة للانضمام لصفوف المنتخب الوطنى الذى سيلعب فى بطولة كأس العالم بروسيا، يونيو المقبل، كان لزاما على أن أعيد نشر المقال، للتأكيد على أن رأينا فى محمد صلاح وأبوتريكة سابقا للحدث الأخير، وإننا نرى فى أبوتريكة نفس الأداء التمثيلى وارتداء أقنعة الإخوان الخادعة والمتلونة!
وإلى نص المقال:
أتألم كثيرا من مواقف محمد أبوتريكة ووائل جمعة، تحديدا، وتغليب مصالحهما الشخصية فوق المصلحة الوطنية، وارتضيا قناعة أن يرتميا فى أحضان قنوات الجزيرة التى تحمل من العداء والكراهية لمصر ما تطيق عن حمله الجبال، ولا هَمَ لها سوى إهانة مؤسساتها الرسمية وفى القلب منها الجيش، وتشويه رموزها الوطنية، بإلصاق الأباطيل، وترويج الشائعات، لإثارة البلبلة وقود الفوضى.
ولن تفلح الأسباب التى يسوقها أبوتريكة ووائل جمعة ونادر السيد وهيثم فاروق، لإقناعنا بأن الرياضة ليس لها علاقة بالسياسة، لأننا شاهدنا جميعا وشاهد معظم شعوب القارة الأفريقية إقحام محمد أبوتريكة، السياسة فى قلب ملاعب كرة القدم، عندما ارتدى «فانلة» مدونا عليها عبارة «تعاطفا مع غزة» باللغتين العربية والإنجليزية، وذلك عقب إحرازه الهدف الثانى فى مرمى المنتخب السودانى فى بطولة الأمم الأفريقية التى أقيمت فى غانا 2008!
تصرف محمد أبوتريكة بارتداء فانلة مدون عليها شعار التعاطف مع غزة، كانت إشارة مبكرة تعبر عن انتماء النجم الكروى الموهوب، لجماعة الإخوان، وأن الدافع الرئيسى من ارتداء «الفانلة» المدون عليها شعار التعاطف مع غزة، مبعثه التعاطف مع «حماس» ربيبة الجماعة الإرهابية، وليس مع غزة أرضا وشعبا فلسطينيا.
ولكن المصريين كانوا لا يساورهم أى شك قبل الثورة فى الانتماءات السياسية لأبوتريكة، وإنما كانوا ينظرون إليه من الباب الواسع للأخلاق والسلوك المحترم، وكان يلتقى المسؤولين فى النظام الأسبق وعلى رأسه مبارك وأبناؤه ويجلس معهم ويبدى إعجابه بهم ويصافحهم بحرارة فى المناسبات الرياضية والعامة، وبعد 25 يناير 2011 انقلبت مواقف أبوتريكة من النقيض إلى النقيض، وظهرت ميوله لجماعة الإخوان الإرهابية بوضوح، وكون خلية إخوانية كبيرة فى النادى الأهلى بالتنسيق مع الدكتور إيهاب على طبيب الأهلى السابق، وارتفع صوته عاليا، على عكس عادته.
ثم قاد الألتراس فى مظاهراتهم الفوضوية والتخريبية التى كانت تصب فى مصلحة الإخوان والدفع ببعضهم إلى اعتصام رابعة العدوية، وشن هجوما ضاريا ضد المشير طنطاوى ومجلسه العسكرى ورفض مصافحة العسكريين وافتعل أزمة مع أحد ضباط الجيش، وكأنه اكتشف فجأة أن العسكريين مرض معدٍ لا بد من التحذير من المعاملة معهم، ثم بدأ فى تحدى إرادة إدارة النادى الأهلى السابقة، وفرض نفوذه الإخوانى على القلعة الحمراء.
ما يؤكد أن أبوتريكة كان «ممثلا» بارعا، تفوق موهبته التمثيلية نظريتها الكروية، وتجاوزت موهبة الفنانين العظماء من قامة زكى رستم ومحمود المليجى وعادل أدهم وفريد شوقى، فى خداع المصريين، وما كان يفعله قانعا وبإرادته الحرة، عندما كان يصافح بحرارة علاء وجمال مبارك، رفضه بعد ثورة يناير، وأعلن عداءه الشديد لأبناء الجيش المصرى، مع أن الفارق شاسع بين علاء وجمال، وأبناء المؤسسة العسكرية الوطنية.
هنا يتضح الفارق الكبير بين، الثابت على مبادئه وأخلاقه العالية من اللاعبين الكبار أمثال حازم حمادة إمام، والنجم المصرى العالمى محمد صلاح وحسام غالى، وبين الممثل المدعى الإخوانى، الهوى والتنظيم، محمد محمد أبوتريكة، فى خداع الجماهير، وللأسف، البعض لا يريد أن يصدق هذه الحقيقة، لأننا للأسف نرى ما نريد أن نراه، لا أن نرى ما هو واقع على الأرض فعليا.
النجم المصرى العالمى، صغير السن، كبير القيمة والقامة محمد صلاح، الذى تتصدر صوره الصفحات الأولى لكبرى الصحف الأوروبية، والمنتقل حديثا لأحد أبرز الأندية الإنجليزية العريقة، ليفربول، سطر انتماءه لبلده، فعلا وقولا، وقبل أن يطير إلى لندن لتوقيع عقد انتقاله لفريقه الجديد، ذهب إلى أهرامات الجيزة، والتقط من أمامها صورا، ونشرها على صفحاته على السوشيال ميديا فى رسالة وطنية، تعبر عن مدى الانتماء والاعتزاز بوطنه، ويقول للعالم بشكل عام، والجمهور الإنجليزى بشكل خاص: إنى قادم من بلاد صانعة أقدم حضارة فى تاريخ البشرية.
هذا التصرف الوطنى الرائع والمعبر عن مدى الانتماء لمصر، وطنا وشعبا، يقابله أيضا التزام دينى وقيمى وإنسانى كبير، ولم تغريه صخب الأضواء الأوروبية، والتمتع بالشهرة والمال فى أن تسرقه من أحضان أهله فى قريته بمركز بسيون محافظة الغربية، فى أن يشاركهم أفراحهم، ويشاطرهم أحزانهم، ويسهم فى تدشين المشروعات الخيرية مساهمة منه فى تخفيف أعبائهم.
بينما ارتضى أبوتريكة أن يقيم فى دولة «الجزيرة» وعاصمتها قطر، رافعا شعار القردة الثلاثة، «لا أرى شرا ولا أتحدث شرا ولا أسمع شرا»، فيغمض عينيه عن مؤامرات القناة الحقيرة ضد مصر، وأصم أذنيه عن سماع مساندتها ودعمها لكل الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وسعيها البغيض لتهديد أمن وأمان أشقائها.
نعم هناك فارق شاسع بين الوطنى المحترم وأشهر مشهور مصرى «محمد صلاح»، الذى يضحى من أجل وطنه، ويرفض عندما كان فى إيطاليا أن ينزل الملعب لو تم ارتداء فريقه فانلة عليها صورة «ريجينى»، ويعد واجهة معبرة عن مصر أمام العالم، ويتفاخر بحضارة وآثار بلده، وبين أبوتريكة الذى فضل جماعة ووضعها فى مرتبة أعلى من مرتبة الوطن، وارتمى فى أحضان ألد أعداء المصريين، كالفرق بين قيمة وقامة الزعيم جمال عبدالناصر، وانحطاط الإرهابى حسن البنا!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة