فى محاولة منها للخروج من عزلتها الإقليمية، والبحث عن دور إقليمى يوازى حجمها الضئيل ويوثق علاقتها بالغرب، تنتهج إمارة قطر الداعمة للإرهاب استراتيجية "دفتر الشيكات" فى ظل استمرار مقاطعة الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب.
وخلال السنوات الأخيرة أصبحت دبلوماسية "دفتر الشيكات" سلاح الإمارة الإرهابية لصيد الأصوات وبسط النفوذ لتكافئ ضآلة حجمها وشأنها، فمن خلال الأموال تسعى الدوحة لشراء ذمم منظمات دولية لتحقيق مصالحها، وقد تكرر الأمر فى أكثر من مناسبة بداية من فوزها بتنظيم مونديال كأس العالم لكرة القدم عام 2022 بالرشاوى التى دفعت، وحتى فضيحة الشيكات التى تم رصدها من جانب مرشحها الخاسر فى انتخابات منظمة "اليونسكو" حمد بن عبد العزيز الكوارى.
وقد فشلت قطر فى اللحظات الأخيرة فى الفوز باعتلاء سدة منظمة التربية والتعليم والثقافة فى الأمم المتحدة، بفوز مرشحة فرنسا أودرى أزولاى، وبالرغم من الأموال الطائلة التى تم دفعها لبعض مندوبى الدول الأعضاء فى المجلس التنفيذى بالمنظمة ممن يحق لهم التصويت فى الانتخابات حسب مراقبون وشهود عيان، إلا أن الكوارى خرج منكسرا من الانتخابات التى شابها الفساد.
وكانت مظاهرات رافضة جرت على هامش التصويت منددة بإرهاب قطر، ترفض وجود الكوارى مديرًا عامًا لليونسكو، معتبرة أن قطر ساهمت فى نشر الفوضى وانتشار الإرهاب والكراهية وإسقاط الأنظمة فى الشرق الأوسط خدمة للتنظيمات الإرهابية.
رشوة اليونسكو
ولم تفلح المساهمات الإعلانية التى قامت بها حكومة تميم بن حمد آل ثانى، الأمير الداعم للإرهاب والتطرف بالمنطقة، فى شوارع و"كافيهات" الشانزليزية فى العاصمة الفرنسية باريس فى شراء الأصوات من خلال سفراء أفارقة فى فوزها بالمنصب.
وتابعت الدوحة سياسة "صيد الأصوات" بالمال للفوز برئاسة اليونسكو، وخلال الشهر الماضى اعتمدت حملة المرشح القطرى، على استراتيجية الشيكات لجمع الأصوات بوضع يديه فى جيبه.
وكانت قد وصفت وسائل إعلام فرنسية، الاستراتيجية القطرية فى جمع الأصوات بـ"دبلوماسية الشيكات"، فى مقابل استراتيجية النفوذ الفرنسية، موضحة أن فرنسا حشدت كل إمكانياتها لدعم مرشحتها الفرنسية فى مواجهة المرشح القطرى.
رشاوى لمواجهة العزلة
وفى الوقت الذى أصبحت فيه قطر منعزلة بشكل متزايد من قبل جيرانها وأعضاء مجلس التعاون الخليجى السعودية والإمارات والبحرين، التى بدأت مقاطعة اقتصادية على قطر فى يونيو الماضى، يسعى "تنظيم الحمدين"، بدفع رشاوى من خلال هدايا باهظة أو تقديم أموال طائلة لبعض القادة السياسيين فى دول العالم المختلفة من أجل فتح الباب أمام الدوحة للاستثمار فى تلك الدول، وهو ما حدث بالفعل من احتكار سوق الطيران فى أوكرانيا لصالح الخطوط القطرية، وكذلك الاستثمار فى آبار الغاز والنفط فى دولة ميانمار التى تشن حرب إبادة جماعية ضد الأقلية المسلمة هناك.
ومنذ عام 1995 وهو عام انقلاب حمد بن خليفة آل ثانى، والد الأمير الحالى، على والده، والسيطرة على مقاليد الأمور فى البلاد، وتحاول قطر تعزيز مكانتها كقوة رئيسية فى السياسة الإقليمية وحتى العالمية، وهذه الجهود وهى فى المقام الأول مالية من خلال دفع الأموال الضخمة سواء من خلال استثمارات بدول العالم أو دفع رشاوى لمنظمات دولية وغيرها، بالإضافة إلى شراء الأسلحة التى لا تحتاجها فى الأساس، أو من خلال الناحية الدبلوماسية، التى تحاول إقحام نفسها من خلالها كما حدث بالوساطة فى اتفاق بين مختلف الفصائل اللبنانية عام 2008، واتفاق عام 2011 بين الحكومة السودانية وجماعة دارفور المتمردة.
دعم التنظيمات الإرهابية بالمال
وقد اشترت الدوحة العديد من التنظيمات المسلحة والإرهابية والسياسية، فقد قدمت دعمًا ماليًا لأطراف مختلفة من جماعة "الإخوان" الإرهابية، كنظام الرئيس المعزول محمد مرسى، ومليشيات المعارضة المسلحة سورية، كما تدخلت عسكريًا بشكل مباشر فى الصراعات الإقليمية، فى عام 2011، عندما نفذت طائرات ميراج 2000 فرنسية الصنع المملوكة للقوات الجوية القطرية مهمات لفرض منطقة حظر الطيران فى ليبيا.
رشاوى بشراء السلاح
وفى سياق سياسة "الشيكات" قامت الدوحة خلال الأشهر الأخيرة، بالتعاقد على صفقات سلاح بأموال ضخمة من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وغيرهم، واشترت العديد من الطائرات والأسلحة والصواريخ لإنعاش خزائن تلك الدول، وتنشيط اقتصادهم، وتشغيل مصانع أسلحتهم، من أجل كسب ودهم وشراء مواقفهم فى أزمتها الراهنة تجاه "الرباعى العربى".
وتشترى الدوحة النفوذ فى عدة عواصم لمواجهة العزلة الدبلوماسية، من خلال زيادة الإنفاق العسكرى بطلب شراء أسلحة كثيرة ومتنوعة من الشركات العسكرية الرئيسية فى الولايات المتحدة وفرنسا، مثل "بوينج" و"إيرباص" و"رايثيون" و"لوكهيد مارتن" و"تاليس"، وتعمل الدوحة على شراء العلاقات الجيدة مع تلك الشركات، لما لها من نفوذ تملكه أذرع ضغطها على حكوماتهم.
فضيحة الفيفا
وفى سياق الرشاوى القطرية، لحصد مكاسب ونفوذ غير مستحقة، وعقب تزايد القضايا خلال الشهور الأخيرة باتهام قطر بالفساد خلال الحصول على استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، تفجرت خلال الأيام القليلة الماضية، فضيحة رجل الاعمال القطرى ناصر الخليفى، رئيس نادى "باريس سان جيرمان" ورئيس مجموعة قنوات "بى إن سبورتس" بعد إعلان الاتحاد الدولى لكرة القدم "الفيفا"، مؤخرًا فتح تحقيقات معه.
وكان الادعاء السويسرى قد أعلن، الخميس الماضى، أنه تم فتح تحقيق جنائى مع الأمين العام السابق للفيفا، جيروم فالكه، وناصر الخليفي، الرئيس التنفيذى لمجموعة "بى إن سبورتس" الإعلامية القطرية، حول بيع حقوق تتعلق بكأس العالم 2018 و2022 و2026 و2030 بطرق غير قانونية وغير مشروعة.