جاءت انتخابات اختيار مدير منظمة اليونسكو، فى نفس توقيت فوز مصر وصعودها إلى تصفيات كأس العالم، وكلا الحدثين أثارا جدلا ممتدا خاصة على صفحات مواقع التواصل، هناك من يخوض النقاش بهدف الحوار، وهناك من يخوضها كحرب يريد فيها تسجيل نقاط أو تجميع لايكات.
اليونسكو كانت منافسة أصرت مصر على السير فيها، وهى ليست المرة الأولى التى تخوض فيها منافسة على رئاسة المنظمة الدولية، ولدينا منافسة سابقة خاضها فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق نفس المعركة وخسرها. وبالتالى فإن خوض المنافسات على المناصب الدولية أمر طبيعى طالما ظل فى نطاقات السياسة والمنافسة السياسية.
الجديد هذه المرة فى انتخابات اليونسكو وجود طرف قطرى، فى وقت هناك معركة كبرى لمصر والرباعى العربى فى مواجهة الإرهاب وتمويله، تناور قطر للتهرب من مسؤولية تعرضها لمساءلات دولية. الدوحة فازت من قبل بتنظيم كأس العالم، وكان هذا الفوز قبل ظهور تفاصيل وإشارات كثيرة عن ضلوع الدوحة فى تمويل ودعم منظمات إرهابية، وفيما يتعلق بفوز الدوحة بتنظيم المونديال، هناك اتهامات واضحة بأن هناك تدخلات بالمال من قبل قطر للحصول على تنظيم المونديال، واتهامات أخرى فيما يتعلق باستعباد العمالة فى إنشاء البنية الأساسية للمونديال. الأمر تجدد فيما يتعلق باليونسكو، حيث بدا أن قطر ترى أن المال يمكنه شراء المناصب الدولية، ومنها مدير اليونسكو، وفى الاحتياط كان الهدف هو العمل ضد مصر بشكل واضح.
وهنا يمكن احترام آراء اختلفت أو اتفقت مع إصرار مصر، الطبيعى أن تكون هناك منافسات دولية وأن تسعى كل دولة دبلوماسيا وسياسيا، أما الفوز والخسارة فهى تفاصيل يمكن المناقشة حولها. ومن هنا كانت هناك آراء ترى أن قطر تستخدم المال، وبالتالى فلا داعى للمواجهة مع المليارات هنا أو هناك، لكن الأمر لدى من أيدوا خوض المنافسة فى اليونسكو، كان تجاه استمرار الدور المصرى، والسعى للمناصب هو مشروع.
ثم إن وجود مصر ربما كشف الغطاء على تفاصيل وتربيطات ومساعٍ لشراء المناصب الدولية بالمال. ووصل الحال إلى أن تتحول منظمات يفترض أنها حقوقية، إلى منظمات سياسية تساند مرشحا منافسا لمصر، ونقصد بيان عدد من المنظمات الحقوقية، التى تخلت عن دورها الحقوقى المدنى وتحولت إلى منظمات تعمل بالمال، والدليل أنها انحازت لمرشح قطر بشكل غير مباشر، وبدا توقيت وشكل بيان المنظمات نوعا من الانحياز الفج لمرشح منافس، وليس من أجل عيون حقوق الإنسان كما ادعت المنظمات، خاصة أن هناك شبهات لوجود علاقات تمويلية بين الدوحة وبعض المنظمات الموقعة على البيان الذى يعد بمثابة تدشين لتسييس المنظمات الحقوقية.
وبعيدا عن اليونسكو، فقد كانت قطر سباقة لشراء مراكز أبحاث ومنظمات حقوقية، تحصل على تمويل بأشكال غير مباشرة، لإصدار بيانات ضد خصوم قطر، وهناك مراكز أبحاث مثل كارنيجى ومنظمات مثل رايتس ووتش، لم تعد تخفى علاقاتها بقطر، الأمر الذى جعل السياسة جزءا من عمل مراكز ومنظمات يفترض أن تنأى بنفسها عن شبهات التسييس والتمويل، لكن المال يفعل أفعاله بالطبع.
وبالعودة لانتخابات اليونسكو، نظن أن مصر خاضت المعركة بدرجة كبيرة من الإصرار، وبقواعد دبلوماسية وسياسية واضحة. وهو حق لمصر ولغيرها، وقد حققت فيها مصر فوزا بالنقاط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة