كادت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة أن تفقد شرعيتها إذا ما صوت مجلسها التنفيذى لصالح المرشح القطرى حمد الكوارى ليصبح مديرا عاما للمنظمة، وفى الحقيقة فإنى بعد ما شاهدته فى هذه الانتخابات أدركت تماما حكمة مشاركة مصر فيها، فلولا مشاركة مصر لتحولت تلك المنظمة إلى أكبر أداة لغسيل سمعة قطر دوليا، وأصبحت آثار العالم فى يد من يدعم إرهابى العالم الجدد «داعش وأخواتها» الذين يتفاخرون بتدمير التراث الإنسانى وتحقير الإسهام الفنى والفكرى لحضارات العالم القديم باعتباره منتجا وثنيا.
أرادت قطر أن تترأس أكبر منظمة لحفظ وصيانة آثار العالم فى حين أنها تأوى أئمة الفتنة وتحمى زارعى الكراهية لكل إنجاز حضارى أسهمت البشرية فى تحقيقه، أرادت قطر أن تصبح مديرة لليونسكو، ففى حين أنها مازالت تدعم جميع الإرهابيين وترفض تسليمهم إلى البلاد التى فسقوا فيها وأفسدوا فيها لينالوا محاكمتهم العادلة، حاربت من أجل أن يتسلم «الفأر مفتاح الكرار» ليصبح حاميها حراميها، لكن الوجود المصرى فى هذه الانتخابات أسهم فى فضح قطر أمام العالم وإبراز بشاعة تحكم الأموال السوداء فى مصير العالم.
نافست مصر بشرف، وحاربت حتى الرمق الأخير، دخلت الانتخابات محاطة بدعاية مدفوعة الأجر فى الداخل والخارج، حاربت تلك الصورة المزيفة التى أرادت أن تنتقص من قيمة مصر وقامتها، قاومت ما فعله المال فى الذمم الخربة، أشارت بأصابع الحقيقة إلى الأسباب التى دفعت بعض الدول إلى التصويت لصالح المرشح القطرى، فخشيت كل دولة من أن تعلن تأييدها لهذا المرشح خشية أن توصم بالعار الذى لا يزيله التاريخ، وكان إعلانها دعم فرنسا فى المنافسة الأخيرة بمثابة القشة التى قصمت ظهر إمارة الإرهاب، لتخرج بذلك الدعم من حدود المنافسة الضيقة أو الانتماء الأعمى، مفضلة صالح المنظمة على مصالحها الخاصة، ولا أبالغ إن قلت إن مصر دافعت حتى الرمق الأخير عن شرف المنظمة وتاريخها، لتحرم من يدنسون الآثار والتراث والحضارة ومن ينهبون التاريخ ويزيفون الحاضر ويدمرون إنجازات البشرية الراقية لإعلاء قيم الجاهلية البائدة، لتثبت مصر دائما أنها أقوى مما يظنه البعض، وأعلى راية مما يتخيله البعض.