فى العلاقات المصرية – الأمريكية ، تُلوِّح واشنطن بورقة الأقباط لممارسة ضغوط باطنها غير ظاهرها.. فالظاهر هو الدفاع عن شُركاء الوطن، والباطن هو الاستخدام السياسى، والدليل أنه فى فترة حكم الإخوان، تعرَّض الأقباط لانتهاكات إخوانية غير مسبوقة، لم يصدر بشأنها بيان إدانة واحد، لا من البيت الأبيض ولا الكونجرس ولا الخارجية، وقبل ذلك كانت البيانات تتوالى إذا وقع أى حادث، حتى لو لم يكن طائفيا.
الأقباط فهموا الخدعة، وعرفوا أنهم مستهدفون من جماعات الشر، مثلهم مثل المسلمين تماما، فرصاص الغدر والسيارات المفخخة، لا تختار مسلما أو مسيحيا وإنما تغتال الجميع، وشهداء المسلمين فى الحرب ضد الإرهاب أعدادهم كبيرة، وفى النهاية هم جميعا يدفعون ضريبة البقاء والوجود، وحماية لمصر والدفاع عن مستقبلها.
لم يفرِّق القتلة بين ضابط وجندى، سواء كانوا على وشك الإفطار فى رمضان، وبين زوار كنيستى طنطا والإسكندرية.. الدم مصرى والضحية مصرى، والقاتل عدو مصر كلها.
الأقباط متأكدون أن حمايتهم فى أحضان الوطن، جنبا إلى جنب شركائهم، فى ظل علاقات طيبة تعلى مبدأ المواطنة، وتوحد الجميع تحت علم مصر، ويهتف الجميع بالروح بالدم نفتدى مصر، وفى الأحداث الأخيرة كان المتبرعون بالدم فى حوادث الكنيسة، مصريون دون النظر لديانتهم، فاختلطت الدماء فى العروق، كما هى ترتوى من ماء النيل.
أمريكا ليست أحن على الأقباط من بلدهم وأرضهم وسماءهم ، وسياسة المتاجرة بقضيتهم عفا عليها الزمن ، فمن يريد الدفاع عن حياة الآمنين عليه أن يدعم الدولة المصرية فى حربها ضد الإرهاب، ولا يمارس ضدها ضغوطا تصب فى مصلحة الجماعات الإرهابية والتيارات الراعية للإرهاب، وأمامنا نموذج داعش وما فعلته فى المسيحيين فى العراق وسوريا من عمليات قتل واغتصاب وحرق وانتهاك.. ولم تتحرك أمريكا ولا الغرب دفاعا عنهم.
الإرهاب يستهدف المصريين جميعا، وإذا نال شركاء الوطن، فالهدف هو توجيه رسالة كاذبة للعالم بأن أقباط مصر فى خطر ويحتاجون الحماية، وإذا ابتلعت أمريكا هذا الطعم فهى تساعد جماعات الشر بقصد أو بحسن نية، وتشجِّع الأيدى التى تفجِّر الأبرياء، فى وقت تحارب فيه مصر الإرهاب نيابة عن العالم كله، وانتقلت كرة النار التى أشعلوها فى الشرق إلى دولهم فى عُقر دارهم .
البابا تواضروس يستحق التحية حين قال: «وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن».. فقد نفذ إلى قلب القضية، واختصر الضغوط والشعارات فى كلمات أقوى من الرصاص والمتفجرات، ترسم إطارا جديدا لعلاقات يجب أن تسود بين القاهرة وواشنطن.. فأقباط مصر جزء من نسيجها لا يقبل الانفصال.
وللحديث بقية