أحالت نيابة شمال القاهرة الكلية برئاسة المستشار إبراهيم صالح المحامى العام، المتهم بقتل القس سمعان كاهن المرج إلى محكمة الجنايات؛ لمحاكمته فى الاتهامات المسندة إليه بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وذلك بعد إكتمال أدلة الثبوت فى القضية، وفى مقدمتها كاميرات المراقبة، وتحريات رجال المباحث حول الواقعة، وأقوال الشهود.
وشكلت النيابة فريق تحقيق برئاسة المستشار إسلام الجوهرى، وأحمد العاصى وكيل أول النيابة، وكلاً من محمد الجرف ومصطفى مخلوف وأحمد خالد وكلاء النيابة، لمباشرة التحقيقات، والاستماع لأقوال شهود العيان، وصرحت بدفن جثة المجنى عليه، عقب الإنتهاء من تشريحها، لمعرفة أسباب الوفاة.
وإنتقل فريق من النيابة لمسرح الحادث؛ للمعاينة، وتبين لها من خلال تفريغ كاميرات المراقبة الخاصة بمخزن حديد تسليح أسفل الطريق الدائرى، أن المتهم طارد المجنى عليه، وبيده "ساطور" ثم سدد له ضربات، حتى سقط غارقاً فى دمائه أمام المخزن، وفر هارباً، إلا أن عمال المخزن وعدداً من المواطنين طاردوا الجانى وتمكنوا من التحفظ عليه، وإبلاغ قسم شرطة المرج، وألقت الشرطة القبض عليه.
وناظرت النيابة جثة المجنى عليه، وكشفت المناظرة أن سبب الوفاة إصابة الضحية بجرح طعنى بالبطن وشق طولى بالرأس، أدى إلى كسر فى الجمجمة ونزيف داخلى، وإستمعت لأقوال أحد مرافقى المجنى عليه، الذى كان بصحبته بالسيارة، و أكد أنه والضحية وآخرين كانوا فى رحلة لجمع تبرعات للكنيسة، وأثناء سيرهم بمكان الحادث مترجلين عقب تركهم السيارة، فوجئوا بالمتهم يحمل سلاح أبيض "ساطور" ويطارد المجنى عليه.
وتابع أن المتهم، سدد عدة ضربات للمجني عليه عقب سقوطه أرضاً، حتى تأكد من مفارقته الحياة، وأنه حاول التدخل للدفاع عن المجنى عليه، إلا أن المتهم حاول الاعتداء عليه، ثم فر هاربا، وتجمع عدد من المواطنين، وتمكنوا من مطاردته وضبطه، بعدها تجمع عدداً من أبناء الكنيسة وأهالى المرج مسلمين وأقباط بمحيط مشرحة زينهم، فى أثناء خروج الجثمان.
وانتقل "اليوم السابع" إلى قرية كفر أبو صير بعزبة النخل لرصد شهادة الأهالى، حيث قال «محمد. أ»، 28 سنة صاحب جراج، أحد أصدقاء المتهم بقتل راهب المرج، إن المتهم كان إنساناً طبيعياً لفترة قريبة جداً، إلا أن تفكيره تحول بشكل غريب منذ ما يقرب من 8 شهور، موضحاً أنه لاحظ عليه السلوك العدوانى خاصة تجاه المسيحيين فى المنطقة، وأنه منذ تلك الفترة ظل يفتعل معهم المشاكل دون أى أسباب تدعو لذلك، لافتاً إلى أن جميع أهالى المنطقة من المسلمين والمسيحيين تجمعهم علاقات طيبة تتمتع بالترابط والتلاحم فيما بينهم جميعا، وأنه لا توجد أى عداءات بينهم، مشيرا إلى أن صديقه المتهم فى الفترة الأخيرة أخذ يتلفظ بألفاظ يتهم فيها المسيحيين بالكفر، وأنه لابد من قتلهم جميعا.
وأضاف صديق المتهم فى حديثه لــ«اليوم السابع» أنه فوجئ من قبل المتهم فى الفترة الأخيرة بالالتزام والتدين الشديد بشكل غريب، وأنه كان يقوم بأفعال غريبة لا مبرر لها، موضحاً أنه كان يقوم بالصلاة فى الشارع وسط الطريق لا المسجد، مضيفاً أنه كان أيضاً يقوم بتعاطى المواد المخدرة وشرب الخمر، الأمر الذى يتناقض مع كلامه الذى يردده دائما فى الفترة الأخيرة بضرورة الالتزام بالتدين.
وكشف صديق المتهم، أنه قبل الحادث بعدة أيام حاول إضرام النيران فى منزله وبداخله والده ووالدته، موضحاً أن محاولته هذه كانت بسبب الظروف النفسية التى كان يمر بها المتهم من ضائقة مالية بسبب عدم حصوله على عمل، لافتاً إلى أن جميع الأهالى فى المنطقة إعتقدوا أن ما يفعله «أحمد» المتهم بسبب لمس جنى له، مضيفاً أن أهله أحضروا له شيخاً إعتقاداً منهم أنه "ملبوس"، وأن الشيخ سوف يخرج الجن منه، إلا أن الشيخ الذى حضر لهذا الأمر أخبرهم أنه طبيعى ولا يوجد به شىء، مشيراً إلى أنه بعدها زادت حالته سوءاً بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى زيادة إضطهاده للمسيحيين بالمنطقة، موضحاً أنه دخل فى عدة مشاكل مع جميع الأقباط بالمنطقة، كما أنه كان يذهب إلى «ترعة» كبيرة بالمنطقة وينزل فيها ثم يخرج منها ويقوم بتأدية الصلاة، موضحاً أن حاله فى الفترة الأخيرة كان غريباً بشكل ملحوظ، لكنهم لم يتوقعوا أنه سوف يرتكب مثل هذه الجريمة البشعة التى لا صلة لها بالدين الإسلامى من قريب أو بعيد، مؤكداً أن صديقه «أحمد» المتهم ليس مجنوناً وأنه يدرك ما يفعل تماماً.
بينما قال، «على. م» أحد شهود العيان على الواقعة، إنه يوم الواقعة ذهب إلى ورشته المجاورة للمصنع الذى شهد الحادث المأساوى البشع فى تمام الساعة العاشرة صباحاً، مضيفاً أنه عقب فتحه لورشته فوجئ بسيده تستغيث بهم لإنقاذ أحد الأشخاص فى الشارع، مضيفاً أنه لم يكن يعلم وقتها أنه كاهن وأن من يركض وراءه يريد قتله، موضحاً أنه إعتقد أن الأمر لم يتعد المشاجرة أو أن هناك من قام بسرقة السيدة، لافتاً إلى أنه فوجئ بشخص يرتدى «جلباب» ويحمل سلاحاً أبيض كبيراً «سكينة كبيرة» وقام بطعن الشخص الذى كان يركض أمامه فور وصوله للمخزن المجاور له، مضيفاً أنه أنقض عليه وقام بطعنه عدة طعنات، ثم قام بعد ذلك بذبحه من رقبته ورسم علامة الصليب على جبهته، مستخدماً السلاح الأبيض الذى كان بحوزته، وفر هارباً.
وأكمال شاهد العيان حديثه لـ«اليوم السابع» أنه بعد ذلك لاحق المتهم ومعه أحد الأشخاص يدعى «محمود» وباقى أهل المنطقة، حتى تمكنوا من الإمساك به، وقاموا بتسليمه لقطاع الأمن المركزى الملاصق للطريق الدائرى بالمنطقة، حتى تم الاتصال بالشرطة التى حضرت على الفور، وتم إستدعاء رجال الإسعاف، وتم نقل الجثة إلى المستشفى لتوقيع الكشف الطبى على المجنى عليه لمعرفة سبب الوفاة الحقيقى، تنفيذاً لقرار النيابة العامة .
ومن جانبه قال رومانى رسمى فى العقد الخامس من العمر، خادم كنيسة «العدرا الأنبا شنودة» إنه عرف بخبر مصرع الراهب «سمعان» عقب ارتكاب الواقعة ببضع دقائق، نظراً لقرب بيته من مكان الواقعة مباشرة، مضيفاً أنه توجه على الفور إلى مكان الحادث فوجد الأب «سمعان» المجنى عليه ملقي على الأرض وغارقاً فى دمائه فى منظر بشع مفارقاً الحياة، موضحاً أنه بعدها ببضع دقائق علم بتمكن الأهالى من إلقاء القبض على مرتكب الواقعة، وأنه تم تسليمه إلى الجهات الأمنية.
واستكمل رومانى أن المتهم قام قبل ذلك بارتكاب واقعة تعدٍّ على أحد الرهبان أيضا بكنيسة مجاورة، بالضرب والسب والقذف، ووصف الأقباط بالكفار الذين لابد من قتلهم جميعاً دون أن يكون هناك أى سبب لذلك، مضيفاً أنهم قاموا بإبلاغ الجهات الأمنية عن هذه الواقعة، فتم ضبط المجنى عليه وإصطحابه إلى مقر الأمن الوطنى، وتم التحقيق معه لمعرفة ما إذا كان ينتمى إلى أى تيارات أو تنظيمات إرهابية، إلا أن رجال الأمن عقب التحقيق قاموا بإخلاء سبيل المتهم، لافتاً إلى أن هذه ليست المرة الأولى التى يعتدى فيها المتهم على الأقباط فى المنطقة، بل إن الوقائع كثيرة ومتعددة، مضيفاً أن الأهالى كانوا دائماً يقومون بإجراء الصلح بينه وبين الأقباط الذين يعتدى عليهم فى المنطقة، إلا أنه كان يعاود مرة أخرى الاعتداء على الأقباط ويتوعدهم بالقتل.
وأضاف خادم الكنيسة، أن الراهب «سمعان» من مركز الفشن بمحافظة بنى سويف حيث الكنيسة التى يخدم بها، مضيفاً أنه فى يوم الواقعة كان الأب «سمعان» قادماً إلى كنيسة «العدرا الأنبا شنودة» لجمع تبرعات لبناء كنيسة أخرى بمحافظة بنى سويف، إلا أنه عقب خروجه من الكنيسة توجه إليه على الفور المتهم، وأخرج سكيناً كان يخبئه داخل لفافة أوراق، وقام بطعن الراهب عدة طعنات بشهادة الأهالى ، مضيفاً أن الراهب حاول الهرب والاحتماء بمخزن للحديد، إلا أن المتهم لاحقه وسدد له عدة طعنات أخرى، حتى سقط أرضاً فانقض عليه وقام بذبحه، بالإضافة إلى رسمه صليباً على جبهة المجنى عليه، مستخدما ًالسلاح الأبيض الذى بحوزته وفر هارباً، حتى لاحقه أهالى المنطقة وتمكنوا من الإمساك به وتسليمه إلى رجال الأمن.
وقال رومانى رسمى خادم كنيسة «العدرا الأنبا شنودة» إن هذه جريمة قتل على الهوية، مؤكداً أن هذا الحادث ليس إرهابياً، لكنه قتل على الهوية، وأن المتهم إرتكب الواقعة إعتقاداً منه أن المسيحيين كفرة ويجب قتلهم، وذلك لاعتناقه الأفكار المتطرفة المتشددة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة