تخوض مصر وطنا وشعبا وقيادة حربا ضد الإرهاب فى الداخل وحربا ضد الإرهاب فى الخارج، وبعد النجاحات التى قامت بها الخارجية المصرية ورعاية الأجهزة السيادية فى مصالحات فتح وحماس، واسترداد هذا الملف الذى استعصى على الجميع، وكذلك الاتفاق الذى تم بين فصائل المعارضة السورية الذى كان ضربا من الاستحالة تنفيذه، ولا ننسى ما تم فى الفاتيكان حيث بارك بابا الفاتيكان، فرانسيس، للمرة الأولى «الأيقونة» الخاصة برحلة العائلة المقدسة فى مصر، فى خطوة نحو تشجيع السياحة الدينية إلى القاهرة بما يحمل ذلك من دلالة دينية لهذه المراسم، وفق ما قال البابا فهى «مباركة الأيقونة تعنى اعتمادها كرمز رسولى للترويج لرحلة العائلة المقدسة على غرار الرموز المعتمدة للحج من الفاتيكان كشجرة الزيتون للحج بالقدس»، وأكد فى الوقت ذاته على أن مباركة هذه «الأيقونة» خطوة مهمة وأساسية لتضمين مصر فى برنامج الحج الفاتيكانى لعام 2018.
كانت هذه النجاحات على كل الأصعدة كافية لكى تحرك قوى الإرهاب داخليا وخارجيا ضد مصر. وفى سيناء واصلت قوات إنفاذ القانون، من رجال القوات المسلحة والشرطة، الاثنين والثلاثاء الماضيين، معاركها الشرسة لتطهير مختلف قرى ومدن محافظة شمال سيناء، خاصة فى مدن العريش والشيخ زويد ورفح، ونجحت فى إحباط أكثر من عملية وهجوم إرهابى على منشآت عسكرية وشرطية ومدنية، آخرها ٣ هجمات متزامنة فى وسط العريش، سواء على كنيسة مارجرجس أو البنك الأهلى، وما ترتب عن ذلك من شهداء وجرحى وسرقة مبالغ مالية من فرع البنك. كما سبق ذلك عملية ذبح القمص سمعان شحاتة فى مدينة السلام، الأمر الذى ترتب علية حالة من القلق والذعر فى الجماعة الوطنية.
ومن مدينة السلام وسيناء إلى باريس، حيث انتهت معركة اليونسكو بعد مجهود نزيه ومشرف للحملة الانتخابية وللخارجية المصرية رغم عدم التكافؤ بين الإمكانات المادية المصرية والقطرية، ووسط ضوضاء إعلامية ساذجة، ولا تليق بمكانة مصر، فازت المرشحة الفرنسية أودريه أزولاى وحصلت على ٣٠ صوتا مقابل ٢٨ لمنافسها القطرى حمد الكوارى.
وأعربت وزارة الخارجية عن خالص شكرها وتقديرها واعتزازها للدعم الكبير الذى قدمته الدول الشقيقة والصديقة لمصر خلال انتخابات اختيار مدير عام منظمة اليونسكو الجديد، التى أجريت فى مقر المنظمة الدولية بباريس خلال الفترة من ٩ إلى ١٣ أكتوبر الجارى. وأكدت أنه لولا هذا الدعم والتضامن لما تمكنت المرشحة المصرية من خوض غمار المنافسة الجادة حتى الجولات الأخيرة، رغم التحديات الجسام التى أحاطت بالعملية الانتخابية. ومن المقرر أن يعتمد المؤتمر العام لمنظمة «اليونسكو« خلال دورته الـ٣٩ فى ١٠ نوفمبر المقبل بمشاركة كامل عضوية المنظمة البالغة ١٩٥ عضوا اختيار المجلس التنفيذى للفرنسية أزولاى حتى تباشر مهام منصبها فى ١٥ نوفمبر خلفا للبلغارية إيرينا بوكوفا التى كانت أول سيدة تقود المنظمة وشغلت هذا المنصب لولايتين كل منهما مدتها أربع سنوات.
كنت ومازلت ضد محاولة قطر للاستحواذ على المنظمة دون مرجعية ثقافية وحضارية وعلى حساب ثلاثة حضارات عريق «مصر والصين وفرنسا»، ومازلت أعزى النهم القطرى لصعود قمة الثقافة والرياضة فى العالم للشعور بـ«الدونية» الثقافية، و«للاحتباس الحضارى» الذى تعانى منه، ويعود ذلك الموضوع باختصار إلى أن العالم ينتقل من صراع الحضارات والثقافات الى صراع المصالح كما أن العمر الافتراضى للدولة القومية قد انتهى ولا أحد يربط بين ذلك وبين تفكك الاتحاد السوفيتى ويوغوسلافيا، والانقسام الإثنى فى أوروبا الشرقية، مثل التشيك والسلاف، وإعلان الأمم المتحدة لحقوق الأقليات ١٩٩٢، والفيدرالية فى العراق ٢٠٠٣ واستفتاء كردستان وكاتالونيا، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى ولا أحد يدرك أن لقطر استثمارات فى غرب أوروبا وفى أمريكا الجنوبية وفى أفريقيا تقدر بحوالى أكثر من مائة مليار، ومن ثم هناك ٢٢ دولة أعضاء فى اليونسكو لقطر استثمارات مؤثرة بها، كما أن نجاحات الدولة المصرية الأخيرة على الأصعدة التى تم الحديث عنها قد حرم قطر ومن يقودها من ملفين أساسيين وهما: الملف الفلسطينى الحمساوى والملف الخاص بجماعات الإرهاب فى سوريا، الأمر الذى شدد من الحصار السياسى الخارجى ضد قطر ووضعها فى حالة فشل مما جعلها تدفع بكل استثماراتها ليس من أجل نجاح مرشحها فى اليونسكو بل لإسقاط مرشحة مصر د. مشيرة خطاب، ومن جهة أخرى تحركت ذيول قطر من الإرهابيين فى سيناء فى عملية انتحارية وتليفزيونية فى وسط العريش لكى تشغل العالم بإرهاب فى سيناء، وبالطبع جاء السطو على فرع البنك خير تأكيد على تجفيف منابع التمويل لجماعات الإرهاب الآثمة، ولا ننسى أن استشهاد الأب سمعان شحاتة غير منفصل عن تلك المخططات التى تهدف فى مجملها الإشارة إلى أن مصر غير قادرة على كبح جموح الإرهاب فى وسط العريش أو فى القاهرة من جهة، وأن عدم توفيق السفيرة مشيرة خطاب وتراجعها أمام المرشح القطرى يدل على نفوذ قطر؟!
هكذا إننا أمام حروب متعددة الأهداف، محاولات «قتل على الهوية» لأفراد من القوات المسلحة والشرطة والمسيحيين، فى محاولة يائسة لفت عضد الجبهة الداخلية، وتفكيك معسكر 30 يونيو، ولكن تطبيق القانون بحسم يضرب بيد من حديد على الإرهابيين فى الداخل والخارج، إننا نرنوا إلى أن ترتبط المرحلة المقبلة بشعار تطبيق المواطنة وسيادة القانون، ومحاربة الفساد، لأن قوى الشر تمتلك أساليب شيطانية فى الولوج من خلال الثغرات المختلفة فى محاولات لا تهدأ لإضعاف الجبهة الداخلية خاصة فى ملف العلاقة بين مكونات الأمة.. اللهم احفظ مصر شعبا وقيادة.