دائما ما يلجأ هؤلاء الذين هبطوا علينا فى ليلة 25 يناير 2011، حالكة السواد، إلى سياسة لى عنق الحقيقة واتهام كل من ينتقد نهجهم وسياستهم ويعرى مواقفهم، بأنه أمنجى، ولجنة، ومسخر من كل الأجهزة الأمنية المحلية والإقليمية والدولية لتشويه صورتهم، وصورة كل ثائر ينايرى.
وإذا كنّا كذلك، فما البال بشهادة كاتب وروائى وشاعر وسيناريست وأكاديميى، تونسى شهير، فى حق علاء الأسوانى ويوسف زيدان تحديدا؟ هل نطعن فى شهادته الموثقة، خاصة الرجل ينتمى لدولة أنطلقت من فوق أراضيها أول شرارات ثورات الربيع العربى، كما يطلقون عليها، بجانب كونه كاتبا وأديبا وشاعرا وسيناريست وأكاديمى، وعندما يدلى بدلوه فلابد لنا أن ننصت ونستمع له جيدا، ونتدبر فيما يقوله.
الكاتب التونسى الكبير، كمال العيادى، كتب مقالا مهما فى موقع «دروب» يوم 26 يونيو 2014، تحت عنوان «أكذوبة عربية اسمها يوسف زيدان وعلاء الأسوانى» كشف فيه بالأدلة أن علاء الأسوانى استولى على مخطوط «عمارة يعقوبيان» الذى ألفه والده « عباس الأسوانى» وأدخل عليه تعديلات جوهرية، جميعها يَصْب فى صالح يهود إسرائيل، وأعطاهم البوصلة، والحجة، ليبحثوا عن أملاك أجدادهم فى مصر، بالاتفاق مع دور نشر إسرائيلية، التى ترجمت الرواية للغة العبرية ووزعتها فى كل المدن والمستوطنات الإسرائيلية!!
وبما أن المقال يفند مزاعم اثنين من الكتاب المثيرين للجدل فى مصر، فقد قررت أن أعيد نشره، على جزأين، الجزء الأول يخص علاء الأسوانى، والجزء الثانى يخص يوسف زيدان، واليوم ننشر الجزء الذى يخص علاء الأسوانى، مع حذف كل ما يخص كتاب أخرين، من باب الاختصار والتركيز على شخص الأسوانى فقط، وإلى نص المقال:
حين حلّ رِكابنا المُبارك بمصر فى آخر عهد حُسنى مبارك، وتحديدا سنة 2009، بعد سفر طويل سلخ ربع قرن من حياتى، حرثت فيه فى أحراش اللّغة وأدغال الأدب وغابات قلّة الأدب وفيافى الحياة وسباسب قلّة الحياء. تعمّدت أن أسكت وأراقب المشهد الثقافى فى مصر، مُكتفيا بنشر نصوص أدبية ومهاجمة الإخوان والفساد السياسى فقط. وتمكّنت من إنجاز عدّة كتب أدبية أعتقد أنهّا هامةّ، بين الشعر, والرواية والقصّة ومئات المقالات النقدية والتحرّشات الساخرة بكتاب العالم العربى الخامل. والساحة الإبداعية المُدجّنة والراضية والخالية من خصومات أدبية مُلهمة ومؤسسة وفاعلة، وكنت أضع عينى فى ثقب ما يصلنى من أخبار أو ما يطرق سمعى فى مقهى البُستان أو مقهى ريش أو الجريون أو أتيليه القاهرة، ومثلث الرّعب فيها وأدون، ملاحظاتى لنفسى، دون نشرها.
وسرعان ما لاحظت وسجلتُ ثلاث علامات جوهريّة، تمثّل الخيط الخطى لتكتلات الكتّاب اليساريين خاصة فى مصر، فتجنبا الآن للخط الثالث المُعقّد، كونه يجمع كلّ كتاب مصر بدرجات ومقامات مُتفاوتة طبعا، فإنّ الخطّ الأوّل، يتوكأ على عكّاز نجيب محفوظ، ويتزعّمه صديقى الكاتب جمال الغيطانى، ويوسف القعيد.
أمّا التكتّل الخطى الثانى وهو الأخطر، كونه يعمل مباشرة مع آلة غربيّة جبّارة، تقصف شباب وقلم كلّ من يقترب منها، فيتزعّمه علاء الأسوانى ويوسف زيدان.
وإذا كان نجم علاء الأسوانى قد بدأ فى الانحدار بشكل مرعب ومؤسف خلال السنوات الأخيرة، بسبب قيامه بخطأ قاتل، وهو أنه استمرّ فى الكتابة والنشر، متوهما أنه فعلا كاتب كبير. رغم أنّه يعرف يقينا أن الغرب تبنى مخطوط والده عباس الأسوانى، الكاتب الساخر الجميل، ولم يتعد دوره هوّ أنه بلّط عليها بعض الملامح والشخوص للتضليل، فتحوّل المخطوط بقدرة قادر من عمل إبداعى لوالده، يتناول فيه عمق المجتمع المصرى من خلال زاوية مسكوت عنها، مسرح أحداثها مَبنى قديم. و«عمارة يعقوبيان» هو اسم حقيقى لعمارة موجودة فعلاً بشارع طلعت حرب بناها المليونير هاغوب يعقوبيان، عميد الجالية الأرمنية عام 1934، تحولت إلى رواية خبيثة مأجورة، تفتح ملفّ قضيّة أملاك اليهود فى مصر، الذى كان قد فتح أول مرة سنة 1986 وأغلق بسرعة وبأمر حاسم من طرف المخابرات الأمريكية سنة 2011 على أثر أحداث الحادى عشر من سبتمبر نظرا للتغيّر الجذرى فى سلّم الأولويات والذى أعاد اللوبى الصهيونى فتحه وإخراجه للسطح بعد سنوات قليلة، ورشّح طبيب الأسنان الدكتور علاء الإسوانى، ليسلّط الضوء من خلال مخطوط رواية والده: عباس الأسوانى، حول هذا المبنى الذى راهنوا أنه سيؤكد للعالم، ويحرضه على مساندة إسرائيل فى قضيّة الأملاك اليهودية بمصر.
وأنتم تعلمون جيدا، كيف تحول الدكتور علاء الأسوانى طبيب الأسنان وحشو الأضراس، إلى مليونير وكاتب كبير فى سنة ونصف، وتهاطلت عليه شيكات الترجمات والمبيعات وخصوصا من مؤسسة هوجن دوبل والشركات الألمانية العملاقة للتوزيع العالمى. وزادت شهرته إثر تحويل الرواية المشبوهة إلى فيلم سينمائى عام 2006 بعد أن أعاد السيناريست العبقرى وحيد حامد صياغتها فى سيناريو أخرجه مروان حامد، وقام طبعا الفنان الكبير عادل إمام ويسرا ببطولته، بتمويل ضخم، ثمّ حوّل يا للعجب إلى مسلسل تليفزيونى أيضا عام 2007 بصياغة السيناريست عاطف بشاى وإخراج أحمد صقر. ليدخل بذلك كلّ بيت عربى وإسرائيلى وليكون شهادة دامغة، يتعلّق بها أحفاد بنى إسحاق وصهيون ويتحرج منها أحفاد بنى إسماعيل.
وهبطت أكداس الشيكات وملايين الدولارات وأكداس اليورو وترجمت فى ثلاث سنوات إلى أغلب لغات الأرض، وخصوصا بعد أن قام المركز الإسرائيلى للثقافة بترجمتها للعبرية، الذى حاول الدكتور علاء الأسوانى أيامها ايهامنا أن ذلك تمّ دون علمه. وسواء كان ذلك كذلك أم لا فالكارثة ليست فى الترجمة، وإنما فى الغاية من وراء هذه الرواية، فضلا على أن هيكلها العظمى الكامل مسروق أصلا من والده عباس الأسوانى، ذلك الكاتب والمذيع الألمعى الساخر الذى جاء من أسوان إلى القاهرة عام 1950، وكان يعمل مذيعا وكاتبا، روائيا، ولم ينشر فى حياته عديد من المخطوطات، وتركها لابنه علاء.
وحين اكتشف علاء الأسوانى وتيقن أنه قادم على الانتحار الأدبى، والفضيحة المؤكدة، بعد أن نشر رواية شيكاغو الضعيفة والمهلهلة فنيا، ثم رواية نادى السيارت، الكارثة التى بدى وكأن شابا مبتدئا قام بكتابتها، و بدأ كلّ من له ذائقة ومعرفة بالأسلوب وملامح جينيات الموهبة الفذة، انحرف للسياسة، وانتهى وضعه البائس نهائيا، بمراهنته على الرئيس محمد مرسى ووضع يده فى يد هذا الرئيس القاتل المعتوه الأراجوز محمد مرسى!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة