كم مجدى يعقوب فى مصر؟ كم طير مصرى مثله هاجر لكن لم تغادره بلده أبدا؟
هاجر إلى بريطانيا وأصبح واحدا من أكبر جراحى القلب فى العالم، وكنا نقرأ أخباره فى الصحف كنجم يتلألأ فى سماء الدنيا بعملياته الجراحية المبهرة، وافتخرنا ومازلنا بكونه واحدا من عباقرة مصر الذين تعلموا فى مدارسها ودرس الطب فى جامعتها «جامعة القاهرة».
أخلص للعلم دون ضجيج منه، فطريقه إلى الشهرة العالمية كان لنجاح مشرطه فى أن يعيد للقلب نبضه، وللجسد اتزانه، ولم يكن لشىء آخر كالفتى فى السياسة، وتقديم نفسه باعتباره العالم بخبايا كل شىء.
توزع اسمه إلى العالمية وكبر يوما بعد يوم، فكنا هنا فى مصر نتساءل: وأين نصيب بلده من هذا؟ وهذا سؤال يصح على كل طيور مصر المهاجرة، وأصبحت قيمة وقامة فى مجالها.
حين بدأ فى تشييد صرحه الطبى الخاص بمرضى القلب فى مدينة أسوان قبل سنوات، بدا أنه يسدد الدين لبلده، كان اختياره لهذه المنطقة الجنوبية البعيدة عن العاصمة القاهرة تعبيرا عن فكر مختلف، وتمديدا لفكرة خلق عدة عواصم طبية فى مصر بدلا من الاكتفاء بعاصمة واحدة هى القاهرة.
لم يكن الطريق مفروشا بالورود فى تجربة أسوان، خاصة أن صرحه الطبى يقوم على التبرعات الخيرية، ولا يحمل الحكومة أعباء مادية، ولم يخلُ الأمر من سموم بخها بعض صغار النفوس بالادعاء على الرجل بأنه، عاد إلى مصر بعد أن تقاعد فى بريطانيا، واللافت أنه فى هذا الأمر أن وسائل الإعلام مع بدء المشروع لم تقترب منه بالقدر الكافى للترويج عنه كمشروع خيرى يجب الوقوف إلى جانبه، نعم التفتت وسائل الإعلام فيما بعد، حين فرض المشروع نفسه بالإنجاز الحقيقى، وبالتفانى فى تقديم الخدمة للمرضى دون تفرقة بين مريض يملك، ومريض فقير لا يستطيع تحمل نفقات العلاج، ويوما بعد يوم استحق الدكتور يعقوب أن نطلق عليه لقب «قديس».
مجدى يعقوب يبشرنا اليوم بإنجاز إضافى ننتظره فى المستقبل، ففى المؤتمر العلمى لأمراض القلب الذى انعقد مساء يوم الجمعة الماضى تحدث عن إنشاء مدينة طبية عالمية لأمراض القلب وأبحاثه بمدينة «أسوان الجديدة» لتكون أربعة أضعاف المركز الحالى، وتكون أكبر مركز للقلب والأوعية الدموية، قال يعقوب: «المدينة ستكون الخدمة فيها مجانية بالكامل، وخيرية وستكفل التبرعات الإنشاء والتجهيزات ولعلاج جميع الأعمار» وأكد: «ستكون تلك المدينة الطبية بمثابة هدية لمصر ولدول العالم».
المشروع الجديد يذكرنا بأنه مازال فى مهنة الطب بمصر قديسون يسعون إلى علاج المرضى بالمجان أو فى حدود الإمكاينات، فى الوقت الذى وصلت فيه قيمة كشف بعض الأطباء إلى ألفين جنيه، وهؤلاء لا يعنيهم من بعيد أو قريب ما إذا كان المريض يملك أو لا يملك، هذا بخلاف المستشفيات التى لا ترحم، وتلك مسألة يطول فيها الكلام وتعبر عن تشوه فى المنظومة الصحية فى مصر وتحتاج إلى تدخل حاسم بوسائل متعددة، منها تشييد الصروح الطبية المحترمة كالصرح الذى أنشأه يعقوب ويعتزم التوسع فيه.
بالتأكيد فإن سمعة يعقوب ومركزه فى أسوان هى الرأسمال الأول فى إطلاق مشروعه الجديد، فالثقة هى التى ستدفع الجميع إلى التبرع، ومرةبعد أخرى يجدد لنا الرجل الثقة فى أن بين طيورنا المهاجرة من يرغبون فى العطاء لمصر بلا حدود.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة