بمناسبة قانون المرور الجديد، والحديث عن أنه سيحل كل أزمات المرور ويردع المخالفين، ولا أحد يقلل من أهمية وجود قانون جديد أو قديم، لكن التطبيق هو الفيصل، هناك الكثير من الدول لديها دساتير وقوانين مصاغة بأقوى العبارات، لكنها مجرد ورق أبيض، بينما دولة مثل بريطانيا ليس فيها قوانين مكتوبة، ومع هذا فهى أكثر الدول حسما فى قانون المرور، هى قواعد تم إرساؤها فى المجتمع، وتطبق بحسم ومن دون استثناءات، بل إن كثيرا من الدول تتبع النظام البريطانى، ونجحت دول مثل الإمارات العربية فى وضع قانون لضبط المرور يطبق بحسم، وبتقنيات عالية.
المهم فى كل هذا أن تكون الدولة حاسمة، ولا نظن أنه توجد دولة فى الكرة الأرضية مثلنا بها هذا الكم من العدوان على الشوارع، واقتطاع مساحات من الأرصفة وإغلاقها بالجنازير، أو إقامة مطبات صناعية بلا ترخيص تؤدى إلى حوادث وتحطم السيارات، وهذه أمور يفترض أن تتدخل فيها المحليات قبل المرور، لكن ما يحدث من عدوان على الشوارع والطرقات يمثل فوضى تبدو أحيانا غير قابلة للحل، ونظن أنه توجد لدينا قوانين يمكنها مواجهة كل هذا، وما لم تستطيع الدولة انتزاع الشارع ليكون ملكا عاما لا يمكن الرهان على أى قوانين جديدة، فى لندن مثلا الشوارع أغلبها ضيقة، ومع هذا تستوعب أتوبيسات النقل العام فى الاتجاهين، والأولوية للمواصلات العامة من مترو وباص، وتم فرض رسوم مرتفعة على السيارات الخاصة التى تدخل وسط لندن، هناك زحام، لكنه زحام يمكن تقبله، طبعا لا يمكن ولا فى الخيال تصور أن يقتطع مواطن فى لندن رصيفا أو شارعا ليضع عليه جنزيرا أو حديدا ويحوله إلى جراج خاص احتكارى، ويمنع الآخرين من المرور.
والواقع أن سلطات المرور لدينا تعمل فى وسط البلد والمناطق الحيوية أمام المحافظة، أما الشوارع والأحياء البعيدة عن العين فهى متروكة للفوضى والبلطجة، وهى أمور واضحة وتحتاج فقط لتطبيق القواعد العقل والمنطق، ولا نعرف إلى متى تظل رئاسات الأحياء والمدن خارج نطاق الخدمة، وما هو دور المحافظين، وما فائدة اجتماعات مجلس المحافظين، ما لم يكن من عملها إزالة هذه الاعتداءات وتسهيل حياة وحقوق المواطنين، ويكفى أن يتحرك السيد محافظ القاهرة ليشاهد على الطبيعة، حجم الاعتداءات على الشوارع فى أحياء دار السلام وعين شمس والمطرية، ونفس الأمر فى كل محافظة.
ونعيد الحديث عن موقع التوك توك الذى تحول إلى كوارث تمشى على الأرض، بينما كل ما تحتاجه هو تنظيم هذه المركبات، مثلما هو حادث فى العالم كله، حيث لا نظن أن أى عقل يسمح لطفل فى العاشرة أن يقود التوك توك، وأن نرى هذه المركبة على الطرق السريعة، وعكس الاتجاه. وبعض سيارات السيرفيس تسير بلا أرقام وبعضها منتهى الصلاحية يقتل المواطنين الذين لايجدون عنها بديلا.
كل هذا وغيره لا يفترض أن ينتظر قوانين جديدة، بل فقط إلى عقل وتحرك لفرض النظام بعدالة ومساواة، ولا أحد يمكنه الاعتراض على استعادة حق الناس فى الأرصفة والشوارع، إلا لو كان بلطجيا، الإرادة تكون أحيانا أقوى من أى قانون، والدليل أن من يخالف هنا لا يجرؤ على المخالفة فى الخارج.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة