تشهد العلاقات الفرنسية المصرية تناغما شديدا وترابطا قويا خلال الفترة الأخيرة وخصوصا بعد تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى السلطة، فقد بلغ عدد الزيارات الرسمية بين البلدين أكثر من 20 زيارة على مستوى الوزراء وكبار المسئولين منذ نوفمبر 2014، وعكست جميعها تقاربا فى وجهات النظر إزاء القضايا الثنائية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والأزمة الليبية، وكذلك رغبة البلدين فى تقوية شراكتهما التى تمتد عبر قرنين من الزمان فى المجالات الاقتصادية، والعسكرية، والثقافية.
وأبرمت فرنسا الفترة الماضية العديد من الاتفاقات الخاصة بالأسلحة العسكرية، وتطوير الجيش المصرى بأسلحة متطورة فرنسية الصنع جوا وبحرا، وأبدت البلدين إجماعا على قضية مكافحة الإرهاب الذى انتشر فى العالم بشكل كبير للغاية خاصة بعد ثورات الربيع العربى.
وفى إطار الحرص على توطيد وتقوية العلاقات الفرنسية المصرية، أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون سيستقبل، الثلاثاء المقبل، نظيره المصرى عبد الفتاح السيسى الذى سيصل إلى فرنسا فى زيارة عمل تستغرق ثلاثة أيام.
وجاء فى بيان صدر عن الرئاسة الفرنسية، امس الخميس، أن اللقاء الأول بين ماكرون والسيسى "سيمكنهما من بحث موضوعات تهم الجانبين، مثل الأزمات الإقليمية والحرب على الإرهاب، وأيضا حالة حقوق الإنسان التى توليها فرنسا اهتماما خاصا".
وأضاف البيان أن اللقاء سيمكن الجانبين أيضا من مناقشة العلاقات الثنائية بين البلدين، بما فى ذلك سبل تعزيز التعاون الثقافى والتعليمى.
وأشارت وكالات الأنباء العالمية وعلى رأسهم "رويترز، والوكالة الفرنسية للأنباء "، إلى أن علاقة مصر وفرنسا ليست حديثة إذ أن السيسى استقبل، فى 5 يونيو، وزيرة الدفاع الفرنسية حينذاك سيلفى جولار، ليبحث معها التعاون العسكرى والأمنى بين مصر وفرنسا.
وأكدت وكالات الأنباء أنه منذ 2015، عقدت مصر صفقات أسلحة مع فرنسا تتجاوز قيمتها الإجمالية ستة مليارات يورو، وتشمل شراء مصر أربعة طائرات من نوع "رافال"، وفرقاطة، وسفينتى "ميسترال" حاملتى المروحيات، وصواريخ.
وأشارت وكالة "رويترز" إلى أن فرنسا ومصر وثقتا علاقاتهما الاقتصادية والعسكرية فى السنوات القليلة الماضية، وفى ظل رئاسة السيسى لمصر تعززت هذه العلاقة، مع قلق الجانبين من الفراغ السياسى فى ليبيا والتهديد الذى تشكله الجماعات المتشددة فى مصر.
يذكر أن تلك الزيارة المرتقبة التى سيقوم بها الرئيس المصرى، إلى باريس، لم تكن هى الأولى من نوعها، بل سبقها العديد من الزيارات المتبادلة للمسئولين فى الدولتين، فقد كان هناك زيارتان رئاسيتان فى 2015، حيث زار الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند مصر، مع وزير الدفاع جان إيف لود، لحضور حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، واستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسى الرئيس الفرنسى، وتم استعراض سبل تعزيز ودعم العلاقات الثنائية بين البلدين.
وفى نوفمبر من العام نفسه زار الرئيس السيسى فرنسا لحضور مؤتمر قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ، والتقى الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند على هامش تلك القمة.
كما جرت 13 زيارة وزارية بين مصر وفرنسا، شملت زيارات لرئيسى الحكومة فى الجانبين، ووزيرى الخارجية، ووزيرى الدفاع وغيرهم من الوزراء، لبحث التعاون فى المجلات المختلفة.
ولم تعد القضايا السياسية هى وحدة محل اهتمام البلدين، فمنذ فترة طويلة وتعمل البلدين إلى جانب بعضهما فى مجال التعاون الثقافى، وذلك نظرًا لحجم دارسى اللغة الفرنسية فى مصر، فهناك أكثر من 2500 طالب فى 13 شعبة فرنسية يدرسون داخل 5 جامعات فى مصر، كما أن هناك 14 ألف دارس فى المعهد الفرنسى بمصر، بالإضافة إلى 7 آلاف تلميذ بـ11 مدرسة فرنسية معترف بها، وألفى طالب مصرى يدرسون فى فرنسا حاليًا، من بينهم 65 حاصلون على منح دراسية.
أما عن الناحية الاقتصادية، فقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية، انييس روماتى-إسبانى، إن العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين أن الصادرات الفرنسية إلى مصر زادت بواقع 9.2% لتصل إلى 1.1 مليار يورو فيما ارتفعت الواردات بنحو 21% لتصل إلى 401.4 مليون يورو، وإن مصر تحتل المركز العاشر فى الفائض التجارى العالمى لفرنسا.
ولفتت المتحدثة إلى أن فرنسا كانت المستثمر السادس فى مصر عام 2016 بمخزون استثمارات مباشرة بقيمة 3.5 مليار يورو، وتعد المورد السابع والزبون الـ13 لمصر وتستقبل 2.1% من الصادرات المصرية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة