العملية الإرهابية فى الواحات جزء من حرب مستمرة مدعومة بالملايين، تشير إلى أن أجهزة الأمن تحكمها الكثير من الاعتبارات، وتتحمل الكثير من التحديات وتخوض حروبًا مزدوجة مع الجريمة الجنائية ومع إرهاب أخطبوطى متعدد الأذرع، لا يكفى لتحليله استسهال فارغ.. وفى نفس الوقت فإن تكرار بعض الهجمات، ربما يكون مؤشرا على أهمية تطوير أساليب المواجهة، مع إرهاب يعمل بطريقة «الجرذان»، يضرب ويفر للجحور.. ويعتمد على المباغتة والتضليل.
وسواء كانت عملية الجمعة بالواحات، كمينا أو هجمات، فهى تشير إلى تقاطعات نوعية، وتستدعى، تطوير نظام المعلومات، وسد أى ثغرات يمكن أن تخدم الإرهابيين.. وفى المقابل لا يمكن لأى مواطن حقيقى إلا أن يساند القوات المسلحة، والشرطة فى حربهما مع عدو غادر. ومن عاصروا موجات الإرهاب فى التسعينيات، يعرفون أنه كلما تلقت التنظيمات هزائم، تسعى لتنفيذ عمليات لها صدى إعلامى.
كان المتوقع أن يحاول الإرهابيون تنفيذ عملية كبيرة، تصنع ضجيجا إعلاميا، وتمنح إعلام قطر فرصة للاحتفاء بنجاح الإرهابيين، وذلك بعد أشهر تراجعت فيها العمليات الإرهابية، كما وكيفا، مع الأخذ فى الاعتبار أن الإرهاب محصور فى مربعات محددة شرقًا وغربًا، وكلما تلقت التنظيمات الإرهابية ضربات فى العريش تسعى دائما للخروج وليس هناك غير الصحراء الغربية، وخلال أربع سنوات كانت هناك عملية الهجوم على كمين الواحات.. وهو ما يشير إلى وجود تشابك وإتصال بين مسارات الإرهاب فى الغرب والشرق.. يضاف إلى ذلك الدور الذى تقوم به قناة الجزيرة، وأخواتها التركية من ظهير إعلامى، ومساندة للعمليات دعاية وتأييدا.
كانت هناك علامات أن الهزائم التى تلقاها تنظيم داعش فى سوريا والعراق وليبيا من شأنها أن تمثل ضغطا يتحرك بموجبه فلول التنظيم لعبور الحدود خاصة فى الغرب.
لقد كانت هناك توقعات بعمليات إرهابية خلال الشهر الحالى ثم إن تبادل العمليات من الشرق للغرب محاولة ربما لتخفيف الضغط على التنظيمات فى العريش.
وكما أشرنا يمكن أن تكون العمليات الإرهابية رغبة من جهات التمويل فى إبعاد نفسها عن دعم وتمويل الإرهاب، أو الانتقام من فشلها فى غزة وهزائمها فى ليبيا والعراق وسوريا.
ولا يمكن منع وقوع عمليات، لأن المواجهة ليست مع جيوش نظامية، ولكن مع مجموعات مسلحة ومدربة وبينها انتحاريون.. ولهذا تمثل المعلومات والتوقعات أهم خطوات المواجهة مع التنظيمات الإرهابية خاصة فى ظل الأوقات، التى تتزايد فيها احتمالات الهجوم.
هناك خطوط تشير إلى وجود صلات واضحة وتحركات منسقة، مع الأخذ فى الاعتبار أن عمليات تهريب السلاح والأفراد عبر الحدود مستمرة، وبالرغم من نجاح القوات الجوية، وحرس الحدود فى إحباط عشرات العمليات يوميًا، تبقى هناك احتمالات لنجاح بعضها، إذا علمنا أن هناك أكثر من 3 آلاف كيلومتر فى الحدود الغربية والجنوبية، ومنها مدقات فى بحر الرمال ثمثل مجالا لنفاذ المهربين.
ولا يمكن لمن لا يمتلك المعلومات أن يقدم تصورًا لما حدث أو غيره لكن كل ما يمكن هو بناء التحركات والخطط على فهم لطريقة تفكير الإرهابيين وبناء توقع استباقى بناء على هذه المعلومات.. يضاف إلى ذلك هناك إشارات وعلامات عن تقاطع فى الاتصالات، وأن التنظيمات الإرهابية ربما تمتلك قدرة على معرفة خطوط سير بعض المأموريات الأمنية وهو ما يفترض أن يتم التفكير فيه ضمن حرب معلومات.
ومن الصعب فصل الإرهاب عما يجرى فى العريش ورفح، وظهور أسماء لتنظيمات إرهابية جديدة مثل حسم، قد يكون نوعا من التمويه أو هو بالفعل تنسيق بين داعش والتنظيمات الأخرى، ويتطلب العمل كشف خلايا، يتلقى أفرادها تدريبات فى مناطق ومعسكرات، تقام فى مزارع أو مناطق صحراوية.. وقبل شهور سقطت خلية فى الإسماعيلية، وبعدها فى البحيرة، وتمثل الواحات مكانا مناسبا لإقامة معسكرات تدريب بعيدة عن الرصد.