تحفل شوارع القاهرة ببناتها الجميلات ونسائها اللواتى يملأنها بهجة طول الوقت ويضفين عليها لمسة من الحياة، هذه اللمسة هى التى تجعلها مدينة مختلفة عن كثير من المدن الكبرى فى المنطقة والعالم، وفى الوقت الذى تعترف فيه هذه الشوارع بأنوثة المرأة، كما أيضا بقدرتها على مواصلة الحياة فى ظل الصعوبات الحياتية التى تواجه الجميع وترى فيها إنسانة قوية توازى الرجل وتتقدم عليه أحيانا، لكن مؤخرا خرج علينا من يرى أن المرأة فى القاهرة هى الأكثر اضطهادا فى المدن العالمية الكبرى.. فهل هذا أمر حقيقى؟.
منذ أيام قليلة نشرت مؤسسة طومسون رويترز «أول استطلاع دولى لآراء خبراء» حول حظوظ النساء فى المدن التى يزيد عدد سكانها على 10 ملايين نسمة، وشمل البحث 19 دولة سُئل خبراء منها عن «مدى حماية النساء من العنف الجنسى، ومن العادات الثقافية المؤذية، ومدى وصولهن إلى مستوى جيد من العناية الصحية والتعليم والدخل».
وصنف التقرير القاهرة كأخطر مدينة على النساء، تلتها كراتشى الباكستانية، وكينشاسا فى جمهورية الكونغو الديمقراطية ثم العاصمة الهندية نيودلهى، فى حين صنفت لندن كأفضل المدن الكبرى بالنسبة للنساء.
بالطبع هناك بعض المضايقات التى تتعرض لها المرأة فى القاهرة وفى غيرها من المدن المصرية، لكنه ليست المضايقات الكبرى التى تمحو فى طريقها كل شىء جيد يحدث، وعن نفسى لا أعتقد أن الأمر وصل إلى هذا المستوى الذى يمنحنا إياه التقرير، لأن من يقرأ تقرير مؤسسة طومسون رويترز سيظن حتما أن النساء لا يقدرن على الخروج من منازلهن، أو أنهن مضطهدات طوال الوقت، أو يتم اغتصابهن فى الشوارع.
لا أعر ف معنى كلمة «خبراء» التى اعتمد عليها التقرير، فى قوله «آراء خبراء» فهل هم أساتذة جامعات أم باحثون فى مراكز العلوم الاجتماعية أم أناس عاديون يسيرون فى شوارع المدينة المزدحمة، أم رجال إعلام يحبون المبالغة بعض الشىء حتى يسمع كلامهم ويلتفت إليهم أصحاب البرامج الفضائية، لكن فى العموم هؤلاء الخبراء لم يروا سوى جانب واحد من الأمر.
بالطبع لا ننفى بعض التجاوزات والموجودة حتما فى كل العالم بدرجات مختلفة، لكن المرأة فى مصر، خاصة فى القاهرة، تحركت إلى الأمام بشكل مختلف، وأصبحت تملك قدرا كبيرا من استقلالها، وصارت تحصل فى معظم الوقت على تعليم مناسب، تتحكم فيه الظروف الاقتصادية أكثر من الظروف الاجتماعية، كذلك فيما يتعلق بالجانب الصحى فإن مصر جميعها رجالها ونسائها لديهم المشكلات نفسها، وفيما يتعلق بالتحرش الجنسى، فنحن لن نقدر على نفى وجوده، لكن ليس بالصورة التى يصر عليها الإعلام.
لا يزال الغرب يتحرك فى رؤيته من النظرة نفسها التى لم تتطور ولم تتحرك للأمام، لا يزالون يصرون أن كائنات جنسية لا تعرف عن المرأة سوى كونها آلة للإنجاب والمتعة، ولا يريدون أن يعدلوا صورتهم عنها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة