كانت الهجمات الإرهابية فى الواحات ومارافقها من ارتباك فى إعلان أعداد شهداء الشرطة، تؤكد أن مواقع التواصل الاجتماعى أصبحت واقعًا يجب التعامل معه بميزاته وعيوبه، خاصة أن أغلب ،إن لم تكن كل التقارير، التى نقلتها وكالات الأنباء العالمية ومواقع مثل بى بى سى وروسيا اليوم، كانت تستند فعليا على « بوستات» فيس بوك وتويتر، حتى لو كان البعض ينسبها إلى مصادر أمنية مجهولة.
حالة أصبحت بالفعل تفرض نفسها فى ظل رغبة هذه الوكالات والمواقع فى النشر وجذب قراء والتخديم على أهدافها.. وليست المرة الأولى التى تنقل الوكالات مثل هذه التقارير عن بوستات فيس بوك، واللافت أنهم ربما يخجلون من نسب الأرقام والتقارير إلى فيس بوك، فيخترعون مصادر أمنية أو سياسية مجهلة يلصقون بها المعلومات، استنادًا لمبدأ يحكم النشر وهو الحق فى إخفاء المصدر.. بالرغم من أن نفس المواقع عندما تتعامل مع حادث إرهابى فى بلادها تلتزم بالبيانات الرسمية.
وخلال ساعات من بدء المواجهة مع الإرهابيين فى الواحات، سارع عدد من الصحفيين والإعلاميين والنواب والسياسيين وعابرى السبيل، وبعضهم يقدم نفسه كمتخصص فى التغطيات الأمنية والخطط الاستراتيجية، سارعوا بنشر أرقام وبيانات عن عدد الشهداء، كانت منقولة بالنص من بوستات وتويتات تابعة للتنظيمات الإرهابية، وسارعت قنوات قطرية بنشر تسجيل لمحادثات بين بعض الضباط، فيما يهدف بشكل واضح إلى الإيحاء بأن هناك اختراقا من التنظيمات الإرهابية للاتصالات أو ربما الإيحاء بوجود تابعين للإرهاب بين رجال الداخلية وهو أمر هدفه التشكيك.
اللافت أن عددا من الصحفيين، الذين لا يفتقدون إلى العقل وكثيرا ما يلوحون بالمهنية، أرادوا التفاخر والادعاء بمعرفة دبة النملة، فوقعوا فى فخ نقل بيانات الإرهابيين.. والمدهش أن هؤلاء العباقرة لم يعترفوا بأخطائهم، ونفس الأمر مع نواب وسياسيين أغرتهم اللايكات فانطلقوا بخيالاتهم ليغرفوا من عالم فيس بوك الفسيح، وينسبوا لمصادر أمنية.. ويشرحوا تفاصيل عن الحادث يتضح أنها محض خيال، منقول من بوستات الإرهاب.
وبوعى أو من دون تحول بعض الإعلاميين والنواب والسياسيين ورجال أمن سابقين إلى مصادر توثيق لبيانات الإرهاب، لدرجة أن إعلاميا قدم خطبة عصماء فى المهنية وتورط فى إذاعة وعرض تسجيل يمثل كارثة ويدخل فى نطاق الدعاية للإرهاب.. وربما يكون هذا عن جهل، لكن عرض تسجيل من قنوات دعم الإرهاب يكشف عن مدى سطوة أدوات التواصل وعدم القدرة على تجاهلها واحتمالات أن تكون قادرة على صياغة عقول البعض وإيقاعهم فى شباكها.
لدينا أعداد من الإعلاميين والنواب والسياسيين يمكن تسميتهم «العالمون ببواطن الأكاذيب» يصرون على لعب دور الخبير المطلع، وهو ينقل من مواقع وبوستات مشمومة ومشكوك فيها ويمارس «توثيق الكذب».. وبالتالى فإن وكالة أنباء مثل رويتر، التى نشرت أرقامًا ضخمة لأعداد الشهداء وبى بى سى وروسيا اليوم، نشرت ما أرسله محرروها فى مصر، وهؤلاء طبعا لايريدون الظهور أمام وكالاتهم أنهم لايعرفون، ويضطر بعضهم لنقل بوستات المدعين والمتنططين ونسبتها لمصادر أمنية، من أجل اللايكات، ضمن حالة من تضخم الذات وادعاء المعرفة، ومن دون مراعاة لوجود قوات تواجه الإرهاب ومواجهة تدور تحت جنح الظلام، ومن الصعب التعرف على التفاصيل.
وقد يكون تأخر صدور بيانات رسمية حجة للبعض، لكنه ليس حجة لمن اعتادوا نشر المعلومات الناقصة لجمع الإعجاب.
وبالتالى فالانتقادات التى توجه لوكالات أو مواقع تعتدى على المهنية جزء كبير منها يتحمله من روجوا هذه الأكاذيب.
نحن أمام واقع مختلف، وربما يكون من الصعب ملاحقة آلاف الحسابات التى تنتج الأخبار المزيفة، على مواقع التواصل، لكن يمكن التوصل إلى صيغ تتعامل مع هذا الواقع بقواعده.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة