تجمع القاهرة وباريس علاقات تاريخية ومصالح مشتركة فى المنطقة، لا سيما الحرب على الإرهاب فى الإقليم بشكل خاص فى ظل انتشار تلك الجماعات فى دول سوريا وليبيا والعراق، إضافة للتهديد الخطير الذى يشكله الإرهابيون على أمن واستقرار القارة الأوروبية.
الرئيس عبد الفتاح السيسى
ويلتقى الرئيس عبد الفتاح السيسى مع نظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون بقصر الإليزيه، اليوم الثلاثاء، وذلك فى أول لقاء يجمع الزعيمين منذ انتخاب الأخير رئيسا لفرنسا، وتشهد جلسة المباحثات التوقيع على نحو 17 اتفاقية بين القاهرة وباريس، وسيتصدر الملف الليبى جدول مباحثات السيسى – ماكرون بسبب التهديد الكبير الذى تشكله الأوضاع الراهنة على مصر وفرنسا.
الحرب على الإرهاب
يتصدر ملف مكافحة الإرهاب أجندة مباحثات الرئيس عبد الفتاح السيسى مع نظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون وبحث تنسيق الجهود المشتركة لمحاربة الظاهرة التى تهدد أمن واستقرار منطقة المتوسط عقب انتشار العديد من الميليشيات المسلحة فى الأراضى الليبية التى تعمل خارج سلطة القانون منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافى.
الصراع المسلح فى ليبيا
ويتواجد فى ليبيا مئات الميليشيات والكتائب المسلحة التى تعمل خارج مظلة الدولة وتتلقى تمويلا مباشرا من دول إقليمية تسعى للعبث بأمن واستقرار ليبيا وفى مقدمتها تركيا وقطر، بهدف تنفيذ أجندات خبيثة فى الدولة الليبية.
التهديدات والأخطار التى تشهدها الدولة الليبية بحاجة لتنسيق وتعاون عسكرى واستخباراتى بين دول الإقليم بدعم من الدول الأوروبية المعنية باستقرار وأمن ليبيا وفى مقدمتها فرنسا والتى ترتبط بعلاقات تاريخية ووثيقة مع ليبيا، ومن أكثر الدول الداعمة للاستقرار السياسى والعسكرى والأمنى فى البلاد.
الصراع فى ليبيا
الأزمة السياسية ودعم الحوار الأممى
ويلى ملف مكافحة الإرهاب فى ليبيا الملف الأبرز فى المشهد السياسى الليبى، وهو الاتفاق السياسى الموقع فى مدينة الصخيرات المغربية، وبحث وضع آلية لتنفيذ الاتفاق بالتعاون مع الأمم المتحدة حتى تنعم ليبيا بالاستقرار السياسى فى البلاد، وهو ما سينعكس إيجابا على المشهد العسكرى والأمنى.
الرئيس السيسى ونظيره الفرنسى
وتتفق مصر وفرنسا على دعم الدور الذى تقوم به الأمم المتحدة فى رعاية العملية السياسية، إضافة لدعمها للدور الذى تقوده القاهرة بالتعاون مع دول الجوار الليبى لمساعدة الأطراف الليبية على بناء التوافق الوطنى المطلوب حول جملة من الملفات الهامة والعالقة بينهم ولا سيما تعديل بعض بنود الاتفاق السياسى التى تشكل نقاط خلاف بين الأطراف السياسية الليبية.
ونجحت فرنسا بالتنسيق مع مصر فى عقد لقاء يجمع بين رئيس المجلس الرئاسى الليبى فائز السراج والقائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر منذ عدة أشهر، لبحث سبل نزع فتيل الأزمة ووضع خارطة طريق تضمن حل الأزمة فى البلاد والخروج بليبيا إلى بر الأمان والاستقرار.
فائز السراج والمشير خليفة حفتر والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون
ويدرك الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أهمية الدور الكبير لمصر فى ليبيا لبحث إيجاد حل للتحديات التى تواجه الفرقاء الليبيين، وبحث سبل إيجاد حل صعوبات بالنظر إلى الوضع الليبى المعقد والفوضى التى تسود ليبيا منذ إسقاط نظام معمر القذافي نهاية 2011 وسط صراع على السلطة وتهديد الإرهابيين وتهريب الأسلحة والبشر، إضافة للصراعات الإقليمية من قبل دول تسعى لإيجاد موطئ قدم لها بغرض فرض نفوذ لها بليبيا.
وتعمل فرنسا بالتشاور مع مصر باعتبارها أبرز الشركاء الإقليميين تقديم دعمها للجهود من أجل التوصل إلى تسوية سياسية شاملة فى ليبيا تحت إشراف الأمم المتحدة وذلك بجمع مجمل الأطراف الليبية على طاولة واحدة، وبحث سبل ضبط الأمن ومكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية وتدفق الأسلحة للإرهابيين فى البلاد.
الرئيس السيسى وخليفة حفتر وفائز السراج
دعم الجيش الوطنى الليبى
ترتبط مصر بحدود ممتدة على طول 1200 كم مع الدولة الليبية وهى مسافة كبيرة يصعب على أى دولة فى العالم تأمينها بالشكل الكامل، وتعمل قوات حرس الحدود بالتعاون مع الأجهزة المعنية فى القوات المسلحة على تأمين الحدود المشتركة ومنع تسلل أو تهريب أى أسلحة إلى داخل العمق المصرى.
غارات القوات الجوية على عربات إرهابيين على الحدود المشتركة مع ليبيا
وتتولى مصر مهمة تأمين الحدود المشتركة بين مصر وليبيا فى ظل غياب للقوات المسلحة الليبية التى تقود حربا شرسة على الإرهابيين فى العمق الليبى، وهى المهمة التى تحتاج ليقظة ودعم من الدول المعنية بأمن واستقرار ليبيا لضبط الحدود لمكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية وتهريب الأسلحة والمخدرات.
القوات الجوية تدمر سيارات إرهابيين محملة بالأسلحة على الحدود مع ليبيا
وتتفق مصر وفرنسا على ضرورة دعم جهود الجيش الوطنى الليبى لمكافحة ظاهرة الإرهاب التى تشكل تهديدا كبيرا للبلدين، وهو الدعم الذى تنادى به مصر دوما عبر المحافل الإقليمية والدولية بضرورة رفع حظر التسليح عن الجيش الوطنى الليبى وبحث إيجاد حل لمشكلة انتشار الميليشيات والتشكيلات المسلحة فى البلاد، والدفع نحو حل سياسى للأزمة الليبية للبدء فى مرحلة إعادة الإعمار.
المبعوث الأممى إلى ليبيا غسان سلامة
وتتفق القاهرة وباريس على ضرورة دعم المجتمع الدولى والأمم المتحدة للتوصل لتسوية سياسية شاملة قبل انقضاء الفترة الانتقالية فى 17 ديسمبر القادم، وتقوم مصر بالتنسيق مع فرنسا فى الملف الليبى على مستوى عال لوضع حد للصراع السياسى فى البلاد ووقف نزيف الدم وإيجاد حل لإراقة دماء الأبرياء، أملا فى التوصل لاستعادة الدولة الليبية لهيبتها وبناء دولة مؤسسات قوية وقادرة على صد الأخطار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة