أكرم القصاص

الحياد المنحاز للإرهاب.. كيف تفقد منصات إعلامية دولية هيبتها؟

الثلاثاء، 24 أكتوبر 2017 07:02 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بقدر ما تؤثر مواقع التواصل الاجتماعى على حركة النشر وتدفقاته، وتلعب الأخبار الكاذبة والملفقة والمفبركة دورا فى تشتيت الرأى العام ولعب دور فى الحرب النفسية، بقدر ما تسهم نفس هذه الأدوات فى إسقاط الهيبة عن وكالات دولية ومنصات إعلامية ظلت تحتفظ بقدر كبير من الاحترام، حتى مع انحيازاتها المحسوبة، ولم تعد بعض هذه المنصات تستطيع الاختفاء خلف شعارات المهنية والصدق، وهى تتورط مرات فى نشر معلومات مزيفة أو موجهة، وتنحاز إلى الإرهاب أحيانا ضمن ما تسميه حيادية المصطلحات. 
 
سبق ووقعت وكالة رويترز فى فخ نشر معلومات مغلوطة عن قضية ريجينى، ونسبتها إلى مصادر أمنية، ولم تنجح فى تقديم مبرر لإخفاء المصادر، وثبت اختلاق قصة، أما بى بى سى فقد سبق ونقلت معلومات عن حادث الطائرة الفرنسية اتضح أنها مغلوطة، وهو ما قد يشير إلى تلاعب فى توظيف مبدأ صحيح وهو حق الصحفى فى الاحتفاظ بمصادره، حماية للمصدر وليس حماية للفبركة والاختباء خلف مصدر مجهل لنشر معلومات مزيفة أو خاطئة أو منقولة من مواقع التواصل بلا تدقيق.
 
لقد ظلت هناك تيارات كثيرة تقتنع بقدرة المنصات الإعلامية الكبيرة على امتلاك قدر من الحيادية المعقولة والمهنية، حتى كانت عملية غزو العراق، التى كشفت عن انحيازات واضحة للإعلام الأمريكى والأوروبى على حساب الحقيقة، حيث نشرت تأكيدات عن معلومات امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل اعترف كولن باول وزير خارجية الولايات المتحدة أنها كانت أدلة مزيفة، ووصف إعلانها بأنه عار.
 
وفى كتاب «الحرية فى المرة القادمة»، يكشف الصحفى المخضرم والمراسل الحربى ومخرج الوثائقيات الأسترالى الأصل جون بلجر، كيف يمارس الإعلام الغربى بأغلبيته لعبة التهميش والإبراز، فهو يبرز قضاياه ويضخم من أى تهديد لأمنه، لكنه يتجاهل عشرات الآلاف من الضحايا فى العراق أو ضحايا الجوع والفقر فى أفريقيا. ويكشف أيضا عن رقابة غير مرئية تعيد تشكيل الإعلام لصالح السياسة والتوسع والتلاعب، ومن هنا يمكننا فهم الازدواجية فى التعامل مع حوادث الإرهاب فى بريطانيا مثلا، حيث لاتجد لدى «بى بى سى» وصف «متمردين أو معارضين»، لمرتكبى الهجمات والدهس والطعن، فى لندن وباريس، لكن تجد هذه المصطلحات مع من يفجرون ويقتلون عندنا، وإذا تحدثت سوف يبرز لك مهنيته المزعومة، وحياديته المغموسة فى دماء ضحايانا. 
 
وإذا كان هذا يحدث هناك فى الغرب، فقد أصبح لدينا قطاع من أنصار المهنية المزدوجة، يسيرون على هذا النموذج، ليحتفظ بوظيفة مراسل باسم مستعار، ويحصل على مقابل، ولا مانع من أن ينسب فبركاته لمصادر مجهلة... أو بعض المواقع الإخبارية التى تطلق اسم «ولاية سيناء أو متمردين»، على مرتكبى الإرهاب، ويدافع مدير الموقع عن ذلك باسم المهنية التى تعنى فى الواقع، استمرار تدفق التمويل من نفس الجهات.وبينما تصف هذه المنصات الإرهابيين ضدنا بأنهم متمردون أو مقاتلون يغيرون بوصلتهم إذا كان الأمر يخصهم، لدرجة أن بى بى سى نشرت بمناسبة سقوط 16 شهيدا من الشرطة، إحصائية لعدد الهجمات الإرهابية بدأتها بمقدمة عن كراهية المصريين للشرطة وأنها من أسباب 25 يناير. 
 
وكما أشرنا فإن الازدواجية والتلاعب فى المعلومات والمصطلحات، ربما كان فى جزء منه ناتجا عن رغبة فى النشر، والوقوع فى فخاخ مراسلين منحازين، لكنه فى ظل سيولة معلوماتية ومواقع التواصل، أصبح قابلا للكشف، ويقلل من هيبة واحترام الكثير من المنصات التى تكاد تفقد ما تبقى من مهنيتها وسمعتها. وتتحول مع الوقت إلى منصات دعائية منحازة ومتورطة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة