تشتهر محافظة دمياط، وخاصة مدينة عزبة البرج، بصناعة اليخوت ومراكب الصيد، حيث توجد 11 ورشة يعمل بها قرابة 5 آلاف عامل.
وتعد صناعة اليخوت ومراكب الصيد من أصعب المهن، حيث توارثوها عن أجدادهم ومنهم من أدخل العلم وهندسة بناء وعمارة السفن إلى ورشهم، وقاموا بتحويل الورش إلى ترسانة بحرية لصناعة اليخوت والسفن.
يقول صلاح السمبسكانى صاحب ترسانة لصناعة السفن واليخوت، لـ"اليوم السابع"، انتشرت صناعة اليخوت عام 80 بسبب انتشار السياحة بالغردقة وشرم الشيخ .
وأكد السمبسكانى، أن صناعة اليخوت تطورت طورًا كبيرًا، حيث بدأت باليخت طول 12 و13 مترًا من الشروق إلى الغروب، وأن مدة إبحار اليخت تبدأ من شروق الشمس وحتى الغروب، ومع انتشار السياحة بالبحر الأحمر وتوافد الأثرياء من دول الخليج وأوروبا شهدت صناعة اليخوت طفرة كبيرة ووصل طول اليخت إلى 55 مترًا، ويستخدم فى رحلات السفارى والغطس لمدة تصل إلى 15 يومًا.
وكشف السمبسكانى، أنه يقوم بتصنيع اليخوت بالطلب ويصدرها إلى 12 دولة عربية أوروبية وأسيوية وفى مقدمته ليبيا والسعودية والإمارات وقطر وسويسرا واليونان وقبرص ومالطا وإسبانيا والهند وإندونيسيا وماليزيا وجزر المالديف.
وأرجع السمبسكانى إقبال الأجانب والعرب على تصنيع اليخوت الخاصة بهم بمدينة عزبة البرج، إلى الثقة والسمعة الطيبة، فضلاً عن الجودة وانخفاض الأسعار بالمقارنة بالدول الأخرى.
واستطرد السمبسكانى، قائلاً: صناعة السفن تعتبر صناعة نادرة والعاملون فيها قلائل، حيث تطلب وقتًا وجهدًا فى تعلمها ويوجد بمنطقة طابية عرابى بمدينة عزبة البرج التى تتمركز فيها تلك الصناعة 11 ورشة تصنيع وبناء سفن وصيانة، ويعمل بها قرابة 5 آلاف شخص، مضيفًا العمالة هنا 50% من أهالى دمياط والـ50% الأخرى من محافظات كفر الشيخ والدقهلية والإسكندرية وبورسعيد.
وكشف السمبسكانى، أن مهنة بناء وصناعة السفن تندرج تحتها عدة مهن، منها الصانع والنجار والكلفاط والنقاش والحداد والكهربائى والميكانيكى.
واستطرد قائلاً: الأبناء هنا رفضوا تعلم المهنة من آبائهم لأنها صعبة وتحتاج لجهد وصبر، ولكننى والحمد لله حولت الورشة الخاصة بى التى بدأتها من الصفر إلى ترسانة لبناء وصناعة اليخوت، ولم أعد أعمل بصناعة مراكب الصيد وتخصصت فى بناء اليخوت والسفن، وكان آخرها السفينتين بور توفيق وشط البحر، وصنعتهما خصيصًا لهيئة قناة السويس وشاركا فى افتتاح قناة السويس الجديدة.
كما علمت أبنائى وكل منهم تخصص فى جزء خاص؛ فمحمد مهندس بناء السفن ومتخصص فى الشئون الهندسية وماجد المهندس المنفذ وأحمد المشرف على البناء والتنفيذ، كما أننى مهتم بنقل المهنة وتعليمها للأجيال الجديدة فعندى فى الترسانة أجيال صغيرة لتعلم المهنة.
وعن صناعة وبناء اليخوت قال السمبسكانى، أعمل حاليًا فى اليخوت المصنوعة من حديد، وأقوم بتشطيبها على أحدث طراز ويتم تزويدها بكافة الكماليات وبأحدث الأجهزة التكنولوجية، حيث يفضل الزبائن اليخوت المصنوعة من حديد التى تظل فى المياه لمدة 10 سنوات، بينما اليخت المصنوع من الخشب يتطلب خروجه من المياه سنويًا لإجراء أعمال الصيانة.
وعبر السمبسكانى عن استيائه من معاملة المحليات له ولزملائه بالورش المحيطة، قائلاً نستثمر أموالنا ونجلب الدولارات من الخارج ونشغل العمالة الداخلية ولكن المحليات تحاربنا، فنحن هنا فى أرض أملاك الدولة على حرم النيل، ونقوم بتأجيرها من وزارة الزراعة منذ سنوات عديدة، وندفع الجعل السنوى والضرائب العقارية وكل المرافق من كهرباء ومياه، ولكننا مهددون بالطرد فى كل وقت، ولذلك نريد تقنين أوضاعنا فنحن لا نبنى على حرم النيل بل نقوم بصناعة وبناء السفن على شاطئ النيل .
وتابع قائلاً: "هل يعقل أن استقبل مستثمرين من الهند جاؤوا لإنفاق الملايين على بناء يخت وأن يدخل علينا موظفو المحليات يقولون لنا هناك محاضر تعدى، وأنتم مهددين بالطرد" واستطرد قائلاً "لو أن هؤلاء لا يثقون فى وفى سمعتى كانوا طفشوا وسابوا البلد".
وأضاف، فوجئت بمحضر جاء لى يقول لى انه صدر بحقى حكم بالحبس 6 أشهر نتيجة قيامى بتسيير مركب فى النيل بدون ترخيص، وهى مخالفة فى قمة الغرابة، لأن المخالفة جاءت أثناء تجربة يخت سيسافر إلى سويسرا فى مياه النيل، وفوجئنا بشرطة المسطحات تحرر محضر تسيير مركب بدون ترخيص، وأكمل ضاحكًا "يخت لازم نجربه فى المياه ونطمئن عليه ولا نجربه على الطريق الأسفلت؟!".
محمد مصطفى رخا عامل من مركز البرلس بمحافظة كفر الشيخ، يقول: أعمل هنا بمدينة عزبة البرج منذ صغرى وتعلمت تقنيات تصنيع اليخوت بالفطرة .
وتابع: العاملون هنا يعدون من أمهر الصناع وذاع صيتهم فى أنحاء العالم، مضيفًا هنا شاهدت أثرياء أوروبا والعرب وآسيا، كما شاهدت مدير شركة عالمية جاء هنا لبناء يخت خاص به، وهو اليخت الذى نقف عليه الآن.
وأكد رخا: هذا اليخت استغرق بناؤه وتجهيزه 10 شهور وفق أحدث التشطيبات العالمية وهنا الترسانة تشتمل على جميع ما يلزم لإنشاء اليخوت والسفن وتأثيثها وكل ما تحتاجه السفن أو المراكب .
وأضاف: الحمد لله شاركت فى بناء السفينتين بورتوفيق والشط، اللتين شاركتا فى افتتاح قناة السويس الجديدة، وأشاد بهما رجال البحرية.
وتابع قائلاً: الجميع هنا يعمل فى تلك الصناعة وتوجد هذه الورش على امتداد شاطئ النيل بمنطقة طابية عرابى، مضيفًا: انظر من حولك ستجد العشرات من اليخوت ومراكب الصيد فى انتظار وصول التراخيص لتنطلق فى الإبحار .
وتابع: هنا نبنى اليخوت تبدأ بمجرد صورة أو رسم هندسى ننفذه، ولك أن تشاهد العمال وهم يصنعون اليخوت خطوة بخطوة بدءًا من الهيكل أو البدن وحتى الطلاء والتجهيز وعلى أعلى درجة من المتانة والدقة، مضيفًا الكل هنا يعمل رغم ركود السوق نتيجة ضعف الإقبال على بناء السفن واليخوت بسبب الازمة الاقتصادية .
ويضيف ماجد السمبسكانى، أن مهنة صناعة اليخوت تتطلب الكثير من الخبرة والمهارة، فلا يصح أن يعمل بها أحد دون أن يكون قد اكتسب خبرة عملية، فالنجارون هنا معظمهم لا يعلم القراءة والكتابة ولم يعتمدوا على الدراسة فى شىء، وإنما على الإنتاج والاستفادة من الأخطاء وتلاشيها، مضيفًا: المهنة تعتمد على الممارسة والتركيز الذهنى مع العمل اليدوى، وتابع قائلاً: كل العمال هنا فى ورش الحدادين والسباكين والطلاء والنجارين يبدأون العمل من طلوع الشمس إلى غروبها، والجميع هنا يعيش على صناعة اليخوت والمراكب أو العمل عليها كصيادين أو عمال، كما أن معظم العائلات امتهنت صناعة اليخوت وورثتها لأبنائها وأحفادها.
ويشير المهندس محمد صلاح إلى أن صناعة اليخوت تتفق مع المواصفات الدولية التى تهتم بالنسب والأطوال، وغالبًا ما نستورد جميع الخامات ومعدات من محركات متطورة وحديثة وأجهزة لاسلكية بعيدة المدى ورادار وأجهزة لقياس عمق المياه وغيرها، مضيفًا أن صناعة اليخوت أكثر تطوراً من صناعة مراكب الصيد، لأنها تطلب لأغراض النزهات البحرية والغطس والصيد فى البحر الأحمر وخاصة شرم الشيخ والغردقة، مضيفًا أن الإقبال على شراء اليخوت من أثرياء الخليج وأوربا يأتى لجودة ومتانة الأخشاب التى نصنع منها اليخت، مثل أخشاب الكافور والتوت والسنط التى يتم زراعتها بالمنوفية والقليوبية والصعيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة