جيلان جبر

تطورات دولية ومراجعات سياسية

الخميس، 26 أكتوبر 2017 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المقايضات تستمر وتقسيمات دولية تصاغ من جديد، وصراع على النفوذ ورسم حدود وقلق إضافى بمطالبات إقليمية تتحايل بالانفصال.. إلخ، ففى ظل ما تمر به الدول العربية من تهديدات وضغوط وما نشهده من التحولات فى الشرق الأوسط التى تعتبر من خلال رصد ميزان القوة الإقليمية نقاط إيجابية ومهمة، وهى تتمثل فى الانحسار والتحجيم فى الدور الإيرانى، وتراجع التحالف التركى الإخوانى.
 
وببصمات وجهود مصرية عادت صياغة خريطة المنطقة وكشفت القدرات والإرادة والإدارة السياسية الوطنية المحترفة كيف يمكن أن تنقذ وطنا، ومن ثم قامت أيضا مصر ومؤسساتها بإعادة القضية الفلسطينية إلى الأجندة الدولية، مهدت مع حماس وقامت بعملية احتواء لكثير من نقاط الصراع والخلاف ووضعت خارطة طريق باجتماع تم بين الأطراف المتنازعة والتى لها ميول تركية وقطرية وإيرانية كل منهم أعاد صياغة مصالحة وقراءة الخريطة الجديدة أن مصر هى التى تملك الدفة السياسية، وتشارك بمقعد فعال على المائدة الدولية، لذلك حضرت الأغلبية الفلسطينية فى اجتماع القاهرة، وتم تفعيل المصالحة وتشكيل حكومة تجمع الجميع تحت مظلة السلطة لاستعادة كيان فلسطينى واحد، لتسمح الظروف بفتح باب المفوضات وبعملية سلام سياسى بين قطاع غزة والضفة.
كما استعدنا عروبة العراق التى ضاعت بنهاية عهد صدام، واليوم هناك مجالات تعاون وتنسيق سياسى واقتصادى وثقافى ودبلوماسى مع مصر، كما استعادت العراق العلاقات السعودية بخطوات دبلوماسية وزيارات رسمية بين الدولتين.. وأمام كل ذلك نجد منهجا جديدا للإدارة الأمريكية من تقليم الأظافر لإيران لتحجيم طموحها السياسى والعسكرى، وظهر ذلك فى تصريحات الرئيس ترامب عن الاتفاق النووى، ومن ثم تتابعت فى ذكرى تفجير المقر الرئيسى لقوات البحرية الأمريكية «المارينيز» الذى كان موجودا فى لبنان عام 1983،وذلك يعنى منذ 34 عاما فجأة يتم التصعيد بشكل رسائل واضحة مباشرة قوية تهدد وتنذر بالمزيد.
 
خلال فترة حكم الحزب الديمقراطى الأخيرة فى عهد إدارة أوباما لم تكن إيران عدوا أساسيا له الأولوية، فاحتوت هذه الإدارة النظام الإيرانى باتفاق نووى وغضت الطرف عن التمدد الإيرانى فى العراق وسوريا ولبنان واليمن، ووجدت قطر الوكيل العربى الفعال مع جماعة الإخوان وإيران ومليشياتها، ولكن هذه السياسات هددت المصالح الأمريكية وسمحت لتضاعف النفوذ الروسى من جديد فى المنطقة العربية وانكمشت المكانة الأمريكية، فى ظل إدارة أوباما والحزب الديمقراطى، ولكن إعادة الدور الأمريكى أمام النفوذ وهذا الطموح الروسى والصينى وكوريا الشمالية وتمردها جعل الحزب الجمهورى يعيد الاعتبار للذات الأمريكية العسكرية من خلال إدارة ترامب ومستشاريه العسكريين الذين ينتفضون للثأر من كل من تهاون فى حق المصالح الأمريكية، واستعادت إدارة ترامب أوراقها من خلال العودة إلى الحلفاء القدامى وأهمهم مصر والسعودية وتدخلت فى سوريا، ولم تعد فقط للنفوذ الروسى التركى الإيرانى وتحركت إسراييل لتغلق أبواب فكرة عودة الجولان وملف السلام!
 
نعم فالتطرق لهذا الموضوع ليس بالصدفة أو الفراغ السياسى أو تذكير لآلام دون أن يكون هناك تكتيك سياسى، وترتيب لتصعيد سياسى جديد، لأن مواجهة حزب الله هنا هو لاشك مواجهة لنظام إيران المتمدد فى الدول العربية تحت اسم المذهبية أو مليشيات مسلحة حزبية تحت اسم مقاومة لبنانية.
 
يجب أن نتذكر خطاب كونداليزا رايس فى الجامعة الأمريكية بمصر 2006 الذى توعدت فيه بين السطور أن أمريكا لا تنسى من يؤذيها ويغتال جنودها ويتعدى على جيشها، وأنها ستنتقم لحق كل جندى مهما طال الزمان، فهى لا تنسى وربما تتناسى إلى أن يأتى التوقيت وتحدد الأسلوب والمكان والزمان، وهنا نؤكد أن الحزب الجمهورى دائما له خططه الاستراتجية والسياسية والعسكرية طويلة الأجل لإعادة هيبة الأمريكان، فقد أكد مستشار الأمن القومى الأميركى هربرت مكماستر منذ أيام، أن مَن قاموا بالعملية وفجروا مقر المارينز أصبحوا اليوم قادة حزب الله، وأن «استخدام إيران لهجماتها الإرهابية من أجل إحباط جهود السلام، يحتم على العالم بأسره التصدى لها ولوكلائها»، مطالباً بضرورة «القضاء على ما وصفها بالشبكة الإرهابية التى لا تزال تزعزع أمن الشرق الأوسط»، وأضاف أنه سوف ننقل المعركة إلى أرض الإرهابيين وحسب شروطنا.وأكد بنس بأن «الرئيس ترامب لن يقف متفرّجا إزاء ما تخطط له إيران»، وهى راعى الإرهاب أساسى مع حزب الله.
فى سياق آخر، أكد أن واشنطن ستواصل الحرب على تنظيم داعش الإرهابى، مضيفاً: «داعش ينهار ولن نتهاون حتى تدمير التنظيم كليا»؟!
 
هل هذا الكلام يعنى، بكل بساطة، أن أمريكا غيّرت استراتيجيتها الشرق أوسطية ولم تعد فى وارد استرضاء إيران من أجل المحافظة على الاتفاق فى شأن الملف النووى الإيرانى، بكلام أوضح، لن تنسحب أمريكا من الاتفاق، لكنها لن تفصل بينه وبين سلوك إيران على الرغم من كلّ الاعتراضات الأوروبية على هذه المقاربة المختلفة كليا عن مقاربة إدارة باراك أوباما.
 
حسنا، قال الرئيس الأمريكى ما يريد قوله. هناك اعتراضات أوروبية وروسية، وهناك اعتراضات أخرى من داخل الإدارة نفسها حيث لا وجود لحماسة لدى وزير الخارجية ركس تيلرسون لأى مواجهة من أىّ نوع مع إيران، هناك جناح فى الإدارة يفضّل اعتماد التهدئة والعمل على متابعة استرضاء إيران. وهذا يدل على قوة اللوبى الإيرانى فى واشنطن ومدى فاعليته، يبقى فى نهاية المطاف، كيف يمكن لترامب الانتقال من التنظير إلى التنفيذ، سيعتمد الكثير على ما إذا كانت هناك خطط عسكرية لتقطيع أوصال الوجود العسكرى الإيرانى فى المنطقة، خصوصا فى منطقة الحدود السورية - العراقية، لذللك قد نشهد تحركات دولية وعسكرية قريبا.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة