أكرم القصاص

«المهرج».. رواية عن الحلم والخوف والطبقة الوسطى فى 25 يناير

الجمعة، 27 أكتوبر 2017 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ 2011 صدرت الكثير من الكتب والمذكرات عما جرى فى 25 يناير وما بعدها، لكن ظلت أغلب الكتب فى سياق شهادات شخصية، صدرت على عَجَلٍ، كل منها يمثل رؤية صاحبه، وتمثل مواد خام لمن يكتبون التاريخ والأدب، بجانب بعض الأعمال السينمائية، وثائقية أو درامية، عن الميدان وما حوله.
 
فى الأدب صدرت بعض الأعمال آخرها رواية «المهرج» التى صدرت عن دار بتانة، للروائى نعيم صبرى الذى يمزج بين صوت الراوى، وبين مانشيتات الصحف التى تكمل الأحداث بعيون الصحافة، ومعها شاشة التلفزيون التى يكاد الراوى لا يغادرها أغلب الوقت. وبجانبها أيضا يضمن الأحداث بعض المقاطع من تاريخ ثورتى القاهرة الأولى والثانية ضد الفرنسيين.
 
هذا الزحام فى البداية يعطى انطباعا بأن الراوى لا يريد التورط فى إبداء آرائه أو ربما يقف حائرا أمام تطورات الأحداث فيلجأ إلى عناوين الصحف، ومع تطورات الرواية تبدو عناوين ومانشيتات الصحف عنصرا أساسيا، لأنها تكشف عن مطامع السياسة، وتناقضاتها.
 
الراوى «ستينى» ينتمى للطبقة الوسطى بكل تناقضاتها ومخاوفها وطموحاتها، يعيش فى مصر الجديدة، ويتابع أحداث الثورة وما يجرى فى ميدان التحرير من خلال التليفزيون وأيضا التحركات فى الشارع بعد اللجان الشعبية، وزيارة واحدة بعد تردد لميدان التحرير.
 
الرواى هو نفسه الكاتب يعلن تأييد الثورة فى حديثه لمراسلة أجنبية تتصل به لتسأله عن رأيه، ويبدى اندهاشا من اهتمام الأجانب بما يجرى فى مصر، يؤيد ما يجرى ومع التغيير، ولا يخفى قلقا من تطورات انفلات أمنى أو تطورات سياسة انتهازية، وبموازاة الأحداث التى تتصاعد قبل وبعد 11 فبراير، وتفاصيل ما جرى من خلافات وصراعات، ومطامع،الكاتب يكتفى على لسان الراوى بيومياته.
 
الراوى يحرص على تناول كأس المساء، ويتابع من شاشة التليفزيون، بينما عناوين الصحف تكمل الصورة، وهى حيلة روائية استخدمها لأول مرة ببراعة صنع الله إبراهيم فى «ذات»، وأجاد نعيم صبرى استخدامها فى المهرج، ووظفها لكشف حيرته.
 
يكسر الراوى روتينه عندما تنتقل ابنته من سويسرا للقاهرة، حيث تعمل فى منظمة دولية، وتأتى هى وزوجها وابنتها الرضيعة ويضطر الراوى للانتقال إلى جاردن سيتى ليكون بجوار ابنته المتزوجة من سويسرى. وخلال تداعيات الأحداث يتذكر الراوى يوم ميلاد ابنته، قبل سنوات وذكرياته فى القاهرة وعالم الأدب والسياسة، وأيضا يقدم لمحات عن علاقة الشرق بالغرب، من خلال علاقة ابنته المتزوجة من سويسرى، وهو نفسه الذى عاش وقتا فى أوربا وحتى سفره مع ابنته إلى سويسرا لفترة.
 
وبموازاة التطورات السياسية على الأرض تبدأ مناورات السياسة وتحولات تنظيم الإخوان، من خلال مانشيتات الصحف التى تكشف عن تحولات نية الجماعة، وإعلان قياداتها عدم الرغبة فى التكويش على السلطة، وأنهم يريدون العمل مع كل القوى السياسية، ومع الوقت تتغير اللهجة، وتتلون العناوين لتبدأ الجماعة عملية الزحف نحو السلطة، بينما تظل القوى السياسية مترددة ومتناقضة وغير قادرة على اتخاذ موقف واضح أو تنظيم نفسها.
 
ومع الوقت تأخذ مانشيتات الصحف الوانا مقلقة للراوى، حيث تظهر مظاهرات المتطرفين فى التحرير فيما سمى «جمعة قندهار»، ويبدى الراوى مخاوفه، ويفقد جزءا من تفاؤله بالثورة، ويعيش فى حيرة وتردد، يحاول أن يشغله بحوارات وجلسات فى نادى جاردن سيتى، أو لقاءات مع مثقفين ومثقفات من طبقته الوسطى.
 
واللافت أن الراوى لا يذهب إلى ميدان التحرير سوى مرة واحدة، ولهذا رواية «المهرج»، أقرب لشهادة رجل من الطبقة الوسطى عايش الثورة فى عناوين الصحف، وشاشات التليفزيون، وظل حذرا وخائفا، ويظل لقب المهرج الذى تحمل الرواية اسمه معلقا على رؤوس كثيرين، منهم «الراوى نفسه».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة