"بمرور الأيام، تسعى السلطة الدينية الحاكمة إلى فرض إرادتها، لكنها وسط سعيها تصنع صورتها الدينية الموازية، الشهداء المستضعفون العظماء رغم ذلك من بين من سقطوا، فمقابل كل متظاهر يقتل، ثمة شهيد يولد، ومقابل كل متظاهر تشعر السلطة أنها أزاحته خارج الصراع، ينعى شهيد آخر، ويولد رمز روحى جديد"، هكذا تحدث المؤلف إيفان سترينسكى فى كتابه "إشكالية الفصل بين الدين والسياسة".
الدين والسلطة والسياسة؛ أفكار ونظم محملة بقدر كبيرٍ من المعانى المتراكمة على مدار التاريخ، وغالبًا ما توضع لها تعريفات، سواء على نحو منصف أو جائر، فى إطار هذه السياقات التاريخية والاجتماعية.
فى هذا الكتاب المثير للفكر، يقدم إيفان سترينسكى تحليلًا للمفاهيم والتأثيرات المحورية للدين والسياسة والسلطة، كما يقدم إطارًا نظريا جديدًا نرى من خلاله ما تعنيه هذه المفاهيم والتأثيرات فى المجتمع المعاصر.
ويرى الكاتب أن الدين يعتبر من الأمور الخاصة أو مسألة شخصية جدا، مستندا لأقول أحد علماء اللاهوت البروتستانت فى القرن التاسع عشر الذى أكد انفصال الدين التام عن العالم الخارجى للسلطة والصراع، كما الدين فى جوهره منفصل عن السياسة والسلطة، حيث إنهما من الأمور العامة المتجسدة الخارجية بطبيعتها، وكان ذلك عن طريق قوالب تعريفية تناولها الكاتب.
يطرح المؤلف رؤية نقدية للنظرة الدينية والسياسية لمفكرين مثل طلال أسد وميشيل فوكو، ويتجاوز النظرية إلى تطبيق إطاره الفكرى على عدد من قضايا الواقع ليقدم لنا رؤى كاشفة، يمتاز الكتاب بالعمق والتشويق، ويقدم إسهامًا مهما، ومبتكرًا إلى حد كبير، ليساعدنا على استيعاب تلك المفاهيم، كما يحاول تغيير نظرتنا التقليدية للسياسة والدين.
جدير بالذكر أن الكاتب إیفان سترينسكى هو أستاذ الدراسات الدينية المتميز بمؤسسة هولشتاين بجامعة كاليفورنيا فى ريفرسايد، ألف كتبًا عديدة من بينها: "الجدل حول التضحية: الدين والقومية والفكر الاجتماعى، واللاهوت ونظرية التضحية الأولى، ودوركايم الجديد: مقالات فى الفلسفة والهوية الدينية وسياسة المعرفة، ونظرة فى الدين: مقدمة تاريخية لنظريات الدين".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة