مساحة من الخبرة البرلمانية، والالتزام بالحضور والانضباط فى الأداء، وأناقة المكان، وتميز العديد من النواب والمعاونين والمستشارين، هذه بعض ايجابيات التجربة العملية التى رأيتها تحت قبة البرلمان الكويتى.
نعم، شاهدت منذ الثامنة صباحا التوافد للضيوف والحضور من كل الجنسيات للمشاركة فى الانطلاق لدور الانعقاد الثانى لمجلس الأمة الكويتى وللجلسة التى افتتحها حاكم الكويت الأمير الشيخ صباح الأحمد بكلمة مباشرة له امتلأت بالحكمة والشجون وتنذر بين السطور بالكثير من القلق من تطورات الأوضاع فى المنطقة فى ظل الانقسامات بين الأطماع، والتدخلات الدولية.
وقال سموه: «إن مسيرتنا الوطنية تهددها أخطار خارجية جسيمة، وتعترضها تحديات داخلية صعبة.. وإن تصويب مسار العمل البرلمانى أصبح استحقاقًا وطنيًا لا يحتمل التأجيل، وآن للممارسة النيابية أن تنضج وأننى من يحمى الدستور، ولن أسمح بالمساس به؛ فهو الضمان الأساسى بعد الله لأمن الوطن واستقراره».
كما تطرق فى كلمته إلى «أن الأزمة الخليجية تحمل فى جنباتها احتمالات التطور، وأن وساطة الكويت الواعية لاحتمالات توسع هذه الأزمة ليست مجرد وساطة تقليدية»، مشيرًا إلى أن «تصدع وانهيار مجلس التعاون هو انهيار لآخر معاقل العمل العربى المشترك».
وأكد سمو الأمير أن برنامج الإصلاح الاقتصادى يجب أن يحقق تنويع مصادر الدخل، وينصرف إلى تطوير العنصر البشري، ويستهدف ترشيدا حقيقيا جادًا للإنفاق العام».
رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم من جانبه قال إن الإصلاحات الاقتصادية تتصدر طليعة الاستحقاقات الوطنية، مشددًا على أنها لن تتحقق إلا بإيقاف الهدر وتحسين التخطيط الإنمائي. وأضاف الغانم: «الحكومة بحاجة إلى مراجعة شاملة لاستيعاب المستجدات ومواكبة التطورات. والنواب مطالبون بالتجرد من حظوظ أنفسهم والبحث عن المآرب الانتخابية».
ثم تحدث رئيس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك، فى كلمته الافتتاحية لمجلس الأمة وأشار إلى فتح صفحة جديدة من التعاون الحقيقى الجاد يجسد الشراكة المسئولة فى التصدى لقضايانا الجوهرية.
ومن ثم انتهت الجلسة لاستراحة شاهدت فيها عرض الوثائق والمجلدات والكتيبات التى تدون فيها القوانين والتشريعات والكثير من الجلسات.
ثم عدت لتجربة أخرى وكانت أكثر إثارة لأنها جلسة استجواب لوزير الدولة لشئون مجلس الوزراء، وزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد العبد الله والتى انتهت بعد ساعات طويلة من المناقشات والملاحظات، وكان الاستجواب مقدمًا من النائبين رياض العدسانى ود.عبد الكريم الكندرى.
وقد أبدى الوزير العبد الله ثقته واستعداده للمناقشة رغم تحفظه على دستورية بعض المحاور قائلاً: «الاستجواب حق لكل نائب، ولكن هذا الاستجواب المقدم تشوبه الكثير من المثالب الدستورية والعيوب، إذا نحن لسنا أمام استجواب تقليدى فأنا جاهز للمناقشة.
وقال النائب عبد الكريم الكندرى: «باسم الأمة أمارس صلاحياتى الرقابية، وأبدأ بالمحور الأول المتعلق بغرفة التجارة، وأشار إلى أنه لا يصور أن هذا المحور المستهدف منه هم التجار، وهذا خلاف المقصود، نريد أن نعرف الوضع القانونى لغرفة التجارة».
وانتقل النائب الكويتى الذى يستجوب الوزير إلى أداء عالى فى المحور الثانى الخاص بإدارة «الفتوى والتشريع»، الذى أصبح فى أيدى أناس ليسوا من الكويتيين كما قال، وأضاف: ربما لا تهمهم مصلحة البلد، مثل المواطنين الأصليين، ومع تقديرنا لدولهم ولكن لدينا كفاءات كويتيةً تنتظر الدور وبدلاً من فتح مجال للتغيير يتم التجديد العقود لنفس المستشارين، رغم أنه جهاز حساس، ووضع مثالا آخر أمام البرلمان وتساءل كيف يتم التجديد لعقد مستشاره الفنى (مصرى الجنسية) وهو مستشار للوزير منذ عقود ولم يجب علينا الوزير عن كيف تم تجديد عقده عدة مرات؟
ثم عن البطالة والإعلام.. مناقشات استمرت لساعات طويلة وانتهت بطلب لطرح الثقة، تقدّم به 10 نواب!
الحقيقة أنها كانت تجربة مختلفة أظهرت مدى الإصرار والتطور بين العديد من النواب الشباب وعلى الثقة فى التناول من الجانبين ودعوة للإطلاع حضرت لها عدد من الضيوف الأجانب والصحافة وشاهدت التجربة الكويتية الديمقراطية البرلمانية فى كل مجال.. فكانت صورة واقعية لمدى التطور فى السياسة والتشريع والحرص الوطنى المنفتح على الطرح والتعبير والحوار برؤية مختلفة مهما كان التباين بين الأطراف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة