كانت هناك علامات لدى كثير من المحللين على أن «داعش»، ليست مجرد تنظيم إرهابى، لكنه يحمل مفاتيح كثيرة لألغاز المنطقة خلال السنوات الأخيرة.. داعش هى نتاج تزاوج أجهزة ودول سعت لتجميع أكثر المجرمين فى العالم عنفا ودموية. كانت هناك دائما علامات استفهام عن كيفية نشأة داعش وحجم الإمكانات المتاحة ماليا وحركيا.
وكان جزء من هذا اللغز أن تحالفا من عدة دول، بقيادة أمريكا، ظل عاجزا عن إلحاق أى أذى بداعش.. فيما بدا جزء من سيناريو لعب فيه داعش دورا ظل يتوسع تحت سمع وبصر الدول، التى رفعت شعارات دعم المعارضة السورية ومنحها السلاح والمال، وأسفرت هذه المعارضة عن داعش وتنظيمات إرهابية، لاعلاقة لها بالشعب السورى، بل إنها ساهمت فى تدمير سوريا، وتشريد ملايين السوريين داخل وخارج بلادهم. وأعلن داعش قيام دولة الخلافة فى الرقة وجزء من العراق.
جزء من لغز داعش، كشفته اعترافات حمد بن جاسم، رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطرى السابق.. الذى ذكر فى حديثه لقناة قطرية أن قطر قدمت الدعم للجماعات المسلحة فى سوريا، عبر تركيا، بالتنسيق مع القوات الأمريكية وأطراف أخرى.. وغلف اعترافه بأن هذا كله تم باتفاقات أطراف دولية وإقليمية. وأقر بن جاسم، بوصول مساعدات إلى جبهة النصرة، جناح تنظيم القاعدة.. ولم يتطرق بن جاسم مباشرة لدور قطرى فى تمويل داعش. واكتفى بالقول بأن السلاح ذهب إلى النصرة. الاعتراف يسقط الادعاء أن هذه الدول كانت تريد صالح السوريين ومنحهم ديمقراطية غير متوافرة فى قطر ولا غيرها من الدول التى مولت الإرهاب باسم التغيير، وهى أنظمة عائلية وقبلية ليس لديها ماتمنحه غير المال والسلاح.
قام تنظيم داعش مدعوما بفرق تليفزيونية وفضائية تصنع له أفلاما احترافية بجودة عالية.. وتبدو أنها من إنتاج قناة أو مدينة إعلام كبرى.
وكشف تحقيق أجرته شركة «تويوتا» اليابانية أن 4 دول عربية اشترت عشرات الآلاف من سيارات الدفع الرباعى تويوتا «لاندكروزر» و«هيلوكس» وسلمتها لداعش.. وأن قطر وحدها اشترت 32 ألف سيارة 2012، ومثلها على دفعات من موديلات وهى سيارات كانت علامة فى استعراضات داعش فى سوريا وليبيا والعراق.
السيارات والكاميرات أظهرت داعش أنه أكبر من مجرد تنظيم إرهابى، من إشارات وتقارير تربط بين داعش وزعيمها التليفزيونى أبوبكر البغدادى، وبين أجهزة استخبارات، وهى علاقة بدأت بعد الغزو الأمريكى للعراق، ولم تنته فى الرقة السورية، والموصل العراقية.
وكان صعود البغدادى فجأة لقيادة داعش يتم تحت سمع وبصر وكاميرات أقوى أجهزة الاستخبارات فى العالم، الأمريكية والبريطانية والألمانية والفرنسية، ناهيك عن التركية والروسية. يبدو أنها كانت ترتبط بعلاقات مع داعش.
ولم يكن اعتراف بن جاسم جديدا عن الدور التركى، فقد كانت تركيا هى المدخل والمخرج لمقاتلى داعش والقاعدة من أنحاء العالم.. وهناك فيديوهات للجيش التركى يقف مجاورا لميليشيات داعش داخل الحدود السورية والعراقية.. وأثناء الصدام بين موسكو وأنقرة كشفت الاستخبارات الروسية جانبا من علاقات الرئيس التركى رجب أردوغان وابنه بلال مع داعش فى تهريب النفط العراقى والسورى المسروق.
تركيا قدمت موانيها ومطاراتها لخدمة مقاتلى داعش والقاعدة، بينما التمويل المالى يأتى من دول الخليج، خاصة قطر، التى يعترف حمد بن جاسم أنها كانت تدعم مقاتلى سوريا باتفاق مع أمريكا وتركيا، ويبدى دهشة من تغيير السعودية لموقفها.
اعتراف بن جاسم هو أول اعتراف رسمى بصناعة داعش، وإن كان يشير إلى أن قطر فعلت هذا باتفاق مع أمريكا وتركيا وأوروبا.. لكنه يؤكد ما ظل مجرد افتراضات عن دور قطرى فى دعم وتمويل الإرهاب فى سوريا والعراق وليبيا، وبالطبع علاقة مباشرة بالإرهاب فى مصر، وهو ما أعلنته مصر مبكرًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة