على الرغم من قيام الدولة بإنشاء الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار عام 1992 إيماناً منها بأهمية وجود كيان منظم تستطيع من خلاله القضاء على مشكلة الأمية فى مصر، التى تعد أحد أهم الأسباب التى تحد من قدرة الدولة على تحقيق أهدافها فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الشاملة والمستدامة، وعلى الرغم من وجود فروع لهذه الهيئة بجميع المحافظات ولكل منها مجلس تنفيذى لمحو الأمية يرأسه محافظ الإقليم، فإنه للأسف وطبقاً للتقرير الذى أصدرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم «يونسكو» مؤخراً بشأن أوضاع التعليم حول العالم، فإن عدد البالغين الذين لا يستطيعون القراءة والكتابة فى مصر يبلغ نحو 14،8 مليون مواطن الآن، وهو رقم فى غاية الخطورة، ويتطلب من الحكومة أن تتوقف عنده كثيراً، فمن المهم الآن تحليل الأسباب الحقيقية التى تقف وراء عجز المختصين عن القضاء على هذه المشكلة الخطيرة طوال تلك السنوات، التى وصلت منذ تاريخ إنشاء الهيئة وحتى الآن إلى خمسة وعشرين عاماً، وأن ندرس بعمق تجارب الدول الناجحة فى هذا المجال، وأن نترجم ذلك فى صورة خطة احترافية محكمة الآليات وغير نمطية ومحددة بجدول زمنى، على أن يراعى فيها السادة المسؤولون ما ينسونه دائماً، وهو سياسة «سد المنابع» لكى نستطيع فى نهايتها أن نعلن خلو بلادنا من هذه الآفة، لأنه لا يصح على الإطلاق أن يكون بالدولة صانعة الحضارة هذه النسبة المخيفة من الأمية فى القرن الحادى والعشرين.