عكست الأشهر التسع الأولى من ولاية الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حالة من الانقسام الداخلى فى العديد من الملفات الكبرى، خاصة ملف أزمة قطر، حيث كشفت مواقف مؤسسات الإدارة الأمريكية ودوائر صنع القرار داخل البيت الأبيض عن انفراد ترامب وفريق من المستشارين بضرورة التصدى للدور الذى تلعبه الدوحة فى دعم وتمويل الإرهاب، مقابل جبهة آخرى أكثر ميلاً للرواية القطرية فى تلك الأزمة يمثلها وزير الخارجية ريكس تيلرسون، فى وقت تقف فيه وزارة الدفاع الأمريكية "بنتاجون" موقف الحياد السلبى.
وعن حالة التخبط التى تعانيها الإدارة الأمريكية، قال مصدر دبلوماسى عربى لـ"اليوم السابع" إن ترامب لا يزال متمسكاً بمواقفه الداعية للتصدى إلى الدور القطرى المشبوه الساعى لضرب استقرار دول الشرق الأوسط، مؤكداً أن استمرار المقاطعة العربية لما يقرب من شهرها الخامس، وتماسك دول الرباعى العربى وتمسكهم بمطالبهم المشروعة تجاه قطر يعزز من موقف ترامب داخل الإدارة فى هذا الملف.
وعلق الدبلوماسى العربى الذى رفض نشر أسمه على موقف وزارة الخارجية الأمريكية من الأزمة القطرية قائلاً أنه ليس مفاجئاً، مشيراً إلى أن الوزير ريكس تيلرسون تربطه علاقات قديمة بمسئولين ورجال أعمال قطريين، منذ أن كان رئيساً تنفيذياً لشركة إكسون موبيل النفطية، والتى شغل من خلالها عضوية فى مجلس الأعمال الأمريكى ـ القطرى فى تسعينيات القرن الماضى.
وأرجع الدبلوماسى العربى موقف وزارة الدفاع الأمريكية من الأزمة إلى احتياج واشنطن المرحلى لإمارة قطر بسبب قاعدة العديد العسكرية، مشيراً فى تصريحاته لـ"اليوم السابع" إلى أن قطر غضت ولا تزال الطرف عن العديد من العمليات السرية التى نفذتها القوات الأمريكية على مدار عقود فى الشرق الأوسط عبر تلك القاعدة.
وقال المصدر: "قاعدة العديد من أهم القواعد العسكرية الأمريكية فى الخليج، وقطر سمحت لأمريكا باستخدامها دون قيد أو شرط لشن هجمات دون حتى إخطار الحكومة القطرية بها بشكل مسبق". وتابع: "لو دولة ما أقامت قاعدة عسكرية على أرض دولة آخرى، فمن الطبيعى أن تخطرها بتفاصيل الهجوم الذى تنوى شنه من هذه القاعدة وطبيعة الأسلحة المستخدمة فى هذا الهجوم.. ولكن هذا لا يحدث فى قاعدة "العديد" القطرية.. فأمريكا تتصرف كيفما تشاء دون الرجوع للنظام القطرى".
وأكد المصدر أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) تقف بجانب قطر ليس من منطلق أن قطر دولة مظلومة أو أى شئ من هذا القبيل. وإنما خوفا من إفصاح قطر عن عمليات سرية عديدة شنتها البنتاجون من قاعدة العديد".
وتابع: "البنتاجون إذا أخذ موقف الرئيس الأمريكى المناهض لقطر فستتكشف أسرارا كثيرة لا يريدها البنتاجون أن تظهر للعلن لأنها ستخسر كثيرا فى هذه الحالة".
وكان كريستيان اولريخسين، محلل شؤون الخليج فى معهد بيكر في جامعة رايس الأمريكية، قد قال فى قوت سابق إن "قاعدة العديد هى جزء من المزايا الاستراتيجية التى توفرها قطر للولايات المتحدة فهى توفر ظروفا لا يمكن للجيش الأمريكى أن يحصل عليها فى أى مكان آخر فى الخليج".
ومن بين هذه المزايا السماح للقوات الجوية الاميركية بهبوط قاذفات بى-52 التى تستخدم فى الغارات الجوية على سوريا. حيث كانت تلك القاعدة نقطة انطلاق لتدمير بعض الدول العربية والقيام بالغزوات والاعتداءات الأمريكية والصهيونية على حركات المقاومة.
وكانت تقارير إعلامية كشفت فى وقت سابق أن القنابل الذكية والفوسفورية التى قررت واشنطن تسريع تسليمها إلى إسرائيل للحرب على لبنان فى عام 2006 وحرب غزة 2008 نقلت من قاعدة "العديد" فى مشيخة قطر مقر القيادة الوسطى الأمريكية فى الخليج. ومن هذه القاعدة وفى عام 2008 أثناء العدوان على غزة حصلت إسرائيل إيضاً على قنابل GBU-39. وهى نفسها التى قتلت مئات الآلاف من العراقيين فى حرب العراق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة