السؤال الآن ماذا بعد؟.. اقتربنا من خمسة أشهر على قرار الرباعى العربى «مصر والسعودية والإمارات والبحرين» بقطع العلاقات السياسية والدبلوماسية مع إمارة قطر، لدعمها الإرهاب وعملها على زعزعة الأمن والاستقرار فى دول المنطقة خاصة الدول الأربع، التى عانت ولا تزال تعانى من التدخلات القطرية المستندة إلى دعمهم لميليشيات إرهابية مسلحة، ومع مرور الأيام والشهور لا يزال «تنظيم الحمدين» المسيطر فعليا على حكم الدوحة، فى موقعه، رغم التأثيرات الاقتصادية التى عانت منها الإمارة نتيجة قرارات الرباعى العربى، لذلك يظهر السؤال ما هى الخطوة التالية؟.
نجح الرباعى العربى فى شرح القضية للمجتمع الدولى، مما جعل إمارة قطر فى وضع شديد الحساسية والخطورة أيضا، حتى فى ظل استخدامها لأموالها فى استمالة بعض المواقف السياسية لعدد من السياسيين الغربيين كما فعلت على سبيل المثال مع وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيليرسون، الذى يسير عكس توجهات رئيسه دونالد ترامب المدرك تماما لما تفعله قطر فى المنطقة من واقع معلومات تحصل عليها من أجهزته الأمنية وأيضاً من الرباعى العربى، لذلك يبدو أن الموقف بحاجة إلى خطوة أخرى يكون الهدف منها العمل على إجبار تنظيم الحمدين لكى يعود إلى طريق الصواب مرة أخرى.
هذه الخطوة ربما تكون فى تجميد أو طرد قطر من مجلس التعاون الخليجى، وهو ما أشار إليه أمس الأول وزير الخارجية البحرينى الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة فى عدة تغيرات قال فيها «إنه نظراً لما يأتى من قطر من سياسة مارقة ونشر مستطير يهدد أمننا القومى، اتخذت دولنا خطوة مهمة تجاه قطر علها تثوب إلى رشدها.. إن عدم تجاوب قطر مع مطالبنا العادلة بوقف تآمرها المستمر على دولنا، يثبت أنها لا تحترم مجلس التعاون وميثاقه ومعاهداته التى وقعت عليها.. وإن كانت قطر تظن أن مماطلتها وتهربها الحالى سيشترى لها الوقت حتى قمة مجلس التعاون المقبلة فهى مخطئة، فإن ظل الوضع كما هو فهى قمة لن نحضرها»، ونوه بأن البحرين لن تحضر قمة وتجلس مع قطر، وهى التى تتقرب من إيران يوما بعد يوم، وتحضر القوات الأجنبية وهى خطوات خطيرة على أمن دول مجلس التعاون، وأوضح أن الخطوة الصحيحة للحفاظ على مجلس التعاون هى تجميد عضوية قطر فى المجلس حتى تحكم عقلها وتتجاوب مع مطالب دولنا، وإلا فنحن بخير بخروجها من المجلس، مشددا على أن الموقف يتطلب وضوحا وشجاعة فى اتخاذ الموقف، وقال: «نحن أكثر من عانى من تآمر وشرور قطر منذ انسلاخها ككيان منفصل عن البحرين قبل عقود من الزمن».
ما قاله وزير الخارجية البحرينى يؤكد استمرارية الأزمة خاصة مع فشل جهود الوساطة التى قامت بها الكويت بسبب الإصرار القطرى على عدم الاحتكام لصوت العقل، وهو ما يُستدعى البحث عن إجراء جديد ضد الدوحة، آخذا فى الاعتبار أن التعنت القطرى أثر على التضامن الخليجى كما أنه أحدث حالة التصدع فى الجسد العربى، والخليجى، خاصة مع إصرار الدوحة على استعداء الجميع سواء من خلال استدعاء جنود فى القاعدة التركية، الجديدة بالدوحة أو الاستقواء بإيران، من خلال فتح قنوات مع الحرس الثورى، وهى العدو التاريخى لدول الخليج، فى تحد صارخ وضرب بكل قواعد الأمن القومى، والأعراف الخليجية، عرض الحائط.
كل ذلك يؤكد الحاجة إلى تكاتف الجميع خلف توجه واحد نحو حصار تنظيم الحمدين دبلوماسيا وسياسيا، وتكون البداية فى مجلس التعاون الخليجى، حتى إن كان الوضع يحتاج لكثير من الجهد ليس مع قطر وإنما مع دولتين من المتوقع أن يكون لهما موقف رافض لفكرة طرد أو تجميد عضوية قطر فى المجلس، وهما الكويت لظروف خاصة بأنها فى وضعية الدولة الوسيط التى تحتاج إلى أن تكون فى منتصف الطريق من الجميع، فرغم اليقين الكويتى لما تسببه قطر من أضرار طالت الجميع بما فيها الكويت، لكن الكويتيين يسيرون بمبدأ السياسة الهادئة على أمل الحفاظ على وحدة وتماسك دول الخليج والدول العربية بشكل عام.
تبقى سلطنة عمان التى تبدو فى وضع مريب، فهى فعليا أقرب لقطر من الرباعى العربى، وقد يكون ذلك مفهوم فى إطار المناوشات القديمة داخل مجلس التعاون الخليجى التى جعلت السلطنة تغرد دائما خارج السرب الخليجى لأسباب سياسية، لكن ما ليس بمفهوم حتى الآن هو لماذا تقف السلطنة بجانب تنظيم الحمدين فى حين أنها تضررت منه فى السابق وربما آثار هذا التضرر بادية عليها حتى الآن داخليا، خاصة فى التناول الإعلامى القطرى وتحديدا من قناة الجزيرة بعض الأحداث التى شهدتها سلطنة عمان فى 2011 وبعدها، إلا إذا كان لإيران دور فى الحياد العمانى تجاه الأزمة الأخيرة!.
بالتأكيد، الموقف البحرينى الذى عبر عنه الشيخ خالد يشير إلى أن مجلس التعاون الخليجى مقبل على منعطف جديد متعلق بالتعامل مع قطر، لأن السعودية والإمارات والبحرين لديهم الرغبة القوية فى تجميد عضوية الدوحة فى المجلس، وهو ما تتحفظ عليه الكويت وعمان، وهو أمر سيكون له تأثيره البالغ على مستقبل هذا الكيان المهم، وحتى مع اتجاه الكويت لتأجيل القمة الخليجية المقبلة فى ديسمبر إلى وقت آخر غير معلوم فإن التأجيل لا يعنى حسم الخلاف وإنما تأجيله أيضا، لأن قطر لم تعد إلى الصواب طالما وجدت بجوارها من يساندها على الباطل، لذلك الحل ليس فى التأجيل وإنما فى الطرد أو التجميد.
الأمر نفسه ينسحب على عضوية قطر فى العديد من المنظمات الإقليمية والدولية، فيجب أن يكون هناك تحرك دبلوماسى قوى من الرباعى العربى للعمل على تجميد عضوية الدوحة فى هذه المنظمات ومنها منظمة التعاون الإسلامى وربما يصل الأمر إلى قرارات أكثر تأثيرا تتعلق بوجود الدوحة فى الأمم المتحدة، لكن كل ذلك يحتاج إلى تحرك سليم ومدروس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة