ولد مالك بن نبى سنة ١٩٠٥ فى الجزائر، وأكمل دراسته فى فرنسا، ثم عاد إلى الجزائر وقضى فترة من حياته فى القاهرة، وتوفى فى 31 أكتوبر 1973.
يعتبر مالك بن نبى من المفكرين الإسلاميين المعاصرين فى العالم الإسلامى ومن أشهر كتبه "شروط النهضة، تأملات، مشكلة الأفكار فى العالم الإسلامى".
فى سنة 1956 جاء مالك بن نبى إلى القاهرة، وأصدر كتابه المهم "فكرة الإفريقية-الآسيوية"، الذى وضع فيه الأسس النظرية والمناهج التطبيقية لإبراز كتلة جديدة على المسرح العالمى والتاريخى البشرى.
ومن المواقف الفكرية التى كانت مميزة فى مسيرته ما حدث بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين، وفى ذلك نعتمد بشكل رئيسى على مقالة كتبها الباحث الفرنسى يوسف جيرارد وترجمها أحمد المناعى تحت عنوان "مالك بن النبى وجماعة الإخوان المسلمين"، وفيها يذكر مالك بالنبى فى مذكراته "شاهد قرن" أنه كتب عن حسن البنا وجماعته وهو لا يعرف الكثير عنهم، ويقول فى مقال بتاريخ 13 أبريل 1951 بعنوان "على أعتاب حضارة إنسانية": "إنى لا أعرف سيرة مؤسس الإخوان المسلمين ولم أقرأ له شيئا ولعله لم يكتب شيئا أبدا"، كما يذكر فى نفس المذكرات أن أحد أسباب مشاكله مع السلطات الاستعمارية الفرنسية واضطراره للهروب إلى فرنسا سنة 1951 هى مقالاته الصحفية التى عرّف فيها الشباب الجزائرى بأسماء خطيرة مثل حسن البنا وجماعته "الإخوان".
وترى المقالة أن مالك بن نبى كان مساندا لثورة 23 يوليو فى مصر، ولم يكن يفهم الأسباب التى تجعل الضباط الأحرار والإخوان وجها لوجه وتدفع بالفريقين للتناحر، وهو ما عبّر عنه فى كثير من الورقات التى احتفظ بها لنفسه ولم تنشر إلا بعد وفاته، ويكتب مالك بن نبى فى ورقة بناريخ 1954: "علمتُ أنّ الحكومة المصرية قد حلّت البارحة جمعية الإخوان المسلمين. وقد أعلنت الصحافة الغربية ذلك وكأنه حادث بسيط.. أما أنا فمذهول لهول لم أتوقعه أبدا. إنى أفهم تماما أن يغتال فاروق حسن البنا، وأفهم تماما أن يقيل شاه الفرس مصدّق، فمن طبيعة الأمور أن يقاوم العفن كل محاولة للنظافة. ولكن أن يقاوم رجل أمين رجلا أمينا آخر فهذا ما لا أفهمه كثيرا وهو الحال اليوم بين نجيب والهضيبي".
ويتابع الباحث الفرنسى أن مالك بن نبى سافر إلى مصر 1954، وقد حضر الاستعراض العسكرى الذى انتظم بمناسبة الذكرى الثانية للثورة المصرية، والتقى محمد نجيب وجمال عبد الناصر، وساهمت إقامته الطويلة الأولى فى مصر ولقاءاته بشخصيات رسمية، وكذلك بمثقفين من كل النزعات السياسية، فى دفعه للتراجع عن كثير من مواقفه تجاه الإخوان، واستقر مالك بالنبى فى مصر سنة 1956 وكتب كتاب "الأفريقية الأسيوية"، كان هذا الكتاب مساندا للثورة المصرية ومقدّرا لنجاحها فى الخروج عن المنطق الذى أرادت الدول الغربية أن تسجن فيه العالم الإسلامى، ويتمثّل هذا المنطق فى استدراجها للتركيز على قضايا سياسية جانبية وإدارة الظهر للقضايا الأساسية وقضايا التوجهات الكبرى، وهو ما يعطّل أو حتى يوقف تطور العالم الإسلامي. وعلى العكس من ذلك يرى بالنبى أنّ "الإخوان" لم يتحرّروا من ذلك المنطق وظلوا أبعد ما يكون عن طرح القضايا الأساسية للعالم الإسلامى الواقع بين فكّى الاستعمار والقابلية للاستعمار، على أنّ مآخذ بالنبى للإخوان لا تقتصر على قضايا التوجّهات العامة والمواقف السياسية، فهو ينتقد أيضا منهجيتهم فى طرح القضايا النظرية ومنها بالخصوص التمشّى "التمجيدى" الذى دأبوا عليه وأنساق إليه أشهر منظريهم سيد قطب.
وتواصل المقالة بأن مالك بن نبى فجر خلافه مع الأخوين سيّد ومحمد قطب فى رسالة بعث بها إلى مجلة "المسلم" سنة 1971 التى كانت تُصدرها جمعية الطلبة الإسلاميين فى فرنسا (AEIF) وندّد بأصوليتهما لتكفيرهما المجتمعات الإسلامية باسم مفهوم خاطئ للجاهلية طبّقاه على الإسلام المعاصر.
وترى المقالة أنه فى المقابل لم تتردّد جماعة الإخوان فى شنّ حملة عنيفة للتصدى لأفكار مالك بن نبى، متذرعة بعلاقاته المتميزة بالحكومة المصرية، وهى لم تغفر له أنّ كتابه "الأفريقية–الآسيوية" قد نشر بعناية الحكومة المصرية وأنّ أحد الضباط الأحرار، وهو كمال الدين حسين، الذى كان يفخر بصلته الفكرية مع بن نبى، وهو الذى تولّى إدارة حوار حول الكتاب، لعدّة أسابيع فى الإذاعة المصرية سنة 1961 غير أنّ حملتهم لم تزد الكاتب إلا إصرارا على نقدهم، معتبرا أنّ فعلهم هو من تأثير الأيدى الآثمة الإمبريالية الأمريكية. وصحيح أنّ القمع الذى تعرّض له الإخوان وكذلك عداؤهم للقومية العربية وللشيوعية، قد دفعهم للتحالف مع أكثر الأنظمة العربية محافظة وكذلك مع الولايات المتحدة، وهو التحالف الذى يرفضه بالنبى ويعتبر الإخوان فيه "كأحد الأذرع للنظام الإمبريالى الذى يريد الإبقاء على الهيمنة على العالم الإسلامى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة