فى مقاله بجريدة الأهرام العريقة، دعا الشاعر والكاتب الكبير «فاروق جويدة» إلى إنشاء قناة باسم «أم كلثوم»، ترسيخا لوجودها فى وجدان أجيال مصر المختلفة، ودفاعا عن ملكية مصر الأصيلة لهذه العبقرية النادرة، فى مقابل الزيف الذى يسوقه الصهاينة مستغلين تلك القيمة التاريخية والحضارية الكبيرة اقتصاديا، وفى الحقيقة، فإنى أكتب هذا المقال تدعيما لفكرة الشاعر الكبير، وتضامنا معه، آملا أن تجد هذه الفكرة لدى المسؤولين آذانا سامعة وعقولا مستوعبة وأيادى عاملة، فلو بحث باحث عن صورة حقيقية ليجسد فيها عظمة مصر وجمالها الفتان وعبقريتها الأصيلة، لن يجد ما هو أبلغ من تلك السيدة التى سادت عصرها، وسادت فنها، فسادت تاريخنا وأصبحت جزءا أساسيا من وجداننا ودليلا على هويتها إن غاب الدليل.
هنا أعلن تضامنى الكامل مع دعوة الشاعر الكبير والكاتب الواعى «فاروق جويدة»، وأظن أن أهمية إنشاء هذه القناة لا تنبع من الرد على إسرائيل، التى تستغل سمعة هذه الفنانة المصرية تجاريا فحسب، ولكن لأن أم كلثوم قيمة فى حد ذاتها، بل لا أبالغ إذا قلت إن القدر بعث أم كلثوم إلينا كحارسة ربانية للموسيقى العربية، التى انحدرت إلى الهاوية بداية من وفاتها، فقد تحولت أم كلثوم إلى واعية جميلة للمقامات الشرقية التى هجرها ملحنونا الآن، وأصبحت جميع أغنياتنا على مقام واحد أو مقامين، بينما فى أغنيات «الست» تجد مقاماتنا الشرقية الأصيلة ناصعة واضحة مستساغة ومحببة، يتعانق الراست مع الهزام، يبهرك الماهور، ويشجيك السوزناك، ينير روحك الحجاز، ويؤنسك الحجاز كار كورد، تتنقل من مقام إلى مقام، وكأنها بحر تتجانس فيه الأمواج، ومثلما ضمن القرآن الكريم بقاء اللغة العربية فى الذاكرة الكونية، حفظت أم كلثوم مقاماتنا الشرقية فى الوجدان.
الشكر لشاعرنا الكبير على هذا الاقتراح، وغاية ما أتمناه هو أن يأتى اليوم الذى أشكر فيه من سيقوم على إنشاء هذه القناة، التى أتعشم أن تحتفظ بمكتبة أرشيفية رصينة تليق بمقام «الست»، وأن تصبح هذه القناة ملتقى لعشاق سيدة الغناء العربى وحاويا لأهم نوادرها، لتكون أشبه بمتحف صوتى، يجد فيه العاشق ملاذه، والباحث غايته.