ما الذى يريده الآخرون منا، ولماذا يسعون للتقليل من نجاحنا ويصرون على أنهم وحدهم الذين يملكون القدرة والعزيمة.. غدا تمر الذكرى الـ44 على الحرب المصرية المجيدة ضد إسرائيل، هذه الملحمة التى كان بطلها الأول والأخير هو الجندى المصرى، الذى دفع عمره ثمنا لتحرير الأرض، وبالطبع كانت هناك مساعدات من الإخوة العرب، لا يمكن إنكارها، كما أن المصريين حتما استخدموا أسلحة غربية فى المعركة، لكننى لا أعتقد أن جنودا غربيين شاركوا فى حرب التحرير.
أقول ذلك بمناسبة ما نشره موقع «روسيا اليوم»، بتاريخ 3 أكتوبر الجارى، تحت عنوان مشكل وملغز «شاهد كيف نجح الطيارون الروس فى توجيه الضربة الجوية الأولى فى حرب 6 أكتوبر 1973» وجاء فى متن التقرير: «ظهر فيديو روسى يوضح لأول مرة المساعدة التى قدمتها الطائرات الروسية والطيارون الروس لمصر فى حرب أكتوبر 1973، ويظهر الفيديو قيام طائرات «ميج – 25» الروسية باستطلاع الأراضى الإسرائيلية وتصويرها، إذ كانت الطائرات الروسية مجهزة بأقوى المعدات وتستطيع التحليق على ارتفاعات عالية تعجز الدفاعات الإسرائيلية عن استهدافها».
أقول إن فى هذا التقرير خدعة كبرى، عن نفسى أشعر بها لكننى لا أستطيع تحديدها بالضبط، لذا أستعين برأى أحد القراء الذين علقوا على هذا التقرير بشكل هادئ ومتزن، حيث كتب تعليقا يقول، سأنقله بلغته دون تدخل منى: «إذا كان هذا الكلام صح، فهناك سؤالان يطرحان نفسيهما: لماذا رفض بريجنيف تسليح مصر عندما طار السادات إلى موسكو قبل بداية الحرب ما كان سببا فى طرد الخبراء الروس؟ أين كان الاستطلاع الروسى لما كان الجيش المصرى فى أمس الحاجة إليه حيث كان يمكن أن يساعد المصريين فى اتخاذ القرار بتطوير الهجوم من عدمه؟ فى نفس الوقت الأمريكيون زودوا الإسرائيليين بصور لجبهة القتال بطائرة Lokheed SR71 Black Bird، ما رجح كفة العدو فى معركة المضايق واستغلاله لثغرة الدفرسوار ومن ثم العبور شرق القناة فيما عرف بـ«عملية القلب الشجاع» بقيادة الهالك اريال شارون؟».
لكن ما قاله القارئ الواعى لا يكفى للتعليق على هذا التقرير، ويحتاج إلى رد رسمى من الدولة وشعبى من الخبراء العسكريين والسياسيين لتحليل الأمر وإثبات الدرجة التى ساهم بها الغرب، إن وجدت، فى هذه الحرب المباركة.
تأتى خطورة مثل هذه التقارير فى أنها تضرب فى ثوابت الإنسان المصرى، فحرب التحرير هى جوهرة الأعمال الخالدة فى عصرنا الحديث، وليس من الصواب الصمت على الذين يقصدون التقليل من الإنسان المصرى ومن عزيمته.
جانب آخر مهم، علينا أن نحاسب أنفسنا عليه فى هذا الشأن، هو أننا حتى الآن لم نستطع أن نستغل حرب أكتوبر إعلاميا بالشكل اللائق، فلم نقدم أفلاما جديدة تليق بالحدث، ولم يشاهد الناس أوبرا شعبية عظيمة تؤرخ بالفن حالة مصر فى ذلك الوقت، ولم تصدح الموسيقى أبدا فى الشوارع احتفالا بالعبور العظيم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة