6 أكتوبر 2013 كان يوماً حزيناً فى حياتى، وأنا أتابع «قرصان النصر»، يركب سيارة السادات المكشوفة، ويطوف بها استاد القاهرة، وفى الصف الأول يجلس قاتل السادات طارق الزمر، منتفخاً ومنتشياً، وحوله أهله وعشيرته يدقون الدفوف. إنها نهاية التاريخ عندما يسطو اللصوص على أكثر نقطة مضيئة فى حياة مصر، ويستبدلون السيارات المفخخة والسنج والجنازير التى يروعوا بها الآمنين، بأوسمة ونياشين وهمية، ويغسلون أيديهم المخضبة بالدماء، بمياه قناة السويس التى شهدت أسطورة العبور.
توقفت عجلة الزمن أمام إعلانات فى بعض الصحف اليومية، تهنئ القرصان وتصفه بأنه «قائد العبور»، بينما صناع الانتصار العظيم غائبون عن ساحة استاد القاهرة، وفى السماء تخيم سحابة سوداء داكنة، تنذر بالغضب والثورة، وتشعل ناراً فى أعماق كل وطنى، يبكى حزناً على سرقة وطنه بتبجح وفجاجة.
كانت نقطة فاصلة قد صعدت بجماعة باغية إلى هاوية السقوط، وإنذار شديد اللهجة بأن هذا الوطن يواجه مخاطر السطو على تاريخه وحضارته وثقافته وقوته الخشنة والناعمة، فمن يسرق ملحمة شعب، لن يعز عليه أن يمحو هويته. قرر الشعب العبور مرة ثانية، مقتحماً «خط الأخونة»، الأكثر خطورة من «خط بارليف».. أكتوبر 73 استعادت مصر سيناء، وأكتوبر 2013 قررت أن تستعيد وطناً بأكمله، مصر التى استهانوا بها ولم يحسبوا غضبة شعبها، الذى لم ينم ساعة واحدة حتى استعاد أرضه، ولم يهدأ لحظة واحدة حتى استعاد وطنه، وكما رحل عدو غادر، يجب أن ينزاح عدو أكثر غدراً.
ولدت 30 يونيو فى 6 أكتوبر 2013، وتحركت فى أحشاء الوطن نذر الثورة، وظلت إرادة النصر تعلو فى النفوس، وتوقظ حلم الخلاص، إنها مصر التى تجهلون سرها، يحرسها جيش قد عاهد الله أن يحمى عرينها، ولم يفهم لصوص النصر، أنهم اقتربوا من خط أحمر، هو جيش مصر.
لم يفهم قرصان النصر أن عربة السادات المكشوفة، هى سيارة دفن الموتى لشخصه وجماعته، حتى تحيا مصر وتخلد تاريخاً من صنع رجال، ضحوا بحياتهم ودمائهم من أجل الحرية والعزة والكرامة والكبرياء، ولن يفرطوا فى الأمانة التى أوكلها لهم الشعب.
أكتوبر عاد إلينا، مصرياً وطنياً محاطاً بأغانى النصر، ليقول لأبطاله الحقيقيين: كل انتصار وأنتم بخير، فنحن اليوم نعيش مرفوعى الرأس لسبب النصر العظيم الذى حققته القوات المسلحة، ولم تتخل يوماً عن تحديث قدراتها وإمكاناتها، لتكون قادرة على الزود عن تراب الوطن، هى درع الوطن، ضد أعداء الداخل والخارج.