د. إبراهيم نجم

مؤتمر الإفتاء العالمى والريادة المطلوبة

الجمعة، 06 أكتوبر 2017 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تلعب الهيئات والمؤسسات الدينية بما تحمله من قيم ومبادئ وعلوم متراكمة دورا مهما فى مواجهة التطرف والتشدد والإرهاب، ودورا مهما فى التصدى لكل ما يَعرِضُ للأمة من انحرافات فى الأفكار والاعتقاد والسلوك، وكان هذا الواجب وغيره من الواجبات الذى من أجله تم تأسيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم برئاسة فضيلة الأستاذ الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، فالأمانة تعد إسهامًا حقيقيًّا فى محاولة تشكيل الوعى الدينى الصحيح ومحاربة شذوذات الأفكار والانحرافات الناتجة عن التطرف والتشدد، كما أنها تساهم بشكل كبير فى تجديد الخطاب الدينى الذى تدعو الحاجة إليه، خاصة فى ظل الظروف الحالية التى يمرُّ بها العالم، وتنشغل بتلك الظروف المحافِلُ الدولية فى كل مكان، ويتم من خلالها اتهام الدين الإسلامى بأنه دين يحض على الكراهية والعنف.
 
من هذا المنطلق جاء دور الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم وجاءت أهمية المؤتمر العالمى الثانى الذى ينعقد فى مصر فى السابع عشر من شهر أكتوبر، والذى يهدف إلى جمع كلمة الأمة الإسلامية تحت مظلة الفكر الوسطى والتوجه ناحية مبادئ الإسلام العليا ونشر فضائله وبيانها للعالمين، وكان دورها فى جمع كلمة الأمة يتمثل فى توحيد جهود جهات الفتوى وإيجاد منهجية صادقة وجادة للتكامل والتعاون بين هذه الجهات، والخروج من أزمة تضارب الآراء والفتاوى، فتعدد الآراء والفتاوى دون ضابط ودون وعى عوامل تعمل على الفرقة والاختلاف ونشر الفوضى والعنف، وتَهدِفُ إلى الطعن فى صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان، وتوحيد تلك الجهات ومنع ذلك التضارب يعملان على استقرار وأمن وسلامة المجتمع.
 
فمن خلال هذا المؤتمر تحرص الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم كل الحرص على ضبط أمور الفتوى الشرعى واتفاقها مع الواقع وصلاحيتها للزمان والمكان والأحوال بجانب مراعاة مقاصد الشريعة السمحة من خلال بيان قواعد المنهج الوسطى الصحيح الذى ينبغى أن تكون عليه الفتوى، كما أنها تبين فى هذا الإطار الأمور السلبية التى تنعكس على الأمة جراء مخالفة المنهج الصحيح واتباع الهوى فى الفتاوى، الأمر الذى ينتج عنه إبطال القيم الحضارية السمحة التى تعمل الشريعة الإسلامية على ترسيخها فى المجتمع؛ ولذلك فإن الأمانة العامة من خلال هذا المؤتمر تعمل على توضيح قضية تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والأحوال، فهى من أكبر القضايا التى يمكن أن تطرح فى هذه الأوقات، فإن تغيير اجتهاد المجتهد أو المفتى بتغير ظروف وأحوال الواقع أو المستفتى من الأمور التى يجب أن يؤخذ بها، لأن تغييره هذا يأتى من المنهجية العلمية الصحيحة التى يُصدِرُ من خلالها فتواه، فهو يراعى تغيُّرَ العرف وتجدد العادات التى تقتضى تجدد الأحكام ومعه تتغير الفتاوى، وكذلك يراعى تغير الزَّمان والمكان فالفتوى تختلف من بلد لآخر ومن وقت لآخر.
 
كما أن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم تأخذ على عاتقها أيضًا التصدى بكل السُّبل للفتاوى الشَّاذة الصَّادرة عن أناس ضيقى الأفق، الذين يعملون على هدم المجتمع أو زعزعة أمنه واستقراره، وسبل الأمانة العامة فى التصدى لهم تكمن فى بيان ضلالهم وعمايتهم عن الحق، وتعمل على تطوير العقول من خلال بيان المنهج الصَّحيح، والدعوة إلى مراجعة الأفكار المتطرفة ومحاولة دَحضِها، وتدعو كذلك إلى التَّعايش السلمى من خلال نبذ الكراهية وإفشاء معالم السلم والأمن بين النَّاس.
 
إن أهم ما تركز عليه الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم هو بيان عالمية هذا الدين وصلاحيته لكل زمان ومكان، وهى تنطلق فى بيان تلك العالمية من ذلك الميراث الكبير الذى تركه لنا العلماء قديمًا وحديثًا، وسعيُها فى بيان خطورة التساهل فى الفتوى هو نفسه سعى العلماء فى بيان تلك الخطورة.
 
هذا وللأمانة جهود سابقة ظهرت من خلال مؤتمرها الأول العام الماضى، حيث أوضحت من خلاله الاضطراب الكبير الذى يحدث فى مجتمعات الجاليات المسلمة من أبنائها الذين ينتمون للجماعات المتطرفة وتصدر منهم الفتاوى التى تعمل على تفعيلِ العنفِ فى تلك المجتمعات، ومن خلال ذلك المؤتمر عملت على تصحيح المفاهيم فى الخارج، ويأتى أيضًا هذا المؤتمر الثانى الذى يركز فى موضوعه على أثر الفتوى فى استقرار المجتمعات من خلال التزام الفتاوى الرشيدة التى تلتزم بالمنهج الوسطى وتعمل على سلامة وأمن المجتمع.
 
إن القائمين على الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم يطيب لهم فى هذا المقام توجيه خالص الشكر والتحية إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية، وذلك لدعوته الدائمة إلى ضرورة تجديد الخطاب الدينى، الأمر الذى حثنا على إنشاء الأمانة العامة، والعمل فيها بسعى حثيث على تكوين منظومة علمية نستطيع من خلالها النظر فى تجديد الخطاب الدينى، كما أننا نوجه خالص الشكر والتحية إلى فضيلة مفتى الديار المصرية الأستاذ الدكتور شوقى علام رئيس الأمانة لحرصه الدائم على النظر فى شؤون الأمانة العامة ورعايتها وتوفير الدعم اللازم للقيام بمهامها العالمية من أجل الدفع بالأمانة العامة إلى الأمام.
 
مستشار مفتى الجمهورية 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة