شكل الإعلامى الكبير حمدى الكنيسى، النقيب المؤسس لنقابة الإعلاميين، لجنة من أساتذة الإعلام والإعلاميين لكتابة ميثاق شرف إعلامى، وبعد جلسات مكثفة استمرت عدة أشهر، انتهت هذه اللجنة التى ترأستها د.منى الحديدى إلى صياغة ميثاق شرف إعلامى يُفترض أن يُطبق على أعضاء النقابة الوليدة، لكى يضبط الفوضى اللامهنية واللأخلاقية التى يقدمها البعض فى قنوات الإذاعة والتليفزيون العامة والخاصة.
ضمت اللجنة من أساتذة الإعلام د. ماجى الحلوانى، ود. محمود علم الدين، ود. حسين أمين، ود.حسن على، ود. هويدا مصطفى، ود.محمد شومان، كما ضمت من الإعلاميين الأساتذة إبراهيم الصياد، ونادية مبروك، ومجدى لاشين، ورشا نبيل، وحمدى متولى، ومحمد صلاح، والمخرجة أنعام محمد على، ومقرر لجنة الميثاق بالنقابة مصطفى متولى.
والحقيقية أن كل أعضاء اللجنة بذلوا جهودًا مضنية وتوافقية للتوصل إلى صياغة محكمة ودقيقة لمواد الميثاق، يمكن تطبيقها بدقة وسهولة وشفافية، وبعيدًا عن التفسيرات أو التأويلات الفضفاضة أو المراوغة.
وطرحت اللجنة مشروع الميثاق لحوار مجتمعى كانت نتيجته جيدة، كما ناقشه عدد من الزملاء الإعلاميين وخبراء الإعلام فى مقالات مهمة، كان من بينهم الخبير الإعلامى والصديق ياسر عبدالعزيز، الذى أثار فى ذكاء، عددا من الملاحظات اتفق معه فيها تمامًا، خاصة إشارته إلى أن أعضاء اللجنة- وأنا واحد منهم- قد تأثروا بالمناخ الذى يمر به الوطن وما تفرضه متطلبات الحرب على الإرهاب- واستخدموا مفهوما مراوغا هو الأمن القومى، ولا شك أن هذا التأثر أمر طبيعى، ولا يمكن الفكاك منه، فالفكر أو القانون تعبير عن معطيات واقع وظروف بيئة ومناخ سياسى وإعلامى، وهنا أود التأكيد على:
أولاً: نصت المادة السادسة من قانون إنشاء نقابة الإعلاميين على عدد من المبادئ العامة فى ميثاق الشرف الإعلامى للنقابة، كان من بينها احترام النظام العام والآداب العامة ومقتضيات الأمن القومى، كما أكدت على المسؤولية الاجتماعية للإعلاميين فى خدمة قضايا المجتمع، وبالتالى كان من الصعب أن تخرج لجنة إعداد ميثاق الشرف الإعلامى عن هذه المبادئ، أو تخرج عن بيئة ومتطلبات الحرب على الإرهاب.
ثانيًا: إن ميثاق الشرف الإعلامى المقترح لن يكون الأول والأخير، وإنما لا بد من إعادة النظر فيه وتجديده كل عشر سنوات- أو ربما سنوات أقل- بحيث يستوعب مستجدات الواقع المصرى والتغيير السريع فى تكنولوجيا الاتصال وبيئة الإعلام، من جانب آخر فإن الميثاق المقترح سيعرض على الجمعية العمومية لنقابة الإعلاميين فى أول انعقاد لها، وهى طبعًا لها الحق فى تعديل ما تشاء، كما أن المجلس الأعلى للإعلام قد يتدخل ببعض التعديلات بموجب المادة الخامسة من قانون إنشاء نقابة الإعلاميين.
ثالثًا: كنت أفضل شخصيًا عدم النص فى قانون إنشاء نقابة على مبادئ لميثاق الشرف الإعلامى، لأن فى ذلك قيدا على حق الإعلاميين من خلال نقابتهم فى كتابة الميثاق، ولم يكتف القانون بهذا القيد- وإنما وضع قيدًا أو لغمًا آخر، حيث نصت المادة الخامسة على أن يحكم عمل الإعلامى ميثاق شرف إعلامى يعده مجلس الإدارة، ويصدر بقرار من الجمعية العمومية بموافقة ثلثى الأعضاء، على أن يعرض على المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فور تشكيله لأخذ رأيه، وأعتقد أن أخذ الرأى هنا هو عملية مراوغة ومطاطة، فقد تتسع بحيث تشمل قيام المجلس الأعلى للإعلام بإدخال تعديلات قد تتعارض ورغبة الجمعية العمومية لنقابة الإعلاميين، صاحبة الحق الأصيل فى تقرير شؤون الإعلاميين.
رابعًا: نصت المادة الرابعة من قانون النقابة على أن تتولى نقابة الإعلاميين وضع وتطبيق الضوابط اللازمة لممارسة الإعلامى لمهنته بالاشتراك مع المجلس الأعلى للإعلام، وهنا لا بد أن يجرى تحديد ما المقصود بالاشتراك وحدوده، والسؤال: هل سيشارك المجلس الأعلى للإعلام نقابة الإعلاميين فى تطبيق ميثاق الشرف الإعلامى أم لا، وإذا شارك فما هى حدود هذه المشاركة؟ وأنا شخصيا مع إشراك ممثل أو أكثر من المجلس الأعلى للإعلام، ومن الهيئة الوطنية للإعلام، وممثلين عن المجتمع المدنى فى لجان التحقيق مع أعضاء نقابة الإعلاميين الذين قد يخالفوا ميثاق الشرف الإعلامى.
خامسًا: ضرورة التفكير فى آليات جديدة مستقلة لتطبيق ميثاق الشرف الإعلامى، لأن نجاح أى ميثاق رهن بالتطبيق والممارسة الفعلية فى أرض الواقع، ومهما كانت المبادئ جيدة وصياغة مواد الميثاق دقيقة، فإن كل ذلك لا معنى له بدون تطبيق صحيح وشفاف، وقد تعثرت تجربة نقابة الصحفيين المصرية فى تطبيق ميثاق الشرف نتيجة اعتبارات انتخابية، لأنه عندما يكون أغلب أعضاء لجان التحقيق والتأديب من أعضاء النقابة، فإنهم يتعرضون لضغوط من زملائهم ووساطات، وغالبًا ما كانوا يراعون أصوات من انتخبوهم، لذلك فإن التجارب الدولية تشير إلى ضرورة أن تكون أغلبية أعضاء لجان تطبيق ميثاق الشرف الإعلامى من غير أعضاء مجلس النقابة ومن خبراء إعلاميين «شيوخ المهنة» وقضاة وأعضاء فى هيئات تنظيم الإعلام، إضافة للمثلين عن المجتمع المدنى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة