آلاف الأقدام تسير أمامه وعيون ترصده طوال اليوم، اقتطع ذلك الركن على أحد الأرصفة ليلون الشارع بوروده الطبيعية والتى اختار لها زجاجات المياه الفارغة لتكبر فيها وتكمل حياتها.
لا يعتبر ذلك المشهد صورة تلخص مشروعاً لإحدى الرجال بل إنه حياة كاملة، افتراشه على الأرض والورود"مصدر رزقه" تتراص أمامه والراديو يدندن خلفه ولم يكتفِ بذلك بل استكمل رسالته فى الحياة وراح يرسل رسائل للمارة عبر اللوحات المعلقة خلفه.
صورة اليوم
"الحياة بلا حب.. كجسد بلا روح" واحدة من العبارات التى خطتها "عم محسن" على لوحة خلفه فى حجرته المفتوحة على الشارع، جلس يستطلع آخر الأخبار فى جرائد اليوم يستمع للأغنيات المحببة إلى قلبه فى الراديو العتيق الذى يمتلكه ويبيع الورد الذى استمد جماله من بساطة حياة بائعه.
لا تعرف الأسباب خلف جلسته تلك ولكن تتدبرها لتجد أنه لا يزال متمسكاً برائحة الجمال فى حياته ولا يزال يتابع ويعيش ويبيع الورد لمن يقدر قيمته، أتخيل حرص ذلك الرجل البسيط على جمع زجاجات المياه الفارغة لتكن حضن للورود حتى تكبر وتلمع أمام أعين المارة فيشتروها ويفتح باب الرزق له.
يسير يومه بشكل طبيعى حتى توقف عدسة الكاميرا الزمن عند تلك اللحظة التى يعبر فيها أمامه أحد المارة والذى يشبهه بشكل كبير ترك ما حوله وراح يتفكر فى ذلك الرجل"الرايق" الذى جلس يبيع"الجمال فى زجاجات" تاركاً هم الناس من حوله خلف ظهره، ربما يرى العابر فيه نفسه أو يسأل نفسه عن سبب تكوين ذلك المشهد الجميل رغم بساطة هيئته ويبحث فى ملامحه عما يشبهه، ربما تمنى ذلك المار لو كان "عم محسن" واحداً من أصدقائه لكان تغير الحال ولظل يبث الأمل والرضا بداخله آخذاً من روح الورود التى يبيعها ومن جمالها فيلون الحياة ويكمل دنيته.
لحظة تتوقف عندها عيناك لتلخص لك الجمال فى أبسط صوره وتضعك أمام مرآة تشاؤمك التى تسخط فيها كل صباح عن "حالك المايل"، ولكن بعد تلك اللقطة حقاً من يريد الجمال سيبحث عنه مهما عاندته الظروف ووقفت ضده الأيام بل وضاقت عليه وجعلت من رصيف أحد الشوارع مأواه الوحيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة