أكرم القصاص - علا الشافعي

عبد الفتاح عبد المنعم

كيف دمر اليمين المتطرف حرية المرأة فى الولايات المتحدة الأمريكية؟

الأربعاء، 01 نوفمبر 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى 2003 كشفت العديد من المنظمات النسائية الأمريكية كيف تدهورت أحوالهن فى الثلاثين عامًا الماضية، خاصة مع وصول الرئيس جورج بوش الأسبق، وهو الابن الشرعى للأفكار المتطرفة لحزب جمهورى يمينى مسيحى صهيونى متطرف لا ينظر بعين الرضا إلى إنجازات المرأة، ودورها على الصعيد العملى، سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وقانونيًا. ففى الولايات المتحدة، بلاد ما يسمى بالحرية والعدالة الاجتماعية، تظهر اليوم، أكثر مما مضى، ثغرات عميقة فى مجال احترام وتطور حقوق المرأة، تدل على مدى هشاشة حقوق وواجبات الإنسان «المقدسة» فى أمريكا، وهذا ما أكدته الدراسة التى أشرفت عليها العديد من المؤسسات النسائية الأمريكية، وحملت عنوان «المرأة الأمريكية.. حقوق على الورق»، ونشرتها الدوريات المتخصصة، وتمت ترجمتها فى مجلة «لها» العربية المتخصصة فى الشؤون النسائية، حيث قالت الدراسة: «زاهية ومضيئة الصورة التى تطل علينا من خلالها المرأة الأمريكية، تلك الصورة التى تغرى فتيات العالم عمومًا، وبخاصة- بكل أسف- فتيات العالم العربى، ببريقها الاجتماعى، إلى درجة أننا ننسى فيها أحيانًا أن الصورة الإعلامية لا تقدم صدق الواقع لمجتمع يتميز بالفردية والأنانية المطلقة».
 
صحيح أن المرأة الأمريكية قطعت شوطًا كبيرًا فى مجال تحقيق المساواة، ولكن إذا قمنا بتحديد معنى المساواة بين إنسان وآخر، نجد أن المرأة فى أمريكا تحتاج إلى أكثر من قانون مدنى لتكمل مسيرة هذه المساواة التى لا توجد فعلًا، إلا فى وسائل الإعلام وخطابات السياسيين الانتهازيين.
 
لقد تميّزت سنوات الستينيات فى الولايات المتحدة بجملة متغيرات اجتماعية مهمة، أنتجت على الصعيد النسائى ما يسمى بحركات حقوق وتحرر المرأة. وبصفتها المفترضة كدولة حقوق، شهدت أمريكا خوض المرأة معترك السياسة، حيث استطاعت من خلالها الحصول على قوانين تضمن حقوق المرأة فى تلك الفترة، وتسرِّع من وتيرة دخولها مختلف الميادين، خصوصًا العمل فى القطاعين العام والخاص.
 
وأضافت الدراسة: لقد غيّرت، من دون شك، تلك الحركات النسائية كثيرًا من عادات المجتمع الأمريكى التقليدى، وأصبح وجود المرأة، حتى فى مجالات العمل المنافية لفطرتها والمحظورة عليها سابقًا «الجيش والكنيسة»، أمرًا طبيعيًا، ففى كليات الطب والقانون والهندسة يكثر عدد الطالبات، ويبلغ النصف تقريبًا من المجموع العام، أما فى الألعاب الرياضية، فهى تمارس اليوم حتى الملاكمة وكرة القدم، على الرغم مما يتسم به ذلك من فظاظة وخروج عن المألوف، كما تدير النساء 25 فى المائة من مجموع الشركات الصغيرة فى البلاد، وفى الجيش الأمريكى توجد المرأة بنسبة 12 فى المائة من القوى العسكرية الفعلية، رغم ما يجره عليها ذلك من صعوبات تضاد فطرتها واحتياجاتها الطبيعية، وهى تتبوأ مراكز مهمة فى السلك الدبلوماسى والحياة السياسية.
 
أما فى الحياة العائلية، فتغيرت العلاقة بين الرجل والمرأة، خصوصًا فى الطبقة العاملة ذات الدخل المتوسط، حيث يعتبر عمل المرأة ضروريًا للحفاظ على حياة اجتماعية معينة لمركز مهنى معين، لذلك، ومع التسهيلات التى قدمتها الثورة الصناعية للعمل المنزلى، يسهم الرجل الأمريكى فيما تبقى من أعمال المنزل، لكن غالبًا ما تقوم المرأة وحدها بأمور تربية الأولاد والاهتمام بهم!
 
هذه اللوحة بألوانها الزاهية لوضع المرأة الأمريكية لا تشكل فى الواقع إلا جزءًا من الواقع الذى تعيشه.. إنَّ اليد العاملة فى أمريكا هى نسائية بنسبة 45 فى المائة من مجموع القوى العاملة، وعلى رغم ذلك ينقص راتب المرأة حوالى 24 فى المائة عن الرجل، وللعمل ذاته، ويزداد هذا التمييز فى الرتبة والراتب فى الأعمال التى تسمى «نسائية بحتة»، وتتعلق بأعمال التنظيف فى المؤسسات، والتعليب فى المصانع، والقطاف فى المواسم الزراعية، كما يسيطر الرجل الأمريكى على كل المراكز المهمة فى مؤسسات الدولة، السياسية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية. فهو وحده يقرر المشاكل التى تتعرض لها المرأة اجتماعيًا، كالعنف الجسدى والمعنوى، لأنه بكل بساطة يمثل القانون، ويعتبر العنف الذى تواجهه المرأة الأمريكية عائقًا كبيرًا أمام تطورها الاجتماعى، ومشكلة لا يمكن حلها أمام ما تعانيه من أنواع العنف والتمييز التى تنال من كرامتها، أما الضمانات الاجتماعية، كالحق فى التقاعد، والضمان الصحى، وتعويضات العطالة عن العمل، فهى كلها مجحفة بحق المرأة الأمريكية.
 
وبشكل عام تضطر غالبية النساء العاملات من مختلف الطبقات الاجتماعية- وحسب الدراسة- إلى التوقف لفترات عن العمل من أجل الاهتمام بطفل مولود حديثًا، أو للعناية بمريض من العائلة، وهى تفقد خلال فترة التوقف عن العمل كل المعطيات الاجتماعية، بما فيها الحق فى التقاعد والضمان الصحى، ففى أمريكا لا وجود للمساعدات الاجتماعية الخاصة بالمرأة والعائلة، وفى حالات نادرة تقدمها جمعيات خاصة، وهناك حوالى 41 مليون أمريكى، أى نسبة واحد على سبعة، ممن لا يملكون حق الضمان الصحى.
 
وفى غياب دور الحضانة الرسمية الخاصة بالأطفال، تعتبر عملية إيجاد حل لرعاية الأطفال كابوسًا حقيقيًا يشمل مختلف العائلات الأمريكية، حتى ذات الوضع الاقتصادى الجيد. وقد ناضلت حركات تحرر المرأة، إضافة إلى الجمعيات النسائية الأمريكية، لمدة عشرين سنة للحصول على قانون يضمن لكل امرأة حق التوقف عن العمل لمدة 12 أسبوعًا بداعى الأمومة، أو للعناية بطفل أو مريض من أفراد العائلة.. هذا القانون تطبقه فقط الشركات الكبرى، لكن النساء المستفيدات منه قليلات، لأن هذا النوع من الإجازات من دون راتب، والمرأة تملك فقط حق العودة إلى العمل، والاحتفاظ بمنصبها فى المؤسسة.
 
حاليًا، يواجه الوسط النسائى الأمريكى نوعًا من التهديدات الهادئة التى تمر من دون ضجة كبيرة، وتتسلل فى خلايا مؤسسات الدولة لتضرب المكتسبات التى حققتها المرأة على الصعيد السياسى والقانونى والاجتماعى، فالرئيس بوش وضع على رأس اللجان الفيدرالية وبين أعضائها عددًا من المسؤولين المحافظين المعروفين بعدائهم لحركات التحرر النسائية، هذه اللجان التى تهتم بدراسة مشاريع القوانين بدأت تغيّر كثيرًا فى المعطيات الاجتماعية الخاصة بالعائلة والمرأة فى أمريكا.. يتبع.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة