صعوبة الحرب ضد الإرهاب أن العدو ليس غريبا، ولا هو قوات احتلال أجنبية، لكنه من أبناء البلد، يتحدث نفس اللغة، ويسكن نفس المنطقة، ويجلس على نفس المقهى، ويركب نفس الأتوبيس، ثم نفاجأ به مقبوضا عليه أو قتيلا فى إحدى المواجهات مع قوات الأمن.. فنحن نحارب عدوا يتحرك بيننا دون أن ندرى، وأحيانا يحصل على الدعم والمساندة من عائلته أو أبناء منطقته.
من الممكن أن تطارد أسدا، ولكن من الصعب أن تلهث وراء فأر، وتطهير الجحور أصعب بكثير من حروب الجبهات المكشوفة، وتزداد الصعوبة إذا حصل الإرهابيون على دعم مادى لوجستى يمكنهم من تمويل عملياتهم الإجرامية، فبجانب صعوبة الحصول على الأسلحة والقنابل والمتفجرات، تحتاج هذه الأدوات نفقات مالية كبيرة.
والإرهاب الذى تتعرض له مصر، لم يعد عمليات هواة كما كان فى فترات سابقة، ولا مجموعة من التنظيمات المحلية، ولكنه شبكة كبيرة تديرها أجهزة مخابرات خارجية، وتوفر للإرهابيين أموالا طائلة، وترسم لهم الخطط وتوقيت التنفيذ، والملاحظ أن كل عملية إرهابية تحدث فى مصر، ترتبط بحدث معين.
عملية الواحات الإرهابية الأخيرة، ارتبطت بمجموعة من الإنجازات الداخلية والخارجية التى تحققت، وتزامنت مع افتتاح عديد من المشروعات الاقتصادية، وجاءت فى ذكرى الانتصار العظيم لحرب أكتوبر، وأعقبت مجموعات من النجاحات فى الملفين الفلسطينى والسورى، وبعد زيارات ناجحة لرئيس الجمهورية فى الصين وفيتنام وأمريكا وقبل زيارته لفرنسا بأيام.. والعقول التى تدير معركة الشر ضد مصر لا تريد ذلك.
كان مخططا أن تنهزم البلاد سياسيا، لتلحق ركب الدول المنهارة، فحدث العكس وتماسكت ووقفت على قدميها، وبدأت تسترد مؤسساتها، وكان مأمولا أن يُفكك جيشها، فتماسك الجيش وضاعف قواته وحفظ البلاد، وكان فى حسبان الأشرار أن تتكرر 25 يناير وتعود الفوضى، فصمد المصريون وتماسكوا رغم ظروف الأزمة الاقتصادية والصعوبات المعيشية.
كان مخططا لمصر السقوط ليكتمل مخطط تقسيم المنطقة، فاستعصت عليهم، واستردت قوتها وأعادت إحياء الأمل فى بغداد وصنعاء وطرابلس ودمشق، أمل أن تعود هذه الدول قوية بعد أن مزقتها الحروب الأهلية.. أى أن مصر التى كان مخططاً لها السقوط عادت لتمنع مؤامرات السقوط.. فلن يتركوها فى حالها.