حسمت الحكومة البريطانية، اليوم الجمعة الجدل حول خروجها من الاتحاد الأوروبى، بعد أن أعلنت لندن أن البلاد ستخرج من الاتحاد الأوروبى فى 29 مارس 2019 عند الساعة 23,00 ت غ وذلك بموجب تعديل سيطرح ضمن مشروع قانون بريكست الذى لا يزال قيد الدراسة فى البرلمان.
وصرح وزير بريكست ديفيد ديفيس: "يقول التعديل الذى تقدمنا به بوضوح أن المملكة المتحدة ستخرج من الاتحاد الأوروبى فى 29 مارس 2019 عند الساعة 23,00 ت غ".
وقالت وزارته أن بعض النواب أعربوا عن القلق من أن موعد تطبيق بريكست ليس مدرجا فى القانون.
تيريزا ماى
وأوضح ديفيس: "لقد استمعنا الى الرأى العام والبرلمان وطرحنا هذا التعديل لتفادى أى التباس".
بعد تصويت البريطانيين لصالح بريكست فى استفتاء فى يونيو 2016، تقدمت رئيسة الحكومة تيريزا ماى بطلب رسمى فى 29 مارس لخروج بلادها من التكتل، وأطلقت بذلك مرحلة مفاوضات تستمر عامين قبل موعد الانسحاب الرسمي، وفى كلمة فى فلورنسا فى 22 سبتمبر الماضى، كررت ماى رغبتها باتمام بريكست بحلول 29 مارس 2019.
لكن المثير للاستغراب هو الساعة التى اختارتها الحكومة، إذ كان المسؤولون الأوروبيون يتوقعون أن تكون عند منتصف الليل بتوقيت لندن، لكنها ستكون بتوقيت بروكسل أى أبكر بساعة بتوقيت لندن.
التعديل سيتم إدراجه ضمن مشروع قانون الخروج من الاتحاد الأوروبى، الذى سيخضع لمراجعة معمقة على مستوى اللجان، اعتبارا من الثلاثاء 14 نوفمبر، ومن المفترض أن يضع مشروع القانون الذى يعتبر حاسما فى عملية الخروج من الاتحاد الأوروبى حدا لسيادة التشريعات الأوروبية فى القانون البريطانى.
واستأنفت المحادثات حول عملية بريكست، أمس الخميس، فى بروكسل بين الاتحاد الأوروبى وبريطانيا بدون آمال كبيرة بتحقيق اختراق، ووسط أجواء من القلق إزاء الهشاشة المتزايدة لحكومة تيريزا ماى.
وتعتبرهذه الجولة السادسة التى تجرى فى مقر المفوضية الأوروبية مقتضبة، حيث تنتهى الجمعة بمؤتمر صحفى مشترك بين كبير مفاوضى الاتحاد الأوروبى ميشال بارنييه، ونظيره البريطانى ديفيد ديفيس.
البريكست
وكان بارنييه قد حذر الأربعاء فى تغريدة من أنه من الضرورى "تحقيق تقدم أكبر على صعيد ثلاثة مواضيع رئيسية"، وأرفقها برسم بيانى يشرح الشروط الأوروبية للموافقة على بدء المحادثات التجارية التى تطالب بها لندن بالحاح.
المسائل الثلاث المعنية هى التسوية المالية الشائكة لبريكست ومصير حقوق الأوروبيين المقيمين فى بريطانيا والبريطانيين المقيمين فى الاتحاد الأوروبى والمقرر فى أواخر مارس 2019 وتبعات خروج بريطانيا من التكتل على إيرلندا.
يشترط الاتحاد الأوروبى تحقيق "تقدم كاف" حول هذه الملفات لبدء التباحث مع لندن حول مرحلة إنتقالية محتملة بعد بريكست، كما ترغب بذلك ماى، وحول مستقبل العلاقات التجارية بين الجانبين.
كان الأوروبيون، قد ذكروا بموقفهم خلال الاجتماع الأخير للمجلس الأوروبى فى أكتوبر، وأرجأوا إلى القمة المقبلة المقررة فى أواسط ديسمبر إمكان الاشارة إلى تقدم كاف من أجل إطلاق المرحلة الثانية من المفاوضات.
وحذر مصدر دبلوماسى فى الاتحاد الأوروبى من أنه "فى حال عدم إنهاء كل شىء بحلول نهاية نوفمبر أو الاسبوع الأول من ديسمبر، فان (هذا الاحتمال) سيتأجل إلى فبراير أو مارس".
وتابع هذا المصدر: "لسنا بحاجة الى خطابات بل الى التزامات خطية من قبل البريطانيين"، مشددا على أن الجولة السادسة التى تبدأ الخميس ستكون "شفهية فقط" ولن تستمر سوى "يوم ونصف اليوم".
من جهتها، تعتبر الحكومة البريطانية أنها قامت بخطوة كبيرة عندما قدمت اقتراحات لضمان حقوق الأوروبيين الراغبين فى البقاء فى المملكة المتحدة بعد بريكست.
إلا أن مجموعة النواب الأوروبيين الذى يتابعون بريكست بقيادة الليبرالى غى فيرهوفشتات لفتت الأربعاء إلى ضرورة "حل مشاكل مهمة" فى هذا الملف، الخلاف الرئيسى الآخر يتعلق بقيمة الأموال التى يتوجب على بريطانيا سدادها للوفاء بالتزاماتها المالية إزاء الاتحاد الأوروبى.
كان رئيس البرلمان الأوروبى انتونيو تاجانى أشار مؤخرا إلى أن الفاتورة تتراوح بين "50 و60 مليار" يورو مؤكدا للمرة الأولى تقديرات غير رسمية تم تداولها فى بروكسل، وندد بـ"المبلغ الزهيد" الذى إقترحه لندن.
البرلمان البريطانى
الا أن الأوروبيين أرادوا رغم كل شىء القيام بمبادرة خلال قمتهم فى اكتوبر ووافقوا على إطلاق "التحضيرات الداخلية" للمفاوضات حول العلاقة المستقبلية مع المملكة المتحدة، وتباحث ممثلو الدول ال27 الاعضاء فى الاتحاد الأوروبى فى الموضوع للمرة الأولى خلال إجتماع الأربعاء فى بروكسل.
ويشدد مصدر دبلوماسى على أن الهدف هو "ان نكون مستعدين من أجل المضى قدما بشكل سريع" فى حال تم تحقيق "تقدم كاف" فى ديسمبر، لكن "ذلك لا يفرض أى حكم مسبق إطلاقا على المواضيع التى سيتم التباحث بشأنها"، مشددا على أن إطلاق المرحلة الثانية من المفاوضات لا تزال بعيدة المنال.
وتابع المصدر أن العمل التحضيرى بين الدول ال27 حول العلاقة المستقبلية "لا يزال نظريا جدا"، طالما لم يكن الاتحاد راضيا عن المرحلة الأولى وطالما "ليس لدينا صورة واحدة عن طبيعة العلاقة المستقبلية التى تريدها لندن"، وما يزيد من تشاؤم الأوروبيين الهشاشة المتزايدة لماى مع أنهم قالوا أنهم يفضلون التفاوض مع "شريك أقوى".
وتعانى ماى من إنقسامات داخلية حول شروط بريكست وما يزيد من هشاشة موقفها استقالة عضو جديد فى حكومتها الاربعاء إثر لقاءات مع مسؤولين اسرائيليين غير مصرح عنها.
وتقدمت بريتى باتيل وزيرة التنمية الدولية البريطانية باستقالتها فى نفس الاسبوع بعد وزير الدفاع مايكل فالون الذى استقال فى مطلع نوفمبر بسبب فضيحة تحرش جنسى تهز الطبقة السياسية وتهدد باسقاط مقرب آخر من ماى هو نائبها داميان غرين وكذلك وزير الدولة للتجارة الدولية مارك غارنيير.
وقال رئيس المجلس الأوروبى دونالد توسك، أكتوبر الماضى إن الحكومة البريطانية مازال بمقدورها إن تلغى برنامج خروجها من الاتحاد الأوروبى المعروف بـ(البريكست)، وذلك تعليقا على تصريحات رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، التى قال خلالها أن "الرافضين للتوصل لاتفاق" ليس لديهم أصدقاء فى بروكسل.
وحذر توسك فى تصريحات نقلتها صحيفة (تليجراف) البريطانية قادة الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى من أنهم سوف يهزمون فى محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى ما إذا تفككت وحدتهم.
وأضاف "لا أحد يستطيع أن يقسم الدول الأوروبية فى هذه المفاوضات، ولا يزال أمامنا أصعب اختبار، وإذا فشلنا فإن المفاوضات ستنتهى بهزيمتنا".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة