فرق كبير بين أن تعارض نظاما يحكمنا وأن تعارض وطنا نحتمى به، فرق كبير بين أن تلوم حاكما أو تعارضه أو حتى تناصبه العداء، وأن تقف لوطنك بالمرصاد تحبطه كلما أراد أن ينهض، وتكسر أقدامه كلما أراد أن يقوم، فى الأول أنت وطنى تريد الخير لوطنك سواء كنت على صواب أو على الخطأ، وفى الثانى أنت خائن لوطنك وأرضك وشعبك الذى تدعى أنك تدافع عنه.
تلك أعتبرها من «مسلماتى» الوطنية، أنت مصرى فى المقام الأول، فالواجب هنا ألا تلتزم بأى شىء يعادى هذه الصفة أو يريد أن يمحوها أو يضر بها، ولهذا الوطن ثوابت لا يستوى إلا بها، شعب ونيل وجيش وتاريخ، وعلى هذا فإن من يعارض هذه الثوابت أو يضر بها هو عدو لا خلاف فى هذا ولا فصال.
تلك مسلماتى التى أومن بها ولا أتخيل أن هناك مصريا حقيقيا يعادى هذه «الثوابت»، لو كان هذا الشعب فى أعلى عليين فهو شعبى ولا أريد له إلا الرفعة فى الشأن والزيادة فى العلو، ولو كان فى أسفل سافلين فهو شعبى أيضا، لا أريد له سوى النجاة من وضعه والنهوض إلى أعلى المراتب، وما ينطبق على الشعب ينطبق على بقية الثوابت، نيل وجيش وتاريخ، هذا بيتى ومن واجبى أن أحميه إن تعرض للخطر، هذا عرضى ومن واجبى أن أصونه حتى لو تأذى، هذه شعبى ومن واجبى أن أدفعه إلى الخير حتى ولو أساء بين الظن، هذا «لحمى» الذى يجب على أن أستره إن تعرى.
فى أكثر من مقال هاجمت من يهاجمون تسليح الجيش المصرى وأشهرهم مقالان الأول بعنوان «إنهم يسلحون القوات المسلحة» والثانى بعنوان «اللى يحتاجه الجيش يحرم على الجامع» وقلت إن لوم الجيش المصرى على مضاعفة عدته وعتاده هو بالنسبة لى وقاحة صرفة لا يفعلها إلا جاهل أو خائن، ووقتها فتح على أصحاب الأفواه العفنة والنوايا السوداء والأكاذيب المضللة نيران سبابهم التى تنتهى عندى إلى أقرب سلة نفايات، لكنى تذكرت هذه المقالات الآن بعد أن فشلت المفاوضات مع إثيوبيا حول سد النهضة ولم يتبق لنا إلا التصعيد، فكيف يرى مهاجمو تسليح الجيش المصرى الآن أنفسهم، وهم الذين أرادوا أن ينزعوا من الأسد مخالبه وأسنانه، سؤال ربما يعجز عن الإجابة عليه كل من «عصام حجى» و«خالد على» ومن على شاكلتهما.